وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل، ظهر الأربعاء، ضمن زيارة إقليمية توقّع مختصون سياسيون أنها لن تقدم للقضية الفلسطينية شيئًا، بل تهدف لدعم "إسرائيل" عبر تشكيل "ناتو شرق أوسطي" يمثل درعًا عربيًا من الدول المطبعة لضمان تسيّد الاحتلال وحمايته في المنطقة.
ووفق مصدر سياسي إسرائيلي؛ فإن الزيارة ستشهد "بياناً تاريخياً لم نشهده منذ عقدين"، وستشمل التوقيع على ما يسمى "إعلان القدس" الذي يتناول عدة نقاط تتعلق بالملف الإيراني وبرنامج طهران النووي ودعم وضمان تميز "إسرائيل" في المنطقة ضد أعدائها.
وبعد زيارته للكيان وبيت لحم، سيتوجه بايدن إلى السعودية.
وخلال تعليق له على تلك الزيارة، قال مسؤول إسرائيلي رفيع: "لا يمكننا تخيل هذه الثورة في الشرق الأوسط دون تطبيع علاقات إسرائيل مع دول الجوار بما في ذلك الرياض، ونحن نسير بتؤدّة في ذلك الاتجاه، فالعلاقات مع المملكة حساسة وهشّة للغاية".
وعدّت فصائل فلسطينية زيارة الرَّئيس بايدن للكيان "دعمَا للاحتلال، ومحاولة مرفوضة لدمجه في المنطقة".
كما حذّرت من خطورة الأجندات التي تحملها هذه الزيارة، ومحاولات دمج الكيان في المنطقة وتوسيع دائرة التطبيع معه، "ما يشكل تحدياً جديداً لأمن المنطقة واستقرار شعوبها، التي ما زالت تعاني من التدخلات الأمريكية والمشروع الصهيوني ".
"شراء الوقت"
الكاتب إبراهيم حبيب، قال لوكالة "صفا"، إن الزيارة تأتي لشراء الوقت والهدوء لأجل دعم وحماية "إسرائيل" من خلال تشكيل حلف تتزعمه الأخيرة.
وأوضح الكاتب أن الزيارة لم تكن على جدول أعمال الرئيس الأمريكي في هذه المرحلة، "ويبدو أنه جرى الترتيب لها على عجل، وهذا مرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية وأهمها الملف النووي الإيراني".
وفيما يخص الملف الفلسطيني، فإن حضوره بروتوكوليٌ فقط على الطاولة، -وفق حبيب-، إذ أن "دول التطبيع تجاوزت الملف الفلسطيني، في وقت تعتبر زيارة بايدن لمدينة بيت لحم "دينية" وسيلتقي في غضونها الرئيس محمود عباس".
وسيمكث بايدن أربعة أيام في الكيان سيفتتح خلالها المجمع الدبلوماسي في القدس، "والذي سيكون مركز القيادة والتحكم في المنطقة بعد تشكيل الحلف الذي تنوي الولايات المتحدة إطلاقه بمشاركة دول عربية وزعامة إسرائيل لمواجهة ما تسميه خطر أعداء تل أبيب"، كما يعتقد الكاتب.
وأضاف: "السلطة الفلسطينية محبطة ولها مطلبين؛ الأول محاولة فتح أفق سياسي للتفاوض مع إسرائيل من جديد والذي ترفضه قيادة الاحتلال، والمطلب الثاني تعزيز الوضع المالي المتدهور للسلطة، وفي المقابل؛ تتعامل الإدارة الأمريكية مع السلطة من منظور أمني لكبح جماح المقاومة الفلسطينية".
وبيّن الكاتب أن زيارة بايدن إقليمية أكثر منها عربية وفلسطينية لتشكيل درع واقٍ وحماية عربية لـ"إسرائيل"، خاصة بعد نقلها مركز ثقلها من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى لمواجهة الصين، وإعادة التموضع للولايات المتحدة وإيجاد بديل لحماية الكيان.
"ناتو شرق أوسطي"
من جانبه، قال الكاتب والمحلل المختص بالشأن الفلسطيني أحمد الكومي لـ"صفا" إن زيارة بايدن تُعدّ امتدادًا لزيارات الرؤساء الأمريكيين للمنطقة، ولوعود ومقترحات "السلام وحل الدولتين والازدهار" التي لم تحقق أي نتائج مرجوة، مشيرًا إلى أن "السلطة تلهث خلف رهان خاسر مجددًا".
وأضاف: "الزيارة لن تضيف أي شيء للقضية الفلسطينية، وعلى العكس ستلحق الضرر بها من خلال زيادة الدعم لإسرائيل، والموافقة والسكوت عن انتهاكاتها وإجرامها بحق الشعب الفلسطيني ومنحها الغطاء لمصادرة وسرقة الأراضي والحقوق الفلسطينية".
واعتبر أن "الزيارة من حيث أهدافها واضحة، وفي مقدمتها تطبيع الكيان الإسرائيلي مع محيطه العربي في المنطقة وتشكيل ناتو شرق أوسطي لدمج الكيان وضمان تسيده في المنطقة وتمكينه لمواجهة التحديات التي يواجهها وفي مقدمتها الخطر الإيراني كما يزعمون".
ولفت إلى أزمة الطاقة التي تهدد الديمقراطيين الأمريكيين، خاصة أن بايدن مقبل على انتخابات نصفية في نوفمبر المقبل، "وهذا ما يدفعه لزيارة المنطقة في ظل أزمة الغاز والطاقة في العالم بعد الحرب في أوكرانيا".
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي الديمقراطي لا يحمل رؤية سياسية للمنطقة وللقضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه "يريد شراء مزيد من الهدوء عبر منح اقتصادية ومالية للسلطة مقابل بعض الوعود السياسية الفارغة".
ولفت إلى أن الحديث يدور عن (200 مليون دولار) والسماح بإدخال منظومة "G4" لأراضي السلطة "التي عليها ألا تعلق آمالًا كبيرة على هذه الزيارة وإنما لعكس مسارها باتجاه تدعيم الوحدة مع شعبنا وتجديد وتحديث قواعد الاشتباك مع الاحتلال والضغط عليه".
[email protected]
أضف تعليق