تشير معطياتٌ جديدةٌ تنشرها جمعيّة "عير عميم" إلى أنه ومنذ الآن، أي قبل شهرين من انتهاء العام 2020، بلغ عدد عمليات هدم المنازل في القدس الشرقيّ ة من قبل السلطات الإسرائيليّة هذا العام، رقمًا هو الأعلى منذ بدء توثيق عمليات هدم المنازل قبل 20 عامًا. إذ أن بلديّة القدس قد قامت، بين شهريّ كانون ثاني وتشرين أول من هذا العام بهدم 129 وحدة سكنيّة. وهذا الرقم القياسيّ في هدم المنازل هذا العام قد تجاوز الرقم السابق المسجّل في العام 2016، حيث تم خلال ذلك العام كلّه هدم 123 وحدة سكنيّة.
وقد سُجّل الرقم الأعلى لهدم المنازل في العام 2020 رغم أن السلطات الإسرائيليّة قامت بتجميد عمليات هدم المنازل مرتين خلال هذا العام لمدة ثلاثة شهور بسبب أزمة كورونا: بين 24 آذار – مارس حتى 25 أيار – مايو، وبين 18 أيلول – سبتمبر وحتى 18 تشرين أول – أكتوبر.
يعزى هذا الارتفاع في حالات هدم المنازل إلى سببٍ مزدوج، إذ أنه لم تتم منذ أكثر من عشرين عامًا المصادقة على مخطّطاتٍ هيكليّةٍ لتطوير الأحياء الفلسطينيّة في المدينة. وقد برز الأمر هذا الأسبوع حين اتضح بأنه قد تم تحويل المخطّط الهيكليّ الذي تروج له البلديّة لحي وادي الجوز إلى مخطّط رئيسيّ، ومثل هذا المخطّط، حتى لو تمت المصادقة عليه، فإنه لن يتيح إصدار تصاريح بناءٍ في إطاره، ولن يمكن استصدار تصاريح بناءٍ في ظل غياب خطةٍ هيكليّةٍ محدّثةٍ تخصص أراضٍ للبناء، وهذه أزمةٌ آخذةٌ في التّصاعد، حيث إن غالبيّة العائلات في القدس الشرقيّ ة لا فرصةً لديها للحصول على تصاريح بناء، رغم الزّيادة الطبيعيّة للسّكان.
التعديل 116
يتمثل السبب الثاني في دخول التعديل رقم 116 من قانون التخطيط والبناء إلى حيز التنفيذ، هذا التعديل أدى إلى حصول قفزةٍ في عمليات الهدم الذاتيّ. ويحدد التعديل القانوني الذي دخل حيّز التنفيذ سنة 2019 بأن تنفيذ القانون والعقوبات ضدّ البناء من دون تصريح سيتضاعفان، وسيتم فرض قيود على قدرة المحاكم على التدخل في مثل هذا النوع من البناء. وفقًا للقانون، طرأ سنة 2019 ارتفاعٌ حادٌّ في منسوب الهدم الذاتيّ لـ 40 وحدة سكنيّة، وذلك مقارنةً بالمعدّل الذي يتراوح ما بين 10 -15 وحدةٍ سكنيّة تم هدمها في السّنوات السّابقة. والآن، وخلال أقلّ من سنة، منذ 20 كانون ثاني - يناير، تضاعف عدد مرات الهدم الذاتيّ بأكثر من ضعفين، وقد بلغ تعداده الآن 84 وحدةٍ سكنيّة و30 مبنىً إضافي. وهكذا، فإن السلطات الإسرائيليّة لا تتيح لسكان القدس الشرقيّ ة من جهةٍ بناء منازلها بحسب القانون، وهي تضاعف من جهةٍ أخرى وتيرة عمليات هدم المنازل.
من جهته، صرّح أفيف تاتارسكي، الباحث في جمعيّة "عير عميم" قائلا: " إن بلوغ عمليات الهدم ذروتها، بالذات في أيام الكورونا، يوضح أولويات الحكومة التي لا تَحولُ حتى الجائحة بينها وبين هدم المنازل. يضطرّ الفلسطينيون إلى البناء من دون تصريح بسبب السياسة الإسرائيليّة المتمثلة في عدم المصادقة على مخطّط هيكليّ في شرقيّ القدس. من شأن المصادقة على مخطّط هيكليّ، وحدها، أن تتيح حلّ الضّائقة الكبيرة التي يعاني منها الفلسطينيون في القدس، وهذا ما ينبغي أن تُطالبَ به إسرائيل."
[email protected]
أضف تعليق