منذ 22 ساعة السؤال: توفي زوجي من سنتين، وعندى بنتان صغيرتان، أمى وأبي متوفيان، وأحصل على معاش جيد جدا، لكن بناتي يحتجن لرجل يكون في حياتهن ويرعاهن، وفى نفس الوقت أعلمهم تعليما خاصا، ولا أريد أن يقل مستواهن، أو أحرمهن من شيء، تقدم لي شباب كثر للزواج، ولكن لم أكن مرتاحة لا أنا ولا بناتي، وكل من تقدم لي مستواهم المادي يكفي للإنفاق على بيت، ولا يتحملون دفع مصروفات مدارس بناتي، الآن تقدم لي شخص جيد ومحترم، ومتزوج، وعنده بنتان صغيرتان، وزوجته وبنتاه في بلد، وأنا وبناتي في بلد آخر، وأنا اشعر بارتياح له، وأحتاج لرجل يبقى معي، أشعر معه بالأمان أنا وبناتي، ويعوضنا عما قاسيناه، ولكن ظروفه المادية أيضا تكفي بالكاد لفتح بيتين.
فهل يجوز لي أن أتزوج زواجا شرعيا، تام الأركان، عرفيا دون تسجيله في الوثائق الرسمية، ونأخذ عليه ما يضمن حقي، وذلك لضمان عدم توقف صرف المعاش لي ولبناتي؛ حتى أستطيع الصرف على بناتي؟
الإجابة: الحمد لله. لا يجوز التحايل على شروط استحقاق المعاش المعاش الذي تفرضه الدولة بناء على شروط معينة، يلزم التقيد بشروطها فيه ولا يحل التحايل على هذه الشروط؛ لما فيه من التزوير والخداع وأكل المال بالباطل. فإذا كان المعاش لا يصرف إلا للأرمة أو المطلقة، وإذا تزوجت انقطع عنها، فلا يجوز التحايل على ذلك بعدم تسجيل عقد الزواج؛ لما في ذلك من مفاسدة كثيرة أهمها:
1- أكل المال العام بالباطل، فإن الدولة قد ترعى الأرملة، لكن لا يسعها أن ترعى المتزوجة، وأخذ المتزوجة من المال العام أخذ بغير حق، وهو سحت تدخله على نفسها وأولادها. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء/29]. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". وقال صلى الله عليه وسلم: «المكر والخديعة في النار» رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (6725)، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: «الخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
2- أن عدم توثيق زواجها تضييع لحقها، وحق زوجها، وحق أولادها منه، فلو مات لم ترثه، والعكس، ولو ولد لها مولود لم تستطع تسجيله وإدخاله المدارس، وغير ذلك. ثم مع فساد الذمم: قد ينفر الرجل من زوجته، فيتركها ولا يعترف بها، وقد يأبى طلاقها فتبقى معلقة. وقد تفعل المرأة ذلك، فترفض زوجها وتجحد الزواج منه. والمهم أن ما تريده من هذا التحايل وهو أخذ المعاش: لا يحل لها. وما ذكرت من كون معاش زوجك لا يكفي لأولادك: ليس عذرا لأن تطعميهم المال الحرام. فاتقي الله تعالى، وخافي عقابه، فإما أن تصبري على عدم الزواج فيستمر معاش والديك، وإما أن تتزوجي – وهذا ما ننصحك به، وندعوك إليه بشدة - وتقتصدي في النفقة على بنتيك حتى يكفيهم معاش والدهم، وتساعديهم بما تستطيعين، ولو بعمل منزلي تقومين به. ونسأل الله أن ييسر أمرك، ويوسع عليك من فضله. والله أعلم.
[email protected]
أضف تعليق