صدرت في قطاع غزة فتوى شرعية إسلامية تمنع النساء غير المتزوجات من السفر دون مصادقة ولي الأمر (الأب، الأخ، أو قريب آخر)، وفرضت قيود سفر حتى على الرجال في حالات معينة. التعميم الذي دخل إلى حيز التنفيذ، الأحد الماضي، يناقض القانون الأساسي الفلسطيني؛ لأنه يميز النساء عن الرجال ويفرض قيوداً كبيرة على الحركة. ووقع هذه الفتوى الأسبوع الماضي، رئيس المجلس الشرعي الأعلى في القطاع، الشيخ الدكتور حسين الجوجو، الذي هو أيضاً رئيس المحكمة الشرعية العليا في القطاع.
اعتبر البند الأول في التعميم إيجابياً نسبياً، واستهدف منع إقصاء قسري للأولاد عن الأمهات: يمنع الأب من السفر مع أولاده دون مصادقة الأم (طالما أن الأولاد في سن تكون الأم فيها ولي الأمر). البند الثاني يسمح للأب المطلق بالسفر مع أولاده إذا تزوجت زوجته من شخص آخر، وهي لا تكون ولي الأمر. وفي الحالتين تعطى المصادقة من قبل محكمة شرعية. الأم سواء كانت مطلقة أم لا، هي بحاجة في كل الحالات إلى الحصول على مصادقة من الأب على سفر الأولاد.
البنود الإشكالية بشكل خاص، حسب رأي منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية ونشيطات نسويات، تتعلق بتقييد سفر النساء والشباب العزاب. يسمح التعميم للوالدين والجد للأب بتقديم دعوى في المحكمة من أجل سفر الابن – الحفيد، إذا كان أعزب وفوق سن الـ 18 سنة، وسفره مقرون بالتسبب بـ “ضرر مطلق”. لا يتم تفسير الضرر ومن الذي يحدده وما هو الحد الأعلى من عمر الأعزب. في المقابل، وحسب بند آخر، يمكن سفر النساء “البكر أو من كن متزوجات” (أي اللواتي لسن أبكاراً) في كل الأعمار، إذا لم يحصلن على مصادقة ولي الأمر (الأب، الأخ أو أحد أبناء العائلة القريبين). والمنع هنا يمكن أن يرتكز على ادعاء “ضرر مطلق” سيتسبب به السفر، أو على دعوى في المحكمة. أي أن المفتشين في المعابر أو رجال الشرطة يمكنهم منع أي امرأة بالغة وغير متزوجة من السفر إذا لم تعرض مصادقة خطية من أحد رجال العائلة.
تسوية العلاقات العائلية تخضع للمحاكم الشرعية، والمجلس الشرعي الأعلى هو الذي يشرف على المحاكم. وهو مثل جهاز القضاء المدني، فجهاز المحاكم الشرعية في غزة منفصل عن الجهاز الموجود في الضفة الغربية منذ الانقسام السياسي الذي بدأ في 2007. مكتب رئيس القضاة الشرعيين في الضفة، الذي يترأسه محمود الهباش، استنكر مضمون هذا التعميم وأعلن بأنه هو من يقرر، وأن الفلسطينيين ليسوا خاضعين لتعليمات التعميم. مع ذلك، حسب “المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان” الذي مقره في غزة، فإن سلطات حماس عملت بروح المحظورات الواردة في هذا التعميم حتى قبل أن يكتب وينشر. في المقابل، قال باحث في منظمة حقوق إنسان فلسطينية في القطاع للصحيفة بأن قيادة حماس أظهرت الاستياء من نشر التعميم ومحظوراته.
من صياغة التعميم، من غير الواضح إذا كان المقصود هو السفر حتى داخل القطاع أو خارجه، وإذا كان الأمر هكذا، فهل يدور الحديث فقط عن السفر إلى الخارج أو السفر إلى إسرائيل والضفة الغربية. ومن غير الواضح أيضاً إذا كانت السلطات في غزة تستطيع أو مسموحاً لها أن تقيد خروج فلسطينيين من سكان الضفة الغربية الذين سمحت لهم إسرائيل بالدخول إلى القطاع لأسباب شخصية استثنائية. وبسبب سياسة تقييد الحركة الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ 1991 والقيود على التنقل التي تفرضها مصر، فإن فتوى المجلس الشرعي لا تسري على أشخاص كثيرين. مع ذلك، هذه الفتوى تزيد العبء على العملية المعقدة أصلاً للخروج من القطاع، ونشرها استدعى على الفور تنديدات شديدة من قبل منظمات حقوق إنسان فلسطينية بارزة ومطالبة بإلغائها.
[email protected]
أضف تعليق