مما لا شك فيه ان جائحة كورونا تركت اثرا اقتصاديا على مجالات كبيرة وعديدة في حياتنا اليومية واثرت سلبا على الأمان الاقتصادي عموما، خصوصا وان نسبة العاطلين عن العمل قد ارتفعت بعد ان توقفت شركات ومصالح عديدة عن العمل وسرحت عمالها الى إجازة غير مدفوعة او الى مصير مجهول في عالم البطالة، في حين ان العديد من الاقتصاديين يرون ان المجتمعات العالمية بمختلف عاداتها وتقاليدها كانت بحاجة جمة الى فترة ركود مشابهة حيث برزت تقنيات استطاع العالم ان يستفيد منها خلال هذه الفترة وتوفر عليه اقتصاديا مثل التقدم الرقمي الذي برز هذه الفترة حيث اعتبر عاملا مساعدا للتوفير الاقتصادي، كما كان لجم النفس عن الرغبات المفرطة التي تسبب استهلاكا كبيرة وتضر باقتصاد العائلة من اهم معالم هذه الفترة حيث قامت كورونا ما عجز مختصين ومستشارين اقتصادين عن القيام به بما يتعلق بالتنظيم الاقتصادي والمالي للعائلات بصورة خاصة في مجتمعنا ما اعطى مساحة حقيقية لإعادة ترتيب الأوراق وتدوير الحسابات المالية واعتبرت كورونا منفسا جديدا لكل عائلة تعاني من ازمة اقتصادية خانقة بسبب المصروفات والتبذير المبالغ فيه حتى بات يقال "إذا لم توفروا اقتصاديا في فترة كورونا ذلك يعني انكم لم تلتزموا بالتعليمات"
مراعاة الزبون والبيع بأسعار تنافسيه دون رفع اسعار او استغلال
هاني نجم الخبير في الشؤون الاقتصادية العائلية قال بدوره ل "بكرا": تتشكل الميزانية العائلية من عنصران مهمان المدخولات والمصروفات ، لا بد ان ازمة كورونا اثرت بشكل سلبي على معدل دخل العائلات لان كل المنح والمبالغ مقابل البطالة وغيرها لا تتساوى ومعدل الدخل العائلي العادي قبل الازمه لكن بالرغم من هذا الانخفاض في معدل الدخل لا بد ان الازمه ادت الى تغير في السلوك الاستهلاكي والاجتماعي لدى العائلات ومن خلاله تغيير فيسلم الاولويات وتغيير في مناحي المصروفات وسوية ادى الى انخفاض ملحوظ في مصروفات العائلة والنتيجة النهائية ان حجم النقص المالية لميزانية العائلة اقل بكثير من حجم نقص الدخل بل لبعض العائلات ربما كان هناك توفير مقابل الفترة العادية.
وتابع: اذكر هنا على سبيل المثال بعض المصاريف والسلوكيات التي صرفت وستصرف مستقبلا بمعدلات اقل من الماضي ، معدل المصروفات للأعراس والحفلات والمناسبات والتي لا بد لن تعود كما كانت ومن خلال اعراس تشارك فبها اعداد كبيره من المدعوين، التوفير في معدل الرحلات الترفيهية السنوية ، التوفير في معدل مصاريف الذهاب للمطاعم ، التوفير بمعدل الشراء من المراكز التجارية المغلقة وهنا اشير الى انه جزء كبير من سلوكيات الشراء في هذه المراكز اعتمد على متعة التسوق والرغبة في الشراء اما اليوم ومع افتتحاها والتقييدات المفروضة فواضح ان البيع في احسن الحالات سيعتمد على الحاجه فقط وهذا سيؤدي الى تقليل المشتريات .
ختاما قال: لا بد ان ادعو ابناء مجتمعنا جميعا الى أهمية تعزيز الاقتصاد المحلي والتعامل مه تجارنا ومحلاتنا في بلداتنا العربية لدعمهم ومواساتهم في هذه المرحلة طبعا مطالبا منهم مراعاة الزبون والبيع بأسعار تنافسيه دون رفع اسعار او استغلال.
علينا ان نفرق بين الاحتياجات والرغبات، فالرغبات ممكن ان نستغني عنها
آلاء حسون الخبيرة الاقتصادية قالت ل "بكرا": انخفاض تلوث الهواء بسبب الحجز، قلة الازدحام والخروج فقط للضرورة انخفاض الطلب للأكل السريع وتحضير الاكل البيتي الاكثر صحة والاقل تكلفة، المحافظة على النظافة مما يودي الى ان نقلل من الامراض وطبعا يقلل من العلاج، اهمية الاكتفاء بسبب عدم معرفه متى تنتهي كورونا، في العديد من الشركات علمت انه يوجد قدرة للتواصل عن طريق تقنيات رقمية حديثة مثل "الزوم" او "ميكسروفت تيم"، هذه النقطة لوحدها تؤدي الى توفير اقتصادي كبير، التكنولوجيا تساعد من ناحية المسافات توفر الوقت في الوصول من مكان لمكان الوقود طبعا، وتعطي حلول سريعة، حيث يستطيع اليوم أي صاحب مصلحة او زبون او موظف الالتقاء بخمسة اشخاص عبر الزوم في الوقت ذاته، أيضا موضوع التعلم عن بعد الذي يسهل الأمور ويحافظ على الوقت والمال.
وتطرقت حسون الى موضوع الاعراس وقالت: تكلفة الاعراس في المدن العربية سنويا تصل ما بين 100 ألف الى 150 ألف بينما في القرى بين 40-30 ألفا سنويا وتكاليف الخطوبة تصل الى 20 ألفا أحيانا بينما اليوم هناك أصبح أكثر وعي في هذا الصدد وهناك اعراس جرت على مستوى ضيق بدلا من اهدار المال.
التكنولوجيا هي عامل ايجابي للاقتصاد
وتابعت عن إيجابيات كورونا الاقتصادية قائلة: خلال رمضان يجب وضع خطة مالية لمشتريات رمضان للموارد التي نحتاجها، متابعه العروض بمواقع التواصل الاجتماعي، عدم التسوق بحالة الجوع وان لم نستطع فالأفضل الذهاب مع قائمة او طلبية من بعد عن طرق الانترنت حتى لا نشتري مستلزمات لسنا بحاجة لها بأسلوب اندفاعي، لا يجب شراء كل المستلزمات وكميات كبيرة دفعة واحدة فقط علينا تقسيمها لان الحملات والعروض تتجدد وعلينا ان نفرق بين الاحتياجات والرغبات، فالرغبات ممكن ان نستغني عنها.
ما بعد كورونا هناك إيجابيات اقتصادية أيضا حيث من المتوقع أن ترفع الدولة مباشرة بعد الأزمة من استثماراتها في الصناعة المحلية. لتخفيض الضريبة ولكن ايضا خوفا من اغلاق الحدود، وذلك ينمي الصناعة المحلية كما ان خوف المجتمع من الذهاب بدون سبب للمستشفيات وهذا توفير اقتصادي كبير، إضافة الى ان التكنولوجيا ستقلل من الازدحام وتوفر الوقت بالتعليم وايضا بالعلم ودائما التكنولوجيا هي عامل ايجابي للاقتصاد.
اذا لم توفروا اقتصاديا في فترة كورونا ذلك يعني انكم لم تلتزموا بالتعليمات
المستشار الاقتصادي خالد حسن قال في هذا الجانب وبدأ حديثه ل "بكرا" بالتساؤل: كم وفرتم في فترة كورونا؟ إذا كان الجواب سلبي، أي لم توفروا شيئاً فعليكم فوراً وبدون تأجيل مراجعة حساباتكم، عاداتكم، نمط معيشتكم، مدى التزامكم للتعليمات ومدى قابليتكم لمحاسبة النفس وللتغيير. ليست الأرقام وحدها هي التي تحدد ميزانية البيت إنما نهج حياتنا هو العنصر الطاغي، فليس من الطبيعي أن تسير حياتنا كالمعتاد في ظل جائحة كورونا العالمية وفي ظل الحجر الكلي لقطاعات واسعة محلية وعالمية. فإذا كنتم من الذين توقفت أعمالهم أو بالأحرى أُجبروا على إيقاف أعمالهم فلا بد وأنه قد نزلت عن عاتقكم مصاريف مربوطة أو مرافقة للقيام بعملكم إن كان للأجيرين أو للمستقلين، كمصاريف السيارة، اللباس والمظهر "يشمل أدوات التجميل والعطور والتسريحات"، الأكل خارج البيت والمقاهي وما إلى ذلك.
وتابع: من المفروض بأنه باستطاعة كل شخص منا أن يحصي ويقدر جميع المصاريف التي يدفعها شهرياً على المستوى الشخصي وعلى مستوى العائلة، ففي هذه الحالة سيكون من السهل أن نعرف كم وفرنا بل وكم بإمكاننا أن نوفر أكثر، أما إذا ما لم ننتهج نهجاً حسابياً واقتصاديا لمشروع حياتنا فإنّ تأثير أزمة كورونا سوف يكون مضاعفاً، لماذا؟ لأننا خلال فترة الأزمة سوف نداوم حياتنا كالمعتاد، نستهلك كالمعتاد، لا نعرف كم وكيف وبذلك يتجمع في رصيدنا عجزاً لا نشعر به إلا بعد فترة من الزمن والذي سينزل علينا كالصاعقة. ما يسبب الى مضاعفات مالية تودي بنا الى عواقب لا يُحمد عقباها. ناهيك عن العجز للتخطيط إلى ما بعد انقضاء جائحة كورونا بإذن الله. فمن الأولى أن نحسن التدبير في وقت الأزمة وأن نحسن التخطيط إلى ما بعد الأزمة.
ونوه قائلا: هناك أسئلة يجب أن تُسأل هل سنغير من عاداتنا الاستهلاكية؟ هل تعلمنا ما هي حاجتنا بالفعل؟ هل نحن من الذين ينتظرون افتتاح المجمعات بلهفة؟ هل تكونت عندنا قناعات خلال الأزمة بأننا بحاجة إلى تغيير؟ هل تأجج بداخلنا إيمان بأننا حقاً نستطيع التغيير؟ فقط معلومة للتفكر، فإنّ شركات الطيران والتي معدل مدخولاتها يفوق المليارات تستطيع أن تحصي بالضبط ما هي مصروفاتها في كل آنٍ وحين، ونحن الذين ندير ميزانية منزل بمعدل بضعة آلاف أو حتى عشرات قليلة من الآلاف ألا نقوى على رصد وبناء ميزانية والتي من شأنها خدمتنا لا ميزانية والتي نحن نعيش لكي نخدمها؟
وختاما قال: قبل عدة سنوات قامت إدارة شركة طيران أمريكية بتقليل عدد حبات الزيتون من وجبات الطائرات من حبتين إلى حبة واحدة وبذلك وفرت مبلغ ما يعادل 250 ألف دولار سنوياً، لذا علينا ألا نستصغر قيمة معينة وألا نتعالى عن قيمة أخرى، وبناء ميزانية محكمة هو مطلب للحفاظ على الأسرة وهو بنفس الوقت ضمان لكي نعبر أزمات فجائية بأقل أضرار. من المؤكد بأنه مع العسر يسرا ولكن ماذا أعددنا في زمن العسر لكي ندخل فترة اليسر سالمين وجاهزين لبداية نجاح جديدة!!!
وباء كرورنا والوضع الاقتصادي الذي نجم عن ذلك فرض على الكثير من العائلات ان تعيد حساباتها
الخبير الاقتصادي هاني نجيب قال بدوره ل "بكرا": ما من شك ان وباء كرورنا والوضع الاقتصادي الذي نجم عن ذلك فرض على الكثير من العائلات ان تعيد حساباتها بموضوع المصروفات ومحاولة توازن بين المدخولات والمصروفات والاخذ بعين الاعتبار ان الكثير في شهر رمضان قلص المصروفات المناسبات والعزائم. فالملاحظ ان العائلات اتخذت مسار ونهج جديد يعتمد على صرف الاشياء الضرورية وتأجيل مصروفات ثانيه اعتادت عليها سابقاً وقسم منها غير وارد اصلاً في الحسبان بسبب التعليمات والتقييدات من قبل وزارة الصحة كالسفر او الرحلات للخارج والداخل او زيارة المطاعم، اقتناء سيارات، استثمارات معينه في العقارات، الاسهم ومرافق اخرى وما شابه. فمثلاً موضوع الاعراس والمصروفات المترتبة عليها تأجلت بحالة الطبيعة ولكن سوف تزداد في فترة ما بعد الخروج من الوباء وفتح جميع المرافق التجارية مما سيضطر الكثير اجراء حفلات الاعراس في اوقات غير معتادين عليها مثل فترة الشتاء وفي الوقت ذاته سنرى ان الناس ستحاول عمل حفلات افراح وليالي افراح بإعداد اقل مما اعتادوا عليه في السابق مما يعطي مردود ايجابي بسبب وباء الكورونا ومسارات انماط ونهج جديد بالتعامل مع الاقتصاد وترشيد الاستهلاك الذي يمكن ان يؤدي الى مسار جديد يعتاد الناس عليه لاحقاً.
وتابع: وكذلك ان قرار فتح الكنيونات الذي نجم عن ضغط مكثف لأصحاب المصالح على الجهات المختصة بسبب الاوضاع الاقتصادية المزرية التي وصلوا اليها بسبب الكورونا سوف يقلص الزيارات للمواطنين العرب للتسوق في هذه التجمعات بسبب الاجراءات المشددة من ناحية ادخال الناس والفحوصات التي سيتم العمل بها مما سيتيح التسوق في البلدات العربية وإنعاش اقتصادها. على ما يظهر انه سيتم الاستفادة من الكورونا مع كل سلبياتها من اجل ترشيد الاستهلاك وارساء نهج جديد له مردود افضل على اقتصاد العائلات.
[email protected]
أضف تعليق