عندما يخبرك شخص ما أنه يفكر في الانتحار، أو أنه لا يفهم الجدوى من حياته ويرى أن إنهاءها سيكون خيارا أفضل بالنسبة له ولمن حوله، أو عندما يقول أشياء تبدو كما لو أنه يفكر في الانتحار وإيذاء نفسه، فقد يكون ذلك موقفا حساسا للغاية ولا تعرف كيف تتعامل معه بحكمة.
نظرا لحساسية الموقف، قد لا تكون متأكدًا مما يجب عليك فعله لتقديم المساعدة الحقيقية، وما إن كان عليك أن تأخذ الحديث عن الانتحار على محمل الجد، أو إذا كان تدخلك قد يجعل الموقف أسوأ فتتجنب النقاش برمّته.
لكن بحسب خبراء الصحة النفسية، فإن دورك في مساندة الشخص الذي ترى أن لديه ميولا انتحارية مهم للغاية ما دام أشركك في أمره وأبدى لك حالته وأفكاره بصورة أو بأخرى، وقد يكون في يديك التأثير الأكبر على صحته النفسية وقدرته على التعافي من تلك الحالة.
لماذا يقدم بعض اللبنانيين على جرائم القتل البشعة والانتحار؟
أولى خطوات التعامل مع شخص ذي ميول انتحارية
الخطوة الأولى في التعامل مع الشخص الذي يخبرك برغبته في الانتحار، هي معرفة ما إذا كان في خطر فعلاً وينوي التصرف بناءً على تلك المشاعر. بحذر شديد ولُطف في طريقة النقاش، اطرح أسئلة مباشرة عليه أوضحها موقع "مايو كلينيك" (Mayo Clinic) للصحة والطب، من مثل:
كيف تتعامل مع ما يحدث في حياتك؟ هل شعرت يوما بالرغبة في الاستسلام؟ هل تفكر أو فكرت من قبل في الانتحار أو إيذاء نفسك؟ هل هناك في متناولك ما قد تؤذي نفسك به؟
السؤال عن الأفكار أو المشاعر الانتحارية لن يدفع الشخص إلى القيام بشيء يدمر نفسه من خلاله، في الواقع قد يؤدي النقاش بهذه الطريقة مع الشخص المتضرر إلى تقديم فرصة له للتحدث عن المشاعر وكل ما يدور في خلده، وبالتالي تقليل مخاطر التصرف المؤذي أو الإقدام فعلاً على السلوك الانتحاري.
يشير موقع "مايند" (Mind) للصحة النفسية والعقلية، إلى أنه لن يمكنك معرفة متى يفكر أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك في الانتحار في كل الحالات، فقد يعاني الشخص من حالة اكتئاب شديدة وحادة دون أن تظهر عليه أعراض واضحة.
ومع ذلك ينبغي الانتباه لبعض العلامات الشائعة بحرص شديد:
الحديث المتكرر عن الانتحار
على سبيل المثال، الإدلاء بعبارات مثل "سأقتل نفسي" أو "أتمنى لو كنت ميتًا" أو "أتمنى لو لم أكن قد وُلدت"، تُعد من أبرز العلامات على أن الشخص في حالة حساسة ويحتاج الدعم، حتى وإن تكرر الأمر بشكل يدعو للتشكيك في نوايا الشخص وما إن كان يكرر تلك التهديدات للحصول على انتباه من حوله.
في كل الحالات، يُعد الأمر علامة تحذيرية خطيرة تستدعي ملاحظة الشخص عن كثب وتقديم الدعم النفسي له.
السلوكيات الانسحابية والتغيّرات الحادة
سلوكيات مريبة مثل حرص الشخص على الوصول لحبوب منومة، أو الانسحاب من الفعاليات المختلفة من عمل ومناسبات أسرية ولقاءات بالأصدقاء، بالإضافة إلى التقلّبات المزاجية الحادة من السعادة المفرطة للانهيار الحاد بين ليلة وضحاها، والإدمان على المواد المُخدرة أو تغييب العقل في الألعاب والأفلام وغيرها من السلوكيات.
الإحباط وفقدان الأمل
الانشغال بالموت دائما ما يصيب الشخص بحالة من اليأس وعدم الرغبة في القيام بمختلف الأنشطة، وتغيير الروتين العادي، بما في ذلك أنماط الأكل أو النوم، أو التهور الشديد دون اكتراث لتبعات الأمور، أو التخلي عن المتعلقات والعلاقات وغيرها.
تغيرات حادة على الشخصية
حدوث تغيرات في الشخصية أو الشعور بالقلق الشديد أو الانفعال المتكرر والحاد، خاصة عند مواجهة بعض علامات التحذير السابقة.
كيف يمكنك تقديم الدعم اللازم؟
يمكنك من خلال اتباع بعض الخطوات البسيطة أن تدعم شخصا يعاني من أفكار انتحارية أو يتعافى من حالة اكتئاب حادة. ومع ذلك من المهم أيضًا معرفة متى ينبغي طلب دعمٍ احترافي، ومتى ينبغي عليك أن تتراجع للاعتناء بنفسك أولا.
وبحسب موقع "ساماريتانز" (Samaritans) للنجدة والدعم النفسي، تظهر الأدلة أن سؤال الشخص عما إذا كان لديه ميول انتحارية يمكن أن يحميه فعلاً ويجعله يقرر الحديث عن كل شيء يراوده.
فأنت من خلال سؤال الشخص بشكل مباشر عن الانتحار والرغبة في الموت أو أذية النفس، فإنك تمنحه الإذن لإخبارك بما يشعر به فعلاً من دون خوف من إطلاق الأحكام عليه، ويوصل له رسالة بأنه ليس عبئا وأنه مسموع ومفهوم.
وبحسب الاختصاصيين النفسيين، اتضح أنه غالبا ما يقول الأشخاص الذين شعروا برغبة في الانتحار، أنه من أسباب ارتياحهم أنهم يكونون قادرين على التحدث عما كانوا يمرون به مع شخص يسمعهم بلطف، دون قسوة أو حُكم أو غضب أو خوف وتجاهل.
لذلك إذا كان في دائرة معارفك أو بين أفراد أسرتك شخص يعاني من الميول الانتحارية، فعليك دائمًا التعامل معه على محمل الجد، وتوفر له آذانا صاغية فحسب.
وتذكر أنه ليس عليك أن تكون قادرا على حل مشاكله، ولكن، إذا شعرت أنه يمكنك ذلك دون أن يصيبك الضرر النفسي، فقدم له الدعم وشجعه على التحدث عما يشعر به، وإذا لزم الأمر استعن بخدمات النجدة وعيادات الصحة النفسية في بلدك للحصول على المساعدة المتخصصة."الجزيرة"
[email protected]
أضف تعليق