قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، إن رئيس الوزراء نفتالي بينيت أدار ووزير الخارجية يائير لبيد سياسة خارجية متماسكة إلى حد ما، لكن "اليوم الذي قصفت فيه روسيا أوكرانيا كان استثناء".

وأفادت الصحيفة الإسرائيلية في تقرير بأن "لابيد وتحت غطاء غربي، أدان العملية الروسية بشكل واضح. إلا أن بينيت كان حذرا من إدخال إسرائيل في صراع لا يربح فيه، وقال إن هذه الحرب ليست من شأن الدولة"، مشيرة إلى أن "هذا الاختلاف كشف عن المخاطر التي تواجهها إسرائيل مع اندلاع الحرب مرة أخرى في القارة الأوروبية: الوقوف إلى جانب الروح الغربية التي احتضنتها إسرائيل منذ نشأتها، أو الانتباه إلى العملاق الروسي الذي يلوح في الأفق على أعتاب إسرائيل، في سوريا".



وأوضحت أن "لابيد الذي يقود حزب يش عتيد (هناك مستقبل)، يجسد الصهيونية العلمانية ذات الميول اليسارية التي شكلت إسرائيل منذ تأسيسها حتى السبعينيات. في تلك الحقبة كانت إسرائيل تعتبر نفسها على قدم المساواة بين دول العالم، حريصة على التعامل مع أزمات وانتصارات النظام العالمي، تماما مثل أي دولة أخرى".

دور إسرائيل هو قبل كل شيء حماية اليهود

وحسب الصحيفة فإن "بينيت الذي يقود حزب يمينا (الجناح اليميني)، يمثل الصهيونية الدينية والقومية التي سادت طوال السنوات الخمس والأربعين الماضية، وهو يرى أن دور إسرائيل هو قبل كل شيء حماية اليهود، حتى ولو كان الثمن تنفير الحلفاء".

ونقلت الصحيفة عن سكوت لاسينسكي، المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي يعمل الآن أستاذا لدراسات إسرائيل في جامعة ماريلاند، قوله إن "الإسرائيليين يميلون إلى النظر إلى بوتين بلطف بسبب محبته للسامية والود تجاه اليهود"، مشيرا إلى أن "روسيا تسمح للإسرائيليين بالسفر إليها بدون تأشيرة، وهو ما لا تسمح به الولايات المتحدة".



قلق إسرائيلي من تقييد روسيا لحريتها في مهاجمة دمشق



وفي سياق ذي صلة عكست صحيفة هاَرتس العبرية أيضا قلق إسرائيل من إمكانية تقييد روسيا للنشطات العسكرية التي تقوم بها في سوريا ودول المنطقة، وذلك من خلال إدخال أسلحة متطورة إلى دمشق لتوثيق العلاقات أكثر مع إيران في ظل العملية العسكرية ضد أوكرانيا.

وبحسب الصحيفة فإن المؤسسة الإسرائيلية قلقة من الأحداث بين روسيا وأوكرانيا، وتحاول تقييم تداعيات الأحداث على المنطقة، مشيرةً إلى أنه طُلب من قادة الجيش والمستوى السياسي عدم التعليق على ما يجري، منعًا لتفسير أي تصريحات بشكل خاطئ، ما يؤثر على العلاقات الحساسة مع موسكو خاصة فيما يتعلق بالساحة السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ 3 سنوات تحاول المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية فهم الاتجاه الذي تنتهجه روسيا بشأن نشاطات تل أبيب في سوريا وكذلك تجاه حزب الله وحماس.

ووفقًا للصحيفة، فإنه في نهاية عام 2018، وكجزء من تقييم للوضع بمشاركة المخابرات الإسرائيلية، تم إجراء تحليل للسلوك الروسي للسنوات المقبلة، وقدم مسؤول استخباراتي كبير تقييمًأ أن بوتين كان يسعى لتحقيق طموح إمبريالي وبناء امبراطورية يكون زعيمًا لها على غرار قادة روسيا من القرون السابقة، وأنه يحاول تقديم نفسه على أنه وجه الشعب، ووجه روسيا.

روسيا ليست لاعبًا اقتصاديًأ

وترى المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن روسيا ليست لاعبًا اقتصاديًأ هامًا في مواجهة قوى مثل الصين والولايات المتحدة ودول أوروبية، لكن مسؤولي المخابرات يقولون إنه لا يزال لديها تأثير قوي، ويرجع ذلك أساسًا إلى الطريقة التي تعمل بها لتحقيق أهدافها.

وقال مصدر أمني إسرائيلي مؤخرًا: “إنهم يستخدمون قوتهم بكفاءة وحكمة”، وتسعى روسيا تقليديًا إلى الاحتكاك العسكري، وبهذه الطريقة تنتج اضطرابًا في الحياة في مناطق مختلفة، وتتعلم من عواقب الفوضى التي خلقتها، ومن هناك تعمل على تحقيق أهدافها”.



وتقول الصحيفة، عندما أسقطت أنظمة الدفاع الجوي السورية طائرة روسية بالخطأ، ألقى الروس باللوم على إسرائيل، على الرغم من أنهم يعرفون أن ليست إسرائيل هي التي اعترضت الطائرة، مشيرةً إلى أن الاعتقاد السائد لدى المؤسسة الإسرائيلية بأن الهدف من ذلك كان “فحص إسرائيل تحت الضغط وتقييم مدى خضوعها لسيطرة بوتين على الأحداث الكبيرة”.

وتقدر المؤسسة الإسرائيلية أنه من أجل أن تستعيد روسيا مكانتها خاصة في ظل العقوبات الدولية، قد يقيد بوتين إسرائيل من القيام بعمليات عسكرية في الشرق الأوسط، وخاصة سويا، وهذا قد يجعل الأمر صعبًا عليه في إطار آلية التنسيق التي تم وضعها بين الضباط الإسرائيليين والروس، كما أن هناك مخاوف من أن مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى نقل أسلحة أكثر تقدمًا إلى سوريا ودول أخرى في المنطقة، لأن بوتين سيحتاج إلى عائدات مالية من تلك الصفقات، وسيرغب في خلق توازن رعب ضد القوات العسكرية الغربية في المنطقة.

مصدر قلق آخر

وبحسب “هآرتس”، فإن هناك مصدر قلق آخر، هو أنه في حال بدء الناتو بنشر قوات عسكرية في البحر الأبيض المتوسط، أو في دول المنطقة، فإن بوتين قد ينشر أنظمة تعطيل GPS متقدمة، ويستخدم الحرب الإلكترونية، والهجمات الإلكترونية من أجل جعل الأمر أكثر صعوبة عليهم، وهذا سيؤدي إلى تعطيل الأنظمة التكنولوجية العسكرية والمدنية في إسرائيل.

ويخشى الجيش الإسرائيلي، من أن تؤدي الإدانة السياسية للهجوم على أوكرانيا، لدفع بوتين إلى تغيير موقفه تجاه هجمات الجيش في سورياو خاصة الجولان.

والتقدير الحالي في المؤسسة الإسرائيلية، هو أن الأحداث الأخيرة قد تدفع روسيا وإيران إلى وضع يقتربان فيهما سياسيًا وعسكريًا، وقد تدفع العقوبات المفروضة على روسيا بشأن التجارة في مصادر الطاقة، بوتين إلى وضع إيران تحت جناحه.



وتقول “هآرتس”: حتى وقت قريب، اعتقدت إسرائيل أن روسيا ليست مهتمة برؤية إيران تثبت وجودها في سوريا، حيث يرى بوتين (سوريا) نقطة اتصال مهمة بالبحر الأبيض المتوسط ​​وإعادة تأهيله كمصدر للفرص الاقتصادية، فيما تخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الآن أنه من أجل تقريب إيران منها، سيسمح لها بوتين بالعمل بحرية أكبر في سوريا، وأكثر بكثير مما تريده إسرائيل ويمكن أن تحتويه.

كيف سيكون رد فعل الروس في حال مهاجمة أهداف إيرانية وشحنات أسلحة متهجهة إلى دمشق أو حزب الله.

من جهتها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إن الاهتمام الإسرائيلي في الحرب بين روسيا وأوكرانيا يتركز على ما يحدث في سوريا، وكيف سيكون رد فعل الروس في حال مهاجمة أهداف إيرانية وشحنات أسلحة متهجهة إلى دمشق أو حزب الله.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه في الأشهر الأخيرة تم توثيق تعاون كبير بين ضباط الجيشين الإسرائيلي والروسي، وكانت هناك مصالح مشتركة في طرد الإيرانيين، وكل منهما له أسبابه الخاصة، في ظل رغبة موسكو بأن تكون الراعي الوحيد لنظام بشار الأسد.

واعتبرت الصحيفة أن الاختبار التالي يتمثل في استمرار نشاطات سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة حين يكون لدى روسيا خيار تعطيل النشط بشكل كبير بالنظر إلى أن إسرائيل لن ترغب في إلحاق الضرر بأنظمتها، مشيرةً إلى أن موسكو ركبت في السنوات الأخيرة، أنظمة دفاع متطورة من طراز S-300 و S-400، والتي يعرف أنها تغطي مناطق واسعة حتى داخل إسرائيل، ولكن لم يتم تفعيلها حتى الآن ضد الطائرات الإسرائيلية.

وبينت الصحيفة، أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، قد تجد طريقها كاختبار في أي هجوم جديد ضد سوريا، وفيما إذا كان سيتم الحفاظ على الحرية الجوية في منطقة مهمة جدًا للجيش الإسرائيلي لمنع تعاظم قوة حزب الله بصواريخ دقيقة وطائرات بدون طيار وأنظمة دفاع جوي وأسلحة أخرى، مشيرةً إلى أن هيئة أركان الجيش تستعد للتعامل مع أي سيناريو بما في ذلك ما يتم تعريفه نوع من “الهدوء المؤقت” من جانب الروس في سوريا.

وتقول الصحيفة “وبغض النظر عن الأحداث الأخيرة ، تحتاج إسرائيل إلى روسيا في محاربة البرنامج النووي الإيراني، فالاتفاقية الجديدة التي تتم صياغتها تبدو أسوأ من سابقتها ويتوقع أن تحول إيران إلى دولة عتبة نووية، في ظل العجز الأميركي، تؤكد الأحداث مرة أخرى حقيقة أن إسرائيل ستضطر إلى الاعتماد على نفسها فقط في حرب شاملة وتعزيز قدراتها المستقلة”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]