الطباعة ثلاثية الأبعاد هي تقنية نمت بشكل متواصل خلال السنوات الأخيرة، ويعتبر مجال طب الأسنان من أبرز المجالات التي تستخدم هذه التقنية. خلال العقد الأخير طرأت ثورة كبيرة في هذا المجال وتم تطوير تشكيلة كبيرة من تطبيقات طب الأسنان التي تعتمد على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ابتداءً من القوالب الأساسية وحتى الترميم الكامل للفم إلى جانب التصوير الداخلي لتجويف الفم. كذلك، وبحسب دراسة أجرتها (Markets and Markets)، فمن المتوقع أن يصل حجم سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال طب الأسنان إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2023. كما أورد تقرير لـ (SmarTech) أن حجم مبيعات المواد الخام للطباعة ثلاثية الأبعاد في مجال طب الأسنان خلال العامين القادمين سيصل إلى نحو 310 مليون دولار.

"توفر الطباعة ثلاثية الأبعاد الكثير من التكاليف وتقلل من الوقت المطلوب

يقول أندريس إيدسس، مدير مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد في شركة "مفعيل"، والتي تسوق الطابعات ثلاثية الأبعاد لتطبيقات متنوعة ومنها أسيغا ماكس المتخصصة في مجال طب الأسنان: "يعتبر مجال طب الأسنان مجالاً خاصاً يختلف عن بقية المجالات الطبية عموماً، فعلى عكس المجالات الأخرى، يتم في هذا المجال ملائمة جميع علاجات بشكل شخصي لكل مريض، كما في زراعة الأسنان، وعلاجات تقويم الأسنان، والتيجان، وغيرها، والتي يتم تصنيعها خصيصًا لهؤلاء المرضى وبالحجم الذي يلائمهم، لذا تعد الطباعة ثلاثية الأبعاد هي الحل الأفضل للتصنيع في مجال طب الأسنان، حيث يمكن بناء الأجزاء بسرعة وبأسعار معقولة نسبيًا مقارنة بالطرق التقليدية.
يضيف مجدي قمصية، مدير عام "دنتال تك سنتر م.ض." والمتخصص في الحلول الرقمية لمجال تقنيات الأسنان: "توفر الطباعة ثلاثية الأبعاد الكثير من التكاليف وتقلل من الوقت المطلوب لتقديم الخدمة للزبائن. الوقت هو المال، وبفضل طابعات أسيغا ثلاثية الأبعاد سيكون عملنا أكثر نجاعة وسنتمكن من توفير الخدمات لعدد أكبر من الزبائن في وقت أقل، وبذلك نحسن الخدمة التي نوفرها لهم".
ويضيف مجدي: "قبل عدة سنوات بدأت العمل بالتعاون مع شركة "مفعيل" واشتريت منهم طابعة أسيغا، ومنذ ذلك الحين أصبحت إجراءات العمل أفضل وأكثر كفاءة، وأصبح العمل أسرع وأصبحت المشاكل لا تذكر مقارنةً بالطرق التقليدية لعلاج الأسنان".

دعامات تقصر وقت الجراحة

هناك العديد من التطبيقات والاستخدامات التي يمكن تنفيذها بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد، أولها زراعات الأسنان والتي تستخدم لاستبدال الأسنان التي يتم خلعها لأسباب مختلفة. حتى وقت قريب، كانت معظم العمليات الجراحية تُجرى يدويًا، أي أن الطبيب كان يحفر ويعمل على نقاط في الفك مستعيناً بصور الأشعة السينية ويقوم بضبط المثقاب يدويًا. فقط في الحالات الخاصة يتم استخدام دعامات جراحية تساعد في ضبط المثقاب والحفر في المكان المطلوب بدقة. وهنا يأتي دور الطابعات ثلاثية الأبعاد. والتي يمكن بفضلها وخلال وقت قصير وبتكلفة لا تتجاوز عشرات الشواقل فقط، طباعة دعامات تقصر وقت الجراحة وترفع من دقتها بشكل ملحوظ وتقلل من الألم الذي يشعر به المريض.
يضيف أندريس إيدسس، مدير مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد في شركة "مفعيل": "تطبيق آخر تقوم فيه الطابعات ثلاثية الأبعاد بعمل رائع هو التيجان والجسور. فباستخدام هذه الطابعات يمكن طباعة تيجان أو جسور مؤقتة ودائمة بدقة عالية وبسرعة وتكلفة منخفضة نسبيًا. كما أن طابعات أسيغا ثلاثية الأبعاد قادرة على استخدام تشكيلة غير محدودة من المواد، الأمر الذي يسمح باستخدام مواد مختلفة وبالتالي تزويد المريض بمنتج يلائمه تماماً. كما تسمح الطباعة ثلاثية الأبعاد لأطباء الأسنان بتصنيع نسخ مكررة عالية الجودة من العناصر التشريحية المختلفة من أجل التحقق والتجربة، فمثلاً يمكن للطبيب تصنيع نموذج للفك من أجل فهم مبنى فم المريض بشكل أفضل وبالتالي اتخاذ قرار بشأن طريقة العلاج وبذلك تقليل المخاطر التي يمكن أن تنشأ.

يبدو مستقبل هذا المجال واعدًا وفيه الكثير من الإمكانيات للتوسع. يضيف مجدي: "هناك العديد من التطبيقات الأخرى التي يمكن أن تساعد فيها الطباعة ثلاثية الأبعاد في المستقبل، بدءاً من الدعامات الجراحية التي تتيح حفرًا دقيقًا وموقعاً مثاليًا للزرع، أو التيجان المؤقتة التي يمكن طباعتها وتركيبها للمريض بشكل فوري، وسيكون بالإمكان مستقبلاً استخدام هذه التقنية لطباعة التيجان والحشوات من مواد دائمة (وليس مؤقتة فقط)، وأعتقد أن ذلك سيكون قريبًا، وهذا ما سيجعل مزيداً من الناس يتوجهون إلى طبيب الأسنان، أعتقد أن عالم طب الأسنان سيتغير تمامًا".
في نهاية المطاف، تعد إضافة طابعات ثلاثية الأبعاد إلى المعدات الأساسية في عيادات الأسنان، سواء الخاصة أو العيادات في صناديق المرضى، مؤشراً على استعداد الأطباء للاستثمار في أفضل الأدوات من أجل مرضاهم ومن أجل منحهم رعاية أفضل.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]