تشكل الحياة الزوجية محطة أمان واستقرار للطرفين، لكنها لا تخلو من ضغوط الحياة اليومية التي تحدث بين أغلب المتزوجين، مما ينجم عنها العديد من المشاكل، وأحيانا تصل هذه المشاكل إلى درجة الندم أو خيبة الأمل من استمرارية هذا الزواج.. ولكن هل فكر كلا الطرفين في تطبيق فكرة الإجازة الزوجية؟
حاورت الجزيرة نت أزواجا وزوجات واختصاصيين، لمعرفة آرائهم حول إمكانية تطبيق هذه الفكرة وجدواها.
ترى الموظفة نجوى عامر أن الإجازة الزوجية ضرورية جدا، وخاصة في الحياة العصرية المحاطة بشقق الجدران الصامتة، فمحظوظ من يحصل على هذه الإجازة.
وتقول -للجزيرة نت- "هذه الإجازة تفتح مسافة من الأمان والسلام، وتجدد روابط العلاقة من خلال الابتعاد لبرهة، كما تبرز أهمية الزوج في حياة المرء، ليلتفت إلى أهمية وجود الآخر، والإحساس بقدر ما يقدمه في أثناء وجوده".
التخلص من ضغوط الحياة
وتؤيد سائدة عبد الله -التي لديها 3 أبناء- فكرة الإجازة الزوجية، مبينة أنها تمنح مساحة نوعا ما، وتساعد على التخلص من ضغوط الحياة والتفاصيل اليومية الروتينية، خاصة أن الأبناء يشتاقون إلى من ابتعد عنهم، ويخترعون طرقا لاستقبال الطرف المجاز، سواء كان الأب أو الأم.
وتبين -للجزيرة نت- أنها نجحت في تطبيق الفكرة مع بداية العام الجديد، عندما خططت وزوجها أن تتجه لزيارة شقيقتها في مدينة أخرى، موضحة أنها شعرت بسعادة كبيرة وطاقة إيجابية لدى عودتها للمنزل بعد 3 أيام.
نافذة للذكريات المنعشة
ويعبّر الزوج فايز حمدان عن رأيه بالقول "خلال فترة الإجازة يشعر الجميع بالراحة والارتخاء، فهي ذات وقع إيجابي على جميع الأفراد إذا توفرت الثقة المتزنة لنجاح العلاقة بين جميع أفراد العائلة".
ويضيف أن الإجازة الزوجية "تمنح الجميع فرصة لتحمل المسؤوليات في أثناء غياب أحد الشركاء، كما أنها تفتح نافذة للذكريات المنعشة، لتجذب أهمية وجود كل فرد في العائلة".
ويتابع "أحيانا يصعب تطبيق هذه الإجازة، بحكم تعدد التزامات ومهام كلا الزوجين، لكنها بلا شك ذات فوائد جمة، ليس لهما فقط، فهي إجازة للجميع وراحة واستجمام من الضغوط، وتوفر بيئة مغايرة للروتين اليومي، فتظهر مشاكل جديدة وتحل مشاكل وتعلق أخرى".
وتبين الإجازة أهمية الزوج المسافر، وتمنح القوة للتعبير عن المشاعر الصادقة بين الطرفين، لتتجدد العلاقة وتنتعش وتعين على الاستمرارية في الحياة الأسرية إن وظفت بطريقة إيجابية، وألا تكون مضمارا للتهرب من المسؤوليات العائلية، وفق قول الزوج حمدان للجزيرة نت.
البعد المؤقت عن الزوج
ويرى استشاري العلاقات الزوجية والنفسية أحمد سريوي أن الإجازة الزوجية -أو البُعد المؤقت عن الزوج- من الأمور المهمة في تجديد دماء الزوجية وكسر الروتين والملل بين الزوجين؛ إذ تسهم هذه الإجازة في تفعيل المشاعر العاطفية الراكدة بينهما.
ويبين أنها "فرصة للتأمل وتقييم العلاقة الزوجية، والبحث عن مكامن التطوير فيها، وتتيح هذه الإجازة لكلا الزوجين معرفة قدر وقيمة الطرف الآخر، فلهيب الشوق يؤجج نار الحب، لتشتعل المشاعر بينهما من جديد".
تطبيق الإجازة
وعن طريقة تطبيق هذه الإجازة، يوضح الاختصاصي سريوي -للجزيرة نت- أنها تتضمن البُعد المكاني لأحد الزوجين عن الآخر، لمدة تتراوح ما بين عدة أيام ولغاية أسبوعين، فقد تمكث الزوجة عند أهلها في هذه المدة أو قد يسافر الزوج في رحلة عمل وتبقى هي في بلدها، وهكذا في تحقيق البُعد المكاني، لتفعيل أثر المشاعر الإيجابية المرجوة من هذا الأمر.
فكرة اليوم العائلي
وكذلك فكرة اليوم العائلي الذي له أهمية بالغة في كسر روتين الأسبوع وتجديد الطاقة، "وأنا أشجع دائما أن تخرج الأسرة في هذا اليوم لتقضي جزءا كبيرا منه خارج المنزل، ولن يكون الأمر المادي عائقا أمامهم لو تم جمع الطعام الذي كانوا سيتناولونه في المنزل ليأكلوه خارجه"، يقول الاختصاصي سريوي للجزيرة نت.
ويصف هذا اليوم بمثابة "تفريغ ضغط نفسي لكل أفراد الأسرة، وسبب في التقارب النفسي بينهم، وزيادة الألفة والود والمحبة بين جميع مكونات الأسرة".
الحفاظ على المساحات الشخصية
وحول الأثر النفسي للإجازة الزوجية يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور مازن مقابلة -للجزيرة نت- "يعد الحفاظ على المساحات الشخصية من أهم صفات العلاقة الزوجية الصحّية، لكن في كثير من الأحيان تتقلص هذه المساحات نتيجة زيادة المسؤوليات العائلية وضغوط الحياة أو العمل".
ويلفت إلى أن هذا الأمر "يسبب الخلافات والإرهاق النفسي أو الجسدي لأحد الزوجين أو كليهما، لذلك تظهر الحاجة إلى أخذ إجازة أو عطلة شخصية على انفراد من قبل أحدهما أو كليهما، للاسترخاء واستعادة العافية الجسدية والنفسية وصفاء الذهن".
كما تُعد الإجازة الزوجية مفيدة أيضا لتلبية الحاجات الشخصية المهمشة أو المؤجلة وإعادة ترتيب الأولويات وحل المشاكل الداخلية، وفق الاختصاصي مازن مقابلة.
إجازات محددة الوقت مسبقا
ويوضح الدكتور مقابلة -للجزيرة نت- أن "هذه الإجازات أو العُطل الشخصية يشترط فيها أن تكون محددة الوقت مسبقا مع تناوب على تحمّل المسؤوليات وناتجة عن توافق ورضى مشترك من الطرفين، وليست بالإكراه أو الإجبار أو الشعور بالنفور أو الرغبة بالانفصال، بل هي وسيلة لحل الخلافات وزيادة الحميمية في العلاقة الزوجية وتقويتها".
ويلفت إلى أن حاجة الأفراد لهذه المساحات تتفاوت حسب طبيعتهم، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار بين الزوجين. ووفقا لعلم النفس التحليلي، فإن شخصية الفرد مزيج من الصفات الانطوائية "أقل اجتماعية" (Introversion) والصفات الانفتاحية "أكثر اجتماعية" (Extraversion)، لذلك كلما كان الفرد أكثر ميولاً للصفات الانطوائية، فهو يحتاج لوقت ومساحة شخصية أكبر ممن لديه ميولاً أكثر للصفات الانفتاحية. "الجزيرة"
[email protected]
أضف تعليق