وفقا للبحث الذي نشره مركز البحث والمعلومات للكنيست بتاريخ 11.05.2020، تشير معطيات سوق العمل الإسرائيلي عشية أزمة الكورونا أن الأجيرين العرب يتقوقعون في أدنى سلم سوق العمل الإسرائيلي، فقد وصل معدل راتب الأجير العربي عام 2018 إلى 8,829 شيقل (مقابل 14،206 لنظيره اليهودي)، ووصل معدل راتب المرأة العربية إلى 6،296 شيقل (مقابل 9،679 لنظيرتها اليهودية). ويشير البحث أن نسبة العرب في سوق العمل الإسرائيلي أقل من نسبتهم العامة في الدولة، فنسبة النساء العربيات العاملات هي 37% بينما تصل نسبتهن العامة في هذا السوق إلى 77%. كما كشف البحث أن 70% من العرب يعملون في فروع اقتصادية معدل راتبها اقل من المعدل العام، وأن الدخل الصافي للعائلة العربية أقل من ب- 55% من العائلة اليهودية، وأن نسبة العائلات العربية الفقيرة وصلت إلى 45% بينما نسبة العائلات اليهودية الفقيرة هي 13% فقط.

للكورونا الاقتصادية تأثير كبير على الأجيرين وعلى أصحاب المصالح التجارية عامة والعرب منهم خاصة

هذا ما بدأ به المحاضر الاقتصادي عصمت وتد حديثه لـ "بكرا" في محاولة لتفسير الازمة الحالية المتعلقة بالمصالح والمستقلين وتابع: إذا كان صعبا علينا هضم معطيات سوادها طفيف خفيف قبل اندلاع أزمة الكورونا الاقتصادية، فكيف سيكون هضم معطيات سوادها حالك قاتم بعد ذلك الاندلاع؟

ونوه: لأزمة الكورونا الاقتصادية تأثير كبير على الأجيرين وعلى أصحاب المصالح التجارية عامة والعرب منهم خاصة. فعلى مستوى الأجيرين العرب وصلت نسبة البطالة بنهاية شهر نيسان 2020 إلى 24%، ووصل عدد طالبي العمل العرب ألي 189،000 شخص، ففي الناصرة وحدها ارتفعت نسبة البطالة منذ بداية عام 2020 من 4% إلى 34%، وفي ام الفحم من 9% الى 32%، وهكذا الأمر في بلدات عربية أخرى. أما على مستوى المصالح التجارية، فقد ضربت الأزمة المصالح الصفيرة اليهودية والعربية ضربة قاسية اشد شراسة من ضربتها للمصالح الكبيرة. وبما أن قرابة 90% من المصالح العربية تصنف كصغيرة فإن لوقع هذه الأزمة تأثير وخيم على هذه المصالح والمرافق.

هل هنالك تفرقة عرقية-إثنية في تعامل البنوك التجارية مع عملائها؟

هذا السؤال بحاجة لبحث أكاديمي عميق ودقيق، ورغم ذلك لا بد من إلقاء الضوء على بعض المعطيات المقلقة: وصل حجم الاعتماد والائتمان البنكي (אשראי בנקאי) للمواطن العربي الى 56،000 شيقل، بينما بلغت قيمته 150،000 شيقل للمواطن اليهودي. وصل عدد طلبات القروض بكفالة الدولة التي قدمتها المصالح العربية في شهري آذار ونيسان 2020 إلى 6،795 طلبا، بينما وصل عدد الطلبات اليهودية إلى 43،000. بهذا، لم تتعد الطلبات العربية للقروض نسبة 13%. وصل حجم قيمة القروض أعلاه إلى 3.3 مليار شيقل (من أصل 33 مليار). بهذا، لم يتعد حجم القروض العربية المنشودة نسبة 10%، نسبة رفض طلبات القروض العربية أعلى بكثير من نسبة رفض القروض اليهودية. هل هذه المعطيات الغريبة تشكك في نزاهة سياسة البنوك التجارية مع أصحاب المصالح العرب؟ هل هنالك مصداقية لرفع دعوى تمثيلية (תביעה ייצוגית) ضد البنوك بحجة التفرقة العنصرية العرقية الإثنية؟ سواء أجاب خبراء القانون الدستوري بالإيجاب ام السلب على هذه التساؤلات، مما لا ريب فيه أن المعطيات المقلقة أعلاه دفعت أصحاب المصالح العرب الى الانزلاق والإزلاف نحو هاوية طامة القروض في السوق الرمادية، التي لا تعرف معنى الرأفة والرحمة، فائدتها فتاكة قاهرة قاتلة.

هل هنالك من أفق؟

ولعل سائل يسال: أهنالك أفق أمام المصالح العربية؟ أهنالك بصيص أمل لنهوضها من تلك الهاوية؟ هنالك عدة نصائح يمكننا تقديمها لأصحاب المصالح العربية: فحص نجاعة جميع التكاليف الثابتة والمتغيرة في مصالحهم بدقة متناهية والاستغناء عن مصروفات ليست بالضرورية أو الملحة. إصلاح جذري لاستراتيجية معاملاتهم المالية مع البنوك التجارية. انتهاز فترة الازمة لمحاولة فقح العقود مع الموردين ومقدمي الخدمات، ومساومتهم لتقليل تكاليفهم. تجنب اللجوء للقروض في السوق الرمادية بجميع الوسائل، حتى إذا احتاج الأمر لبيع ممتلكات خاصة تجنبا من نار تلك القروض. تقديم جميع طلبات المعونة المختلفة التي صادقت عليها الحكومة وفق قوانين الطوارئ في ظل أزمة الكورونا، كالمعونات للمستقلين وللشركات وللمساهمين في شركات الأقليات. الاستعانة بخبراء اقتصاديين وقانونيين لبناء خطة مهنية لتعدي هذه الفائقة المدوية. وأخيرا لا ننسى أن الفرج لا يكون إلا بعد الشدة، وأن اليسر لا يأتي إلا مع العسر، وأن الأزمات الاقتصادية تبدأ فتتمادى لكنها تتقهقر فتتلاشى.

الخروج من الأزمة يحتم تأجيج المسؤولية وتغذيتها بدراسة ومعاينة

الخبير الاقتصادي والمستشار خالد حسن قال بدوره: المصالح الصغيرة العربية إلى أين؟ لم تنقض جائحة الكورونا بعد لكي نبدأ بتراشق الاتهامات من المذنب بما آلت إليه المصالح التجارية العربية بالذات. باعتقادي أن الوضع الأمثل هو تحليل ما كان واستنتاج العِبَر وليس البحث عن مذنب، لأنه وباعتقادي أيضأ إذا ما استرسلنا بالتحليل المهني فغالبا ما نجد بأن سوء الإدارة لبعض المصالح التجارية كان هو المسبب الرئيس لتدهور المصلحة واجتياح الوباء جاء لكي يقضي على المصلحة التجارية بالكامل.

وتابع: في عالم الطب يُقال بأن تشخيص المرض بشكل صحيح ودقيق يشكل 50% من العلاج، وهذا ينطبق أيضا على الأمور المادية. فغالباً ما نطالب بإيجاد حلولٍ لمشاكلنا المادية بإصرار في الوقت نفسه نبالغ بإصرارنا على عدم التفكير بمسببات تلك المشاكل أو ما هو مصدرها وما هو مسارها حتى آلت بنا الأمور على ما نحن عليه. لذلك، إصرارنا على عدم التفكير يودي بنا إلى أن نرمي بمشاكلنا المادية على الغير، كالمؤسسات، الحكومة، البنوك

وتابع: أنا لا أحاول هنا لوم النفس وتزكية الحكومة والمؤسسات والبنوك، فإن أخطر ما قامت به الخونة في هذه الفترة أن سلمت رقاب أصحاب المصالح الصغيرة بأيدي البنوك التي لم ترحم ولم تتفهم بالكثير من الأحيان، إنما أرمي هنا لتسليط الضوء على أهمية تنظيم أمورنا المادية والحياتية ببساطتها لكي نتمكن من إدارتها بأيدينا وبذلك نقلل من احتمال تأثير جهات خارجية عليها وهذا يقودنا إلى عدم البحث كل مرة من جديد على متهمٍ ما نرمي عليه بمشاكلنا إنما يعيننا ذلك بأن نجيد البحث عن حلول حتى في أوقات الأزمات، طبعاً هذا ينطبق على ميزانية المنزل وأيضا على ميزانية المصالح التجارية.

وأوضح وجهة نظره قائلا: فعلى صعيد المثال، هناك معطى حقيقي حتى العام 2018 بأنه كل مصلحة تجارية صغيرة ثالثة في الدولة معرضة للإغلاق، فإذا كنت تعلم هذا المعطى، هل كنت ستفكر بفتح مصلحة صغيرة؟ وإذا كانت إجابتك نعم، هل كنت ستفتح مصلحتك بتخطيطٍ مسبق أم أنك سوف تجرب حظك؟ وأسئلة أخرى كثيرة عليك الإجابة عليها، حيث أن كل تلك الأسئلة والأجوبة تنطوي تحت عنوانٍ واحد وكبير وهو الإدارة.

وختاما: الخروج من الأزمة يحتم تأجيج المسؤولية وتغذيتها بدراسة ومعاينة ورصد معلومات ومتغيرات نتسلح بهم بمعركتنا القادمة على جميع المستويات، الفردية، العائلية، العملية، التجارية، المجتمعية والقيادية. على أصحاب المصالح بشكل جماعي محاسبة من لم يقف معهم في أزمتهم من مكاتب حكومية وبنوك.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]