حيث ورد سؤال للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وهو: ما هي الطريقة الصحيحة في إدخال الميت القبر؟، وجاء رد اللجنة كالآتى:
اختلف الفقهاء في شأن ذلك على أربعة أقوال :
القول الأول: يرى أصحابه أن أول ما ينزل من الميت فى القبر رأسه، وهو أصح القولين عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة. دليلهم : ما رواه أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ - رضى الله عنه - {أَدْخَلَ الْمَيِّتَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَى الْقَبْرَ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ}.وجه الدلالة من الحديث : أن الحديث له حكم الرفع ؛ لأن قول الصحابى – رضى الله عنه : " إن هذا من السنة له حكم المرفوع" فكأنه يقول: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- فعل هذا. وقد بيّن الحديث أن الميت ينزل فى القبر برأسه من مؤخرة القبر، وهو المقصود بقوله : (مِنْ قِبَلِ رِجْلَى الْقَبْرَ) ثم يُذهب برأسه إلى موضع الرأس، وتبقى رجلاه فى موضع الرجلين، لكن أول ما ينزل من الميت فى القبر رأسه.
القول الثاني: يرى أصحابه أن أول ما ينزل من الميت فى القبر رجلاه وهو أحد القولين للإمام الشافعى دليلهم : أن النبى - صلى الله عليه وسلم- " أدخل القبر من جهة رأسه " رواه البيهقى .وجه الدلالة من الحديث : قد بيّن الحديث أن الميت ينزل فى القبر برجليه من قبل رأس القبر لا مؤخرته، فإذا كان الميت سوف يدخل من قبل رأس القبر، فأول ما سوف ينزل إلى القبر رجلاه، وهذا القول على عكس القول الأول . وقد نوقش هذا الحديث بأنه ضعيف.
القول الثالث : يرى أصحابه أن الميت يدخل من قبل القبلة معترضًا، يعني: يؤتى بجنازته من جهة القبلة، لا من مؤخرة القبر، ولا من قبِل رأسه بحيث يكون الميت بين القبر وبين القبلة، ثم يوضع فى القبر معترضاً وليس يسل سلاً كما فى القول الأول والثاني، وهو مذهب أبى حنيفة –رحمه الله - . دليلهم : ما روى عن ابن عباس –رضى الله عنهما - : أن النبى - صلى الله عليه وسلم- " أدخل قبره من جهة القبلة معترضًا" وقد نوقش هذا الحديث أيضًا بأنه ضعيف.
القول الرابع : يرى أصحابه أن الأمر فيه سعة، فإذا أدخل الميت من أى جهة جاز إن شاءوا أدخلوه من جهة الرجلين، وإن شاءوا أدخلوه من جهة الرأس، وإن شاءوا أدخلوه من جهة القبلة، وإن شاءوا من أى جهة أخرى جاز ذلك.وهو مذهب المالكية، والمنصوص عند الحنابلة، ومذهب ابن حزم .
الترجيح : الراجح من هذه الأقوال - والله أعلم – ما اعتاده أهل البلد أو القرية طالما أن ما هم عليه لم يخرج عن واحد من الآراء السابقة، فالأمر فيه سعة، والمسألة ليس فيها نص صريح صحيح يجب الرجوع إليه، وإنما فيها فعل صحابي، وقال:" إنه من السنة"، وهناك ما يعارضه، فأى شيء فعله من تلك الأقوال أجزأه . يقول ابن حزم – رحمه الله - : " ويدخل الميت القبر كيف أمكن، إما من القبلة، أو من دبر القبلة، أو من قبل رأسه أو من قبل رجليه، إذ لا نص فى شيء من ذلك. " انتهى. وهو ما اختاره الصنعانى فى سبل السلام فقال بعد أن ذكر هذه الأقوال :" فيستفاد من المجموع أنه فعل مخير فيه" .
[email protected]
أضف تعليق