أبو كشك؛ "فكرة المشروع بدأت تتغلغل في روحي وفكري بعد أن انفجرت إحدى صديقاتي في جلسة طويلة بيننا، في البكاء وهي تحكي لي عما تعرضت له من اعتداء في سنوات طفولتها  داخل أسرتها."

تمكنت الفنانة العربية هالة أبو كشك ابنة الرملة، في إذهال الرواد لمعرضها، من خلال عملها الفني الأول، للتخرج من كلية شنكار للهندسة والتصميم والفن. فقد تمكنت أبو كشك، في عرضها الأول تحت اسم "اعتداء" الذي يتناول الاعتداءات الجنسية على النساء داخل العائلة، وأخرجته من وحي لقاءات كثيرة ومكثفة مع نساء يهوديات وعربيات، من صدمة المشاهد للوحاتها الصادمة لحجم فظاعة جرائم الاعتداءات الجنسية. طبعهتا بداية على لوحات من القصدير المخضب بالدماء، وحاكت آثار الاعتداء الجنسي على الأنثى، وتمزق غشائها وفرجها بعد هتكه بفعل الاعتداء، الذي يترك الدماء النازفة والألم الجسدي والنفسي جراء الاعتداء الهمجي.

وعرضت الفنانة أبو كشك لوحاتها الفنية من خلال قطع اسفنجية غارقة بالدماء الممتص فيها الألم والتفاصيل التي استمعت إليها من النساء، وترجمت حكايات الألم والعنف الهمجي الذي تعرضن له في 15 اسفنجة تمتد كل منها على طول مترين بعرض متر واحد، تدلت من سقف المعرض. وعدا عن عرض عملها الفني الصادم للرواد مما تركهم فاغرين أفواههم من الذهول، لشدة دقته في تصوير الألم والجرم، في معرض التخرج لكلية شنكار، فقد تم عرض عملها الفني "اعتداء" أيضا في صالة -Supermarket Fair Art في ستوكهولم ، وفي صالة حانة "كين هكوكيا" في تل أبيب.

لم يأت عرضها الفني بصورته هذه إلا بعد عامين من العمل الدؤوب، تتويجا للقاءات مكثفة مع نساء وفتيات تعرضن لاعتداءات جنسية داخل العائلة. وعن ذلك تقول أبو كشك: "مشروعي الأكاديمي البحثي تناول موضوع اجتماعي وهو الاعتداء الجنسي داخل العائلة لدى اليهود والعرب. التقيت نساء تعرضن للعنف وكنت أدون كل النقاط الهامة والمشاعر وما تعبر عنه النساء، وبعد كل لقاء مع امرأة تعرضت للاعتداء كنت أتوجه للاستوديو وأبدأ بترجمة ما خرجت به لعمل فني، العمل كان على مادة الاسفنج واستمر مدة 3 سنوات. استخدمت في أعمالي ألوان ومواد بناء على الاسفنج، والعمل كان جريء وقاس وصعب. الهدف من مشروعي هو رفع الوعي في المجتمعين حول قضية هامة واعتداءات ما زالت مستمرة. وأشدد في الأعمال على التوجه النسوي، وأعبر عن الآم وأوجاع وجروح ومشاعر النساء".

وتكشف أبو كشك أن فكرة المشروع بدأت تتغلغل في روحها وفكرها بعد أن انفجرت إحدى صديقاتها في جلسة طويلة بينهما في البكاء وهي تحكي لها عما تعرضت له في سنوات طفولتها  داخل أسرتها. "لقد تعرضَت لفظائع لا أتمنى حدوثها لأسوأ الناس في العالم. منذ تلك اللحظة لم استطع النوم، وبدأت قصتها تطاردني، وأدركت أن علي بحث الموضوع، وأن التقي بمزيد من النساء وضحايا الاغتصاب والاعتداءات، أن أسمع، وأعرف أكثر، أفهم كيف تمكنّ من مداواة الجرح الغائر في الجسد والروح والتعافي ودمج قصصهن في العمل الفني".

تقر أبو كشك بأنها واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى الضحايا لأن مراكز التأهيل والعلاج لا تتيح الوصول إلى الضحايا بسهولة "رغم المعيقات تمكنت من الوصول إلى الضحايا وتسجيل قصصهن، وكثيرا كما كانت قصصهن تسبب لي القشعريرة وأحيانا البكاء. بعض الضحايا رفضن مجرد اللقاء والبعض الآخر وافقن على الحديث معي فقط عبر الهاتف دون لقاء مباشر لأنهن خشين من الانكشاف".
 
لم تكن ردود الناس ورواد المعرض على ما شاهدوه سهلة، فاللوحات  تشبه ركلة في بطن المشاهد لدى دخوله المعرض، كان هناك من ذهلوا فعلا، أو من أثار العمل الفني فيهم أفكار ومشاعر غير لطيفة.

الفنانة هالة أبو كشك في سطور:
ترعرعت الفنانة هالة أبو كشك في اللد وتربيت في كنف عائلة أحادية الوالدين. عملت والدتها في مجال التربية والتعليم، وهي اليوم مديرة ثانوية في الرملة، لها ثلاثة أخوة إثنان منهم طلاب في كليات الطب.
استهواها الفن منذ صغرها، حتى في ظل غياب أطر ودورات وحصص للإثراء الفني في منهاج التعليم ومدارس المدينة، فكانت  تلتحق كثيرا في دورات خارج المدرسة، وبعد إنهاء المرحلة  الثانوية، حيث تخصصت في مساق البيولوجيا والكيمياء، وحانت ساعة تحديد مسارها الأكاديمي المسقبلي، عاد موضوع الفن والرسم ليطفو إلى السطح، مع أنها كانت سجلت لدراسة القانون وعلم النفس، وبالرغم من قبولها للموضوعين إلا أن ذلك لم يمنحها الشعور بأن هذا هو الصواب. عندها  توجهت للدراسة في كلية شنكار والتحقت لقسم "فنون متعددة المجالات". ولم تتجه نحو مسار أكاديمي أو عملي آخر. وحول ذلك تقول:"عرف أفراد أسرتي أن هذا …

كرديت الصورتين الأخيرتين؛ أور كبلان.  رون بيلد

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]