قد تكون الآراء السلبية الراسخة في أذهاننا منذ الطفولة، أو انتقادات الأصدقاء، من العوامل التي تؤدي إلى عدم تقدير الذات، وهو سلوك يحذر الخبراء من عواقبه الخطيرة على الصحة النفسية.
وفي تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (lefigaro) الفرنسية، تقول الكاتبة سيغولين باربي إن التركيز على تطوير الذات والحرص على تنمية المواهب في مجتمعاتنا الحالية، من الأسباب التي تجعلنا متطلبين جدا تجاه الذات وأقل إصغاء لصوت مشاعرنا وأفكارنا الداخلية.
يحذر الخبراء من أن عدم تقدير الذات وقلة التعاطف مع النفس قد يكونان عائقا كبيرا أمام تحقيق أهدافنا في الحياة، ويحبط أي محاولة لتطوير الذات.
وتناول علماء النفس ريبيكا شانكلاند ومارين بوشيك وجان بابتيست بودييه، عددا من الدراسات الحديثة المنشورة حول هذا الموضوع.
وأكدوا أنه "منذ أكثر من 30 عاما، بحثت الدراسات في تأثير نقد الذات على العلاقة مع النفس والصحة العقلية، وأظهرت أن هذا النقد يزيد من رفض الذات وازدرائها. وبدلا من تحفيزنا على التقدم والعمل على حل المشاكل، فإنه يعيقنا ويخلق في داخلنا نوعا من الجمود".
وأظهرت دراسة أجراها ثيودور ألبرت باورز أستاذ علم النفس بجامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة، أن الحكم السلبي على الذات يزيد من الميل إلى المماطلة والاجترار.
وأظهرت دراسات أخرى أن النقد اللاذع للذات يسبب العديد من المشاكل النفسية مثل الاكتئاب والقلق الاجتماعي، وصولا إلى اضطرابات الأكل.
كن صديق نفسك
يقول الكاتب إنه عندما تسيطر على ذهنك أفكار من قبيل "أنا لا أساوي شيئا"، أو "لن أستطيع فعل ذلك أبدا"، أو "كل ما حصل كان بسببي"، فمن الضروري أن تدرك أنك لا تسير في الطريق الصحيح، وأن هذه الأفكار ستفسد حياتك وتمنعك من تحقيق أي تقدم.
وينبغي أن تحدد منبع هذه المعتقدات التي تهدد توازنك النفسي، وأن تعمل على التخلص منها، ومن المهم أن تدرك أنك كنت تصدقها -ليس لأنها صحيحة- بل لأنها ترسخت في اللاوعي منذ سنوات.
ومن أجل بناء علاقة صحية ومثمرة مع الذات، ينصح الخبراء شانكلاند وبوشيك وبودييه بأن "الأفكار ستفسد حياتك وتمنعك من تحقيق أي تقدم. وتتحدث مع ذاتك باستخدام عبارات من قبيل (من الطبيعي ألا أكون مثاليا) أو (أنا أمر بموقف صعب وأحاول تجاوزه بأقصى جهدي)".
لعنايةبالذات مهارةيجب تعلمها للحفاظ على الصحة النفسيةالنقد السلبي للنفس يزيد من رفض الذات وازدرائها. وبدلا من تحفيزنا على التقدم فإنه يخلق في داخلنا نوعا من الجمود (غيتي)
افهم مشاعرك
من جانبها، ترى الخبيرة النفسية كريستيل ألباريه أن التعاطف مع الذات يتطلب بالأساس إدارة العواطف بشكل أفضل، وتوضح قائلة "بدلا من أن تقمع نفسك بشكل مستمر، عليك أن تحاول تحديد مشاعرك لأنها تمثل مصدر المعلومات الأساسية التي تخبرك عن احتياجاتك".
وتضيف "لنأخذ على سبيل المثال شخصا يريد أن يصبح ممثلا ويصعد على خشبة المسرح، ولكنه يخشى أن يكون سخيفا وغير مضحك. ستكون أفضل طريقة لتجنب الإحراج بلا شك عدم الصعود على خشبة المسرح، ولكن هذا أيضا لن يجعله سعيدا أبدا. يتخذ معظم الناس قرارات للهروب من مخاوفهم، وليس لتلبية احتياجاتهم".
لذلك من المهم أن تمنح نفسك فرصة للتعرف على ذاتك بشكل أفضل، وتبحث عن حياة أكثر انسجاما مع احتياجاتك الذاتية، وتدرك أن التعاطف مع الذات لا يعني أنك ستصبح شخصا أنانيا.
ويؤكد الخبراء شانكلاند وبوشيك بودييه أن "الأبحاث أظهرت أن الأشخاص الذين يتمتعون بمستوى أعلى من التعاطف مع الذات هم أكثر مراعاة للآخرين، وقادرون على تقديم دعم أكبر ضمن العلاقات الزوجية، وأكثر استعدادا لتقديم تنازلات في النزاعات مع الآخرين".
(الجزيرة)
المصدر: االجزيرة
[email protected]
أضف تعليق