في الوقت الذي تلوح فيه في الافق انتخابات مبكرة للكنيست، بل اصبحت قاب قوسين او ادنى، بدأ اهالي النقب الاستعداد لذلك، وهم يطلبون من الان من القائمتين العربية الموحدة والمشتركة، إدارج ممثل عن النقب في مكان مضمون في كل منهما.

في الاونة الاخيرة اصيب اهالي النقب بحالة من اليأس والاحباط بسبب الاعتداءات المتكررة التي تعرضوا لها لا سيما ارتفاع وتيرة هدم البيوت ومصادرة الاراضي، وكانت احداث سعوة في يناير 2022 هي القشة التي قصمت ظهر البعير، ما ادى بالاهالي الي الشعور بعدم الثقة بتصدي الاحزاب العربية في الكنيست للهجمة والتحريض ضدهم من قبل اليمين المتطرف واعوانه، وبالتالي وجدوا ان ما يحتاجون اليه هو النضال الجماهيري البحت والمتابعة القانونية بكل ما يمكن من جوانب قد تؤدي الى تحصيل بعض من حقوقهم المنتزعة.

يرى كثيرون ان الانتخابات القادمة قد تكون فيصلا في حياة كافة الاحزاب العربية المشاركة، وسيكون النقب هو مفاجأة الانتخابات، حيث ان هنالك من يرى ان نسبة المقاطعة هذه المرة ستكون الاعلى، بالذات في صفوف الاشخاص غير المؤطرين حزبيا وهم الغالبية العظمى من سكان النقب، ورغم الاعلان من قبل القائمة الموحدة عن بعض الشخصيات كمرشحين لها لتمثيل النقب، بالاضافة الى اعلان السيد وليد الهواشلة رئيس المؤتمر العام للحركة الاسلامية ومدير كتلة الموحدة عن نيته الترشح في الموقع الثالث في القائمة، حيث يرى البعض ان لديه الخبرة السياسية الكافية وقد يحظى بتأييد كبير كونه كان مرافقا دائما للنائب سعيد الخرومي رحمه الله ومتابعا عن كثب لسياسة عمله، الا ان فريقا يرى في هذا الترشح محاولة من قبل الموحدة لجعل العملية الانتخابية في النقب عشائرية بحتة، بعد شعورها بانخفاض شعبيتها بين صفوف الاهالي، ويدعم هذا التوجه قرب انتخابات المجالس المحلية ايضا، وقد يستخدم اسلوب (ادعمني وادعمك) للوصول الى النتائج المطلوبة.

حسين العبرة: "النقب يطالب بتمثيل حقيقي وتوقعات بأن تكون الانتخابات القادمة مفاجأة للجميع"

الناشط السياسي حسين العبرة عضو حزب الجبهة الديمقراطية وابن مدينة رهط قال :" سعيد الخرومي كان احد الاشخاص الناشطين بالنسبة للنقب، واعتقد اليوم يحق للنقب ان يكون له تمثيل حقيقي يدافع عن قضاياه لانها تهم كافة الجماهير العربية، ومع ذلك اعتقد انه ستكون هناك حملة مقاطعة كبيرة بالنقب بسبب تهميش النقب من قبل الاحزاب العربية بينما الاحزاب الصهيونية ستأخذ نصيب هذه الاحزاب من النقب،
في النقب اشخاص كثر على وعي عالٍ كالمرحوم سعيد الخرومي وساسيون مثل المرحوم سعيد وربما اكثر منه، لكن للأسف هنالك قياديون يعتقدون ان النقب مخزن أصوات فقط".

صقر ابو سريحان: "هدفنا واحد وهو ان نضمن وجود ممثل عربي من اهل النقب لان التحدي كبير جدا"

الناشط السياسي صقر ابو سريحان ابن قرية تل السبع ورئيس منتدى تل السبع بلدي قال ان: "هدفنا واحد وهو ان نضمن وجود ممثل عربي من اهل النقب لان التحدي كبير جدا والمشاكل التي يعاني منها النقب هي مشاكل وجودية وعلينا وضع انسان ملائم لهذا المنصب".

"هذه المطالبات كانت دائما مطروحة على مر انتخابات الكنيست السابقة، ولكن بعد وفاة النائب سعيد الخرومي رحمه الله من القائمة العربية الموحدة، بقي النقب دون ممثل في الكنيست الرابعة والعشرين، الشيء الذي يقلق الكثير من السكان حيال استمرار هذا الوضع".

سويلم العمرني: "إذا لم يكن لنا ممثل رسمي يتكلم في قضايا النقب، يجب علينا مقاطعة الانتخابات"

يقول سويلم العمرني نائب رئيس مجلس محلي شقيب السلام:" اهل مكة ادرى بشعابها ونحن لدينا مشاكل كثيرة، سواء في التعليم او البنى التحتية او العمل او في العنف وتفشي الجريمة، فإذا لم يكن لنا ممثل رسمي يتكلم في قضايا النقب، يجب علينا مقاطعة الانتخابات والتوجه الى احزاب غير الاحزاب العربية".

ومن اجل الضغط لتنفيذ هذا المطلب اعلن قبل ايام في النقب عن اقامة حزب جديد يضم شخصيات مرموقة للتنافس في انتخابات الكنيست المقبلة، وعلى رأس هذا الحزب الرئيس السابق لبلدية رهط السيد طلال القريناوي، الذي مر بأزمة صحية بالتزامن مع الاعلان عن الحزب.

نايف ابو عرار: "قررنا انه يجب علينا عمل شيء لصالح النقب وان لا نكون في صفوف المتفرجين فقط"

وقال نايف ابو عرار رئيس المجلس المحلي عرعرة النقب واحد مؤسسي الحزب الجديد في النقب الذي حمل اسم (مستقبل النقب):" انا احد مؤسسي هذا الحزب، تحاورنا وتناقشنا في موضوع النقب ككل، ونجده هذه الفترة يتيما مهمشا، وهو الذي يقطنه ما يصل الى 330الف نسمة، وبالتالي قررنا انه يجب علينا عمل شيء لصالح النقب وان لا نكون في صفوف المتفرجين فقط، وبالتالي نحن مجموعة تريد تنظيم النقب وبناء مؤسسات فيه لا ان نكون كالايتام على موائد اللئام، ونريد من خلال هذا الحزب ان نمثل قضايا النقب التي نعيشها يوميا، ومن هذا المنطلق قمنا باقامة هذا الحزب مستقبل النقب، ونحن لا نزال في مشاورات يومية وهذا الامر نعمل عليه منذ حوالي سنة تقريبا، جميع الاحزاب تنظر للنقب على انه مخزن للاصوات، لذلك هناك جهات رأت في اقامة هذا الحزب كالصاعقة التي نزلت عليهم، وهنالك من يؤيد وجوده، رضى الناس غاية لا تدرك وقد لا نرضي كل النقب، ولكننا نعتقد ان صوت النقب يجب ان يكون للنقب، كان يمثلنا الاخ سعيد الخرومي رحمه الله ولكننا فقدناه للاسف، لذلك لا بد ان نمثل انفسنا وقضايانا بأنفسنا".

صقر ابو سريحان: "علينا ان لا نخاف من اقامة حزب جديد وانما يجب ان نشجع مبادرات من هذا النوع"

يقول الناشط صقر ابو سريحان حول تشكيل هذا الحزب الجديد انه :" علينا ان لا نخاف من اقامة حزب جديد وانما يجب ان نشجع مبادرات من هذا النوع، وليس ان نثبّت انفسنا في اتجاه واحد ونقول هيا مع الجماعة فقط، قد نختلف حتى مع الاحزاب العربية لان قضيتنا في النقب تختلف عن باقي انحاء البلاد".

 حسين الرفايعة: "هذه المرة نحن نريد ان يمثل الناس شخص هم يختارونه"

هذا المطلب كما يؤكد المواطنون العرب في الجنوب جاء في ظل تزايد الهجمة الشرسة في السنة الاخيرة عليهم والتي وصلت الى حد اندلاع مواجهات عنيفة، وشن حملة تحريض كبيرة من قبل احزاب اليمين، حيث شعر المواطنون في النقب بالنقص لعدم وجود ممثل لهم في البرلمان.
الناشط من النقب حسين الرفايعة قال ان :" الاحزاب كانت دائما تختار شخصا من صفوف الحزب وهو يمثل رأي اجندة الحزب اكثر من قضية الناس، هذه المرة نحن نريد ان يمثل الناس شخص هم يختارونه".

مصادر في القائمة الموحدة اشارت الى ان القائمة تنوي تخصيص مكان مضمون لممثل من النقب في قائمة مرشحيها للكنيست القادمة، اربع شخصيات اعلنت حتى الان نيتها التنافس على هذا المكان فيما لا تزال تبحث القائمة المشتركة عن شخصية من الجنوب لضمها اليها.

د.منصور النصاصرة: "الموحدة وصلت الى الائتلاف الحكومي باصوات النقب واصوات سعيد الخرومي رحمه الله"

يقول د.منصور النصاصرة استاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة بئر السبع:"الموحدة وصلت الى الائتلاف الحكومي باصوات النقب واصوات سعيد الخرومي رحمه الله، ما وضعه سعيد الخرومي رحمه الله من مخطط وبرنامج لم ينفذ على يد القائمة العربية الموحدة حتى الان، مرت سنة على خوض الموحدة هذه التجربة ولكن بعد رحيل الخرومي الموحدة ايضا رحلت من النقب، بقي لها بعض المنافذ هنا وهناك ولكنها ايضا قامت ببعض التصريحات هنا وهناك، اعتراف بثلاث قرى، تخطيط مدينة هنا وهناك، ولكن قضية النقب مركبة واكبر بكثير من الموحدة والمشتركة، لان الملف النقباوي هو ملف شائك جدا، وبعد غياب سعيد الخرومي النقب بقي يتيما كما يرى اهله، اصوات النقب اوصلت الموحدة الى الائتلاف وهذا امر تاريخي لا يستهان به، لكن هناك ايضا المشتركة والتجمع الوطني الديمقراطي وهنالك اسس ومجتمع مدني ونماذج مختلفة من النضال الشعبي هي ايضا مهمة وليس فقط الكنيست".

وأضاف: "برأيي ان النضال الشعبي وصمود الناس هو من وصل للاعتراف بثلاث قرى وان كان جزئيا، لان هذا انجاز للناس الصامدين على ارضهم وليس انجازا لاي حزب سياسي في هذه المرحلة، لكن كلنا نعلم في العام 2015 وصلت المشتركة الى 15 عضو كنيست اربعة منهم من النقب، وهذا كان تاريخيا ومهما جدا، والناس يتطلعون في النقب الى العودة الى هذا النموذج، عندما وصل الى الكنيست اربعة اعضاء من النقب اوصلوا صوت النقب الى العالم والى الكنيست والمجتمع الاسرائيلي، لكن في غياب سعيد الخرومي رحمه الله هنالك منافسة قوية جدا بين الاحزاب، لان هذه الاحزاب العربية والاخرى الصهيونية ترى في النقب مخزن الاصوات الاخير، وترى فيه كما رأى فيه منصور عباس في نهاية المطاف انه سيحدد وجه الانتخابات الاخير، حيث ان النقب في الانتخابات الاخيرة هو من حدد وجه السياسة الاسرائيلية عن طريق هذه اللعبة، لكن هنالك اصوات ايضا تقول ان النقب بعد سعيد اصبح يتيما، حان الاوان ان يكون للنقب تمثيل برلماني اقوى في الاطر الحزبية المختلفة".

وتابع: "انا لست مع هذه التفرقة بين ابناء المجتمع العربي الواحد في النقب والمثلث والجليل، كانت تجربة الموحدة مركبة جدا وصعبة جدا، نحن كمفكرين ومختصين في علم السياسة لا نستطيع ان نجزم بما حدث خلال هذا العام لاننا بحاجة الى دراسة هذا الفكر الجديد، وفيه الكثير من المشاكل والقضايا المركبة والمعقدة لكن في نهاية المطاف ما حدث مع الموحدة هو تغير في التكتيك السياسي كونها حزب سياسي اسلامي منذ العام 1996، الموحدة اليوم هي برلمانية وليست فقط اسلامية، هي تحولت من حركة اصلاحية اسلامية دعوية خرجت من اوساط الناس واصبحت سياسية برلمانية، وهذا الامر يضع الموحدة في ملف شائك جدا، لان الحركات الاسلامية في كل العالم العربي والشرق الاوسط تتبع للعمل الاهلي والميدان وصوت الناس وخرجت من رحم المعاناة، لذا التحول الذي حدث مع الموحدة في الحيز الاسرائيلي هو مثل ما حدث مع الحركة الاسلامية في مصر وتونس والاردن وغيرها، الا ان هذا التحول هو جزء من استراتيجيات هذه الحركة في العالم العربي، وهذا ما قرأه منصور عباس انه عندما نستطيع او نكون بحاجة للعيش في واقع اسرائيلي مركب جدا، يجب ان يتم تغيير التكتيك السياسي والاستراتيجية ولكنه ليس تغيير ايديولوجي الا انه مصلحة سياسية بحتة".

حتى اللحظة لم يبدي اي حزب تحركا جديا امام جمهور النقب، ليثبت لهم انه لا يتعامل مع النقب كمخزن اخير للاصوات، الاعترافات بالقرى التي حدثت في الفترة الاخيرة ليست الا اعترافات جزئية وهمية لا يراها السكان حقيقة ملموسة، لان الوضع بقي كما هو دون تغيير، سوى البيانات التي تغنت بهذا الانجاز الغير ملموس على الارض، وكون الاحزاب العربية حتى الان لم تحدد وجهتها في النقب الى اين ستكون، فهذا قد يجعل مصيرها في الانتخابات القادمة حاسما وفيصليا، وقد تكون هذه الانتخابات هي المسمار الاخير الذي يدق في نعش بعض الاحزاب ولربما جميعها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]