اكد الكاتب والباحث الأردني الدكتور منذر الحوارات لموقع بكرا ان سر الانهيار السريع للجيش الأفغاني يعبر عن انه لم يكن معد بشكل جيد وان عقيدته القتالية غير ثابتة بدليل سرعة انهياره.

وأشار الى ان الأهم من كل ذلك ان هذا الانهيار يعبر عن الفشل الأمريكي في ثلاث مستويات رئيسية الأول سياسي حينما قامت الولايات المتحدة خلال عشرين عاما الإنفاق على عملية سياسية بغية إعداد البلد بشكل ديمقراطي, هذا يدل على فشل الانسحاب السريع للرئيس الأفغاني من العملية السياسية وهروبه من البلاد.

الثاني فشل عسكري مارسته الولايات المتحدة اذ انفقت 83 مليار دولار لإعداد جيش لم يصمد لأسابيع امام خصمه جيش طالبان الذي يبلغ عدده حوالي 75 الف ويمتلك العقيدة والغاية وهذا يدلل على الفشل الأمريكي في اعداد قوة عسكرية يبلغ عددها 300 الف مقاتل.

اما المستوى الثالث وهو الفشل الاستخباراتي حيث توقعت الاستخبارات الامريكية ان هذا السقوط يمكن ان يحصل ولكن على مدى سنتين من انسحاب القوات الامريكية لكن ما حصل ان الولايات المتحدة أخطأت في تقييمها الاستخباراتي لمدى قوة طالبان ومدى هزيمتها للجيش النظامي.

ورأى الكاتب الأردني ان مرحلة انسحاب الأمريكان من أفغانستان هي مرحلة القتال لحركة طالبان فهناك موسم للقتال وهو الموسم الذي يبتعد عن الشتاء ويبتعد عن موسم حصاد الخشخاش والذي يعود فيه مقاتلي طالبان من باكستان ويبدأوا الهجوم وربما فترة الانسحاب كانت في ذروة استعداد حركة طالبان للسيطرة.

2.3 تريليون دولار

وأوضح ان الولايات المتحدة أنفقت في أفغانستان على مدى عشرين عاما بشكل كلي وليس على القوات الأفغانية 2.3 تريليون دولار وهذا مبلغ هائل بالنسبة للامريكان مشيرا الى ان أهداف الولايات المتحدة للدخول لأفغانستان كانت قد أنجزت منذ البداية ولكن عملية توسيع هذه الأهداف باتجاه إيجاد مجتمع امة وانشاء ديمقراطية هذا ما أطال فترة البقاء الأمريكي والذي كان يصطدم مع طبيعة المجتمع الأفغاني المتدين والقبلي وبالتالي طال الوجود والانفاق الأمريكي طوال العشرين عاما ويبدو انه كل عمليات الانفاق تعلقت بمقاولين ولم تذهب جلها للقوات الأفغانية بدليل انه أحيانا كان ينقص هذه القوات الذخيرة , كما كان ينقص القوات الأفغانية الحكومية الحافز والدافع لانهم كانوا يتعاملوا مع الحكومة الامريكية من اجل الرواتب للتغلب على صعوبة العيش والحياة وبالتالي لم يكن الهدف مبني على عقيدة للدفاع عن دولة , كان هناك خلل جوهري في عملية بناء ما كانت تعتقده الولايات المتحدة دولة أفغانية على أسس ديمقراطية غربية وهو ما فشلت به الادارة الامريكية.

وتابع لا أستطيع ان أقول انه لم تكن هناك مفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في الدوحة ولا يمكن ان انكر ان الولايات المتحدة كانت تدرك جيدا ان نتائجها مع الحكومة والجيش الأفغاني لم تكن قوية ولكن سرعة الانهيار التي فأجئت الجميع حقيقة هي التي قلبت الموازين.

اين ذهبت الأموال؟

واكد ان الولايات المتحدة بدأت الان تستدرك التسرع الذي حصل في عملية استيلاء طالبان على أفغانستان بشكل كلي وهي محاولة إعادة ترتيب الامر سياسيا ومحاولة إيجاد بدائل لحركة الخروج السريع من خلال إيجاد حكومة انتقالية قادرة على إدارة الموقف, ويبدو ان الأمور تنجح ولكن اين ذهبت الأموال واعتقد ان الحديث يدور عن قصة فساد كبيرة وسيجري الحديث عنها في آلية إنفاق الأموال والية التعامل مع الامريكان وكيفية الاحتيال عليهم , وأيضا الامريكان لديهم قوة فاسدة داخل الجيش الأمريكي بحيث استطاع المقاولين تدوير الأموال لإعادتها للولايات المتحدة دون ان يستفيد منها الأفغان.

يبدو ان الولايات المتحدة بعقلها الاستراتيجي ادركت انها سواء بقيت عشرة او عشرين عاما او خمسين سنة في أفغانستان هذا لن يغير من الوضع شيء وبالتالي علينا الانسحاب بأسرع وقت ممكن لان البلد بطبيعتها ترفض التحدث والتحديث وبالتالي إمكانية تغيير بنية المجتمع من خلال قوة خارجية يبدو انه أمر ضعيف وغير متاح لاي قوة بدليل ذلك فشل كل القوى التي حاولت التغيير.

اندهاش الدول

وحول كيفية معاملة الدول مع طالبان كسلطة امر واقع قال الكاتب حوارات هناك حكومة وحيدة رفضت الامر الواقع وهي الهند اما باقي الدول فلم تبدي رفضها الكلي , كانت الدول تبدي اندهاشها من سرعة انهيار الجيش الأفغاني فقط, ولم تسحب دبلوماسييها مثل روسيا والصين, هذا يدلل ثمة اتفاق بينها وبين طالبان, حتى ان هناك اتفاق سابق مع الولايات المتحدة في الدوحة على انسحاب القوات الامريكية خلال فترة معينة من الزمن , أعتقد ان العالم في النهاية سيتعامل مع الأمر الواقع.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]