انضم أطفال رباب أبو صيام، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 و 8 سنوات، هذا الأسبوع إلى قائمة الأطفال الذين كانوا شاهدين على مقتل والدتهم، الأمر الذي سيرافقهم مدى الحياة!

قصة رباب او صيام كان معروفة للشرطة، والتي فضلت أنّ تقترح عليها حلول تحد من حركتها هي، حركة الضحية وليست الجلاد المعروف بسبب التهديدات المتواصلة لها! في بداية الأمر، تجاوبت ابو صيام مع مساعي حمايتها إلا أنها قررت في النهاية أنّ العيش بدون حرية، بدون خوف متواصل، لا يستحق ابدًا وواجهن قالتها ببسالة.

وفق شهود العيان، ابو صيام احتضنت ابنتها وحمتها اثناء اطلاق النار عليها، ولم تقم بالتصدي للقاتل، الأمر الذي حاولت القيام به العائلة.

إمرأتان قتلتا الإسبوع المنصرم، 11 سيدة منذ بداية العام، 7 منهن عرب، واخرى تطلب منها الشرطة التوجه إلى سكن آمن يحد من حركتها ليبقى قاتلها يعيش حالة طبيعية!

تشير التقديرات إلى أنّ نصف النساء اللواتي قُتلن في العقد الماضي على يد أحد أفراد الأسرة كن معروفات لدى خدمات الرعاية الاجتماعية، وحوالي ثلثهن قد تقدمن بشكاوى للشرطة بشأن عنف من قبل شركائهن.

كما وتشير المعطيات أنه من بين سبع نساء عربيات قُتلن هذا العام، تم حل حالتين فقط. وبحسب دراسة أجرتها المحامية شيرين بطشون لجمعية نساء ضد العنف بالشراكة مع جمعية الطفولة ولوبي النساء، فإن نسبة النساء العربيات في السكان تبلغ 19٪ من جميع النساء في سن 18 وما فوق - وتبلغ نسبتهن بين القتلى اعلى بثلاث مرات تقريباً (58%)، وتصل نسبة النساء العربيات في ملاجىء ضحايا العنف المنزلي إلى 45%.

قاتل يهودية؟! احكام أقل

تكشف المقارنة في التعامل مع قضايا القتل بين النساء اليهوديات والعربيات على مدى عقد من الزمن، بين 2008-2018، عن تمييز شديد. بلغت نسبة جرائم قتل النساء العربيات التي لم يتم حلها 84٪ من بين جميع القضايا التي لم يتم حلها.

وتشير المعطيات أنّ نسبة لوائح الاتهام بقتل النساء اليهوديات كانت 94٪، في حين تم تقديم 56٪ فقط من لوائح الاتهام لقتل نساء عربيات. وتبلغ نسبة الإدانة في قضايا قتل النساء اليهوديات 75٪ مقابل 34٪ فقط للنساء العربيات.

كما تم الحفاظ على التفاوت فيما يتعلق بالأحكام: في حين أن الحد الأدنى لعقوبة الإدانة بجرائم القتل أو القتل مع الإصرار والترصد للنساء اليهوديات كان 14-18 عامًا، بالنسبة للنساء العربيات فقد بلغ 5.5 سنوات فقط.

معادلة الحياة والحرية

وفي تعليق على الموضوع، قالت نائلة عواد، مديرة جمعية نساء ضد العنف: هذه المعطيات تؤكد على التعامل مع الجريمة في المجتمع العربي بشكل عام وتسلط الضوء على قتل النساء بشكل خاص. توجه الشرطة إلى المحكمة لإجبار النساء على التوجه إلى ملاجىء يدل على مدى تقاعسها في التعامل مع الجريمة وحل المشكلة بصورة جذرية تجاه النساء المعنفات.

وأوضحت: دولة التي تتباهى بقدرتها على الكشف والتعامل مع ملفات أمنية، يمكنها الكشف عن حالات قتل النساء قبل حدوثها، من غير المقبول والمعقول ادخال النساء إلى معادلة الإختيار ما بين حريتها وحياتها، فحق النساء أن تعيش وبكامل الحرية.

نحن ندير مأوٍ من 30 سنة، نشهد أنّ المأوى آمنة، لكن دخول المرأة إلى المأوى دون رغبتها يتحول إلى سجن ولا يمكن المرور عليه مرور الكرام. توجهنا إلى كافة الأطر في جمعية نساء ضد العنف وسنتابع الموضوع حتى وقفه.

نظام مشوه

وقالت المحامية حنان الصانع، مديرة مركز حقوق المرأة العربية في النقب في جمعية "ايتاخ- معاكي"- حقوقيات من أجل العدالة الاجتماعية: معطيات رهيبة، تُقتل امرأة لمجرد كونها امرأة وتترك وراءها مجموعة من الضحايا والأسرة الممتدة والأطفال الذين يفقدون أثمن شيء لهم. من السخف أن تصبح المرأة التي تريد الطلاق أو تطلب النفقة لإطعام أطفالها هدفًا لمنظمات إجرامية وتدفع حياتها لأن هناك من لا يحب طلباتها المشروعة.

وأوضحت: النظام برمته مشوه، بالرغم من أن المرأة هي التي تتأثر بالعنف، فهي التي تضطر لمغادرة المنزل بحثًا عن مأوى أو الهروب لأن الشرطة غير قادرة على حمايتها وأطفالها من المنظمات الإجرامية أو من الزوج العنيف. من ناحية أخرى، يتجول الرجل العنيف، وهو العامل الإشكالي، بحرية دون علاج، وبدون قيود إلكترونية وفي كثير من الأحيان دون عقاب. نظرًا لأن كمية الأسلحة في الحيز العام آخذة في الازدياد - فإنها تعرضنا جميعًا للخطر، وبالتالي يجب اتخاذ إجراءات ضد تسليح المدنيين. إن العنف مهمة وطنية يجب وضعها في مقدمة أولوياتنا جميعًا، فقط إذا توحدنا حول هذه القضية يمكننا وقف تدمير الأبرياء وتلك العائلات التي تفقد أمها أو ابنتها أو أختها.

توسيع خدمات الشرطة 

اما نائبة المدير في صندوق مبادرات إيراهيم، علا نجمي، فقالت لـ "بكرا": النساء العربيات المعنفات يجدن انفسهن بين المطرقة والسندان في بعض الاحيان، نسمع كثيراً في الأونة الأخيرة عن حالات قتل راح ضحيتها نساء كانت هويتهن معروفة للشرطة ولمكاتب الخدمات الاجتماعيه ومؤسسات الدولة والقضاء، ومع ذلك لم يمنح لهن الحماية، إن وسائل حماية النساء المحدودة الموجودة في البلاد والحلول المقترحة من قبل السلطات تتوجه بشكل خاص للنساء بإخراجهم من دائرة العنف عن طريق ابعادهم عن حيز سكانهم مع بقاء الرجل العنيف حر طليق وبدون أي علاج لا من قِبل الشرطة ولا من قِبل المؤسسات العلاجية، وفي هذا تُعنف المرأة مرتين، وهنا يسأل السؤال ما هي الحلول البديلة المطروحة للمساعدة في منع الجريمة القادمة مع بقاء المرأة في حضن مجتمعها وعائلتها، أتى الوقت أن توفر وتوسع الدولة سلة الخدمات والحلول للنساء المعنفات بالتعاون مع المؤسسات الفاعلة والمختصة بهذا الصدد في المجتمع العربي، وأن تقوم الشرطة بدورها على أكمل وجه، وللمجتمع العربي دور أيضاً في تغيير الأفكار المسبقة حول ملاجئ النساء المعنفات والخدمات العلاجية المتوفرة، بالاضافه الي كل هذا على الدولة ايضاً تقع مسؤولية التفكير خارج الصندوق من خلال توفير خدمات للرجال العنيفين من ضمنها وسائل تكنولوجيه التي تراقب تحركات الشخص العنيف، و خدمات علاجية في ملاجئ مغلقه ومخصصة لعلاج الرجال العنيفين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]