تقليد سنوي، هكذا وصف البعض مسيرة الأول من أيار التي أجريت امس في ظروف متواضعة تماشيا مع ازمة كورونا التي تعصف بالبلاد، دون أي اعتبار لقيمته الحقيقية او جهود تبذل لتنفيذ مبادئ هذا اليوم الطبقي مثل الحرص على تقليص الفجوات بين الطبقات والشرائح المختلفة، التخفيف عن العامل وطرح قضاياه ودعمه خصوصا خلال هذه الفترة، فنرى ان اكثر من مليون شخص قد انضموا الى سوق البطالة وسط تقبل بالأمر الواقع ناهيك عن أصحاب المصالح الصغيرة والمستقلين الذين يشكلون نسبة كبيرة من أبناء المجتمع العربي وجدوا انفسهم على ناصية الطريق دون أي داعم او معيل اللهم غير بعض الفتات التي تلقمهم الحكومة إياها او تقذفهم بها، عمال البناء لا زالوا يلاقون حتفهم في ورشات العمل دون اهتمام موسع لطرح قضاياهم من حزب العمال بشكل خاص، اذ ان اتهامات طالت الحزب الذي يحيي الأول من أيار بانه اصبح المهمش الأول لقضايا العمال، بل تقوقعت هذه القضايا في بوطقة ضيقة من التهميش وسط أهمية احياء الذكرى للإبقاء على الحزب الذي نشأ من فكرة دعم العمال ومساندتهم. -كما يدعي البعض- وكأن احياء الذكرى بات واجبا ليس أكثر

تحول من يوم نضالي الى مظاهره رقميه بدون فحوى

وشهد شاهد من أهلهم مثل يطبق على الناشط الاجتماعي والسياسي د. عزمي حكيم الفاعل في صفوف الحزب الشيوعي الداعم والمقيم والمواظب على مسيرات الأول من أيار منذ عقود بدوره رأى ان الاول من ايار هذا العام يأتي في ظل ازمة الكورونا ويمر مر الكرام مثله مثل باقي مناسباتنا ان كانت اعياد او احتفالات حيث تحول من يوم نضالي وليس فقط اليوم انما منذ سنوات الى مظاهره رقميه بدون فحوى. رغم ان العمال هم أكثر المتضررين على مر الزمن الا انهم ايضا في هذه الازمه يتم تغييبهم من قبل وسائل الاعلام فيوميا نرى ونسمع زعيق اصحاب راس المال الذين تضرروا من جراء الازمه مع تغييب اساسي ومقصود من قبل الاعلام للعمال او من يمثلهم. طبيعي الاعلام الاسرائيلي موجه والاعلام يحتاج لأصحاب رؤوس الاموال ولكن السؤال الذي يطرح اين الاحزاب اين الجمعيات العمالية من هذا الوضع؟

وصل الحد ببعض الشركات تهديد الحكومة بأنهم لن يفتتحوا اماكن العمل ان لم تستجب الحكومة لمطالبهم ومن هو المتضرر من هذا التهديد؟ طبيعي العمال والموظفين؟ اين المؤسسات التي تدافع عن العمال؟ اين الاحزاب العمالية؟! لا أحد يسمع صوتهم دفاعا عن العمال وبالذات العمال العرب الذين يعانون الأمرين لأهم عمال ولأنهم عرب! العمال أصبحوا رهائن لأصحاب رؤوس الاموال وأصبحوا بين المطرقة والسندان ما بين الحكومة واصحاب العمل للأسف. ان هذه الازمه اوضحت لنا ان العمل ليس فقط حق من اجل العيش بكرامة انما هو احد اهم حقوق الانسان لكي يشعر بإنسانيته فالذهاب الى العمل يوميا له فائدة اقتصاديه وفائدة اجتماعيه نفسيه ايضا وربما ربما بعد هذه الازمه عرفنا وتعرفنا على حياة المُعَطلين عن العمل ومدى بؤس حياتهم اليومية.

الحزب الذي تبنى هذه الذكرى بات مهمشا لفئة العمال من داخل أروقته

الناشط الاجتماعي والسياسي إيهاب جبارين أشار قائلا ل "بكرا: يعود الينا الأول من أيار هذا العام مغايرا، في ظل أزمة الكورونا وتبعياتها الاقتصادية، مؤشرا لتغيير مستقبلي ممكن أن نشهده في سوق العمل ومفاهيمه نبدأها بمليون ونصف عاطل عن العمل، أغلبهم من فئة العمال المستضعفون في هذا السوق أصحاب الياقات الزرقاء. ليلاقيهم هذا العام هذه الذكرى وقد أفرغت من كثير من المعاني الرنانة، فالعامل، والذي هبت هذه الثورة من أجله، عاما بعد عام يغيب عن الصورة النضالية طوعا وكراهية، ليبقي هذه المنصة ليتاجر بها السياسيون باسمه.

وتابع: هذا ما رأيناه يوم أمس، فحتى الحزب الذي تبنى هذه الذكرى بات مهمشا لفئة العمال من داخل أروقته فحتى مسيرة السيارات افتقدت لـ "سيارات العمال". تعود هذه الذكرى لتذكرنا أننا بحاجة لإشراك العامل الحقيقي في حلبة اتخاذ القرار، ومساعدته على تأطير ذاته بداخل نقابات تضمن حقوقه، التي بطبيعة الحال هو أدرى بها. فحقوقه أكبر من مجرد راتب منخفض، أو ساعات عمل، ماذا عن التعويضات الصحية، إصابات العمل والكثير من الأمور غيرها. لذلك إذا لم نهتم بالعامل وبإشراكه بالحلبة السياسية والنقابية كما يجب، وإعادته لجبهة اتخاذ القرار، ستبات هذه الذكرى كما هي اليوم مفرغة من أسمى معانيها.

الناشطة الاجتماعية والسياسية سهير بدارنة التي وافقته الرأي انتقدت بشكل لاذع والى حد كبير من يقوم على مفهوم الأول من أيار وقالت: القيادات التي تسير في الشارع في اول أيار لا تشعر كما يجب بعمال البناء او المرأة الكادحة التي تعمل ليلا ونهارا، أصبح الصف الأول في الأول من أيار للاستعراض حيث يجب ان يكون لعمال النفايات او العامل البسيط وليس لأصحاب المرسيدس والمعاشات العالية.

الهدف التوعية!

الناشطة الاجتماعية والنسوية نبيلة اسبنيولي قالت: النضال اي نضال لا يتركز في يوم واحد ان احياء ذكرى يوم المرأة ويوم العمال ويوم الارض ويوم النكبة وجميع الايام النضالية تهدف الى وضع الموضوع في وعي الجماهير عامة ومراجعة القضايا التي يجب التركيز عليها لاحقا تمكننا الذكرى ايضا من مراجعة الانجازات والتذكير في التحديات

وتابعت: هنالك عمل لصالح العمال من خلال لجان العمال المختلفة ومن خلال ممثلين بالهستدروت والنقابات العمالية المختلفة ومن خلال بعض اعضاء الكنيست الذين يتابعون القضايا المختلفة للعمال على سبيل المثال النضال من اجل رفع الحد الادنى من الاجور ونضال الذي ارتبط بالجبهات الطالبية في الجامعات وبعضوة الكنيست عن الجبهة السيدة عايدة توما سليمان من اجل التشغيل المباشر لعمال وعاملات النظافة في الجامعات والذي لاقى نجاح وحسن من شروط العمل لعمال وعاملات النظافة في جامعة حيفا وجامعات اخرى بالبلاد ما زال العمل قائم وغالبيتهن من النساء، ولا يكفي هذا العمل فهنالك قضايا عمالية كثيرة لم تلاحق بشكل كافي على سبيل المثال في مجتمعنا العربي التشغيل الاسود للعديد من النساء دون ضمان حقوقهن الاجتماعية ولا حقهن في الاجر الادنى ومثل هؤلاء يجد نفسه الان في ظل كورونا دون دخل ودون تأمين وغالبية المتضررات هنا هن النساء.

نسبة النساء اللواتي فقدن اماكن عملهن تفوق ب 20%؜ نسبة الرجال

وعقبت ميسم جلجولي رئيسة مؤسسة نعمت لواء المثلث الجنوبي قائلة: الحكومة قررت المس بسوق العمل والعمال، وهي استغلت ازمة كورونا بانتهاج سياسية للمس بالعمال والعاملات. أكثر من مليون عامل وعاملة فقدوا اماكن عملهم بدون اي تعويض مناسب لهم. السؤال الكبير هل سيعود هؤلاء العمال الى اماكن عملهم بعد الازمة؟ من الواضح ان الاجابة هي لا! ومن الواضح ان هناك استغلال للازمة ايضا من قبل المشغلين الكبار الذين انتهزوا الفرصة لإجراء خطط اشفاء على حساب العاملين، وهنا تأتي أهمية العمل المنظم- الشريحة الاقل تضررا هي شريحة العمال المنظمين والذين أخرجوا بمعظمهم الى اجازات مدفوعة. وهذا يؤكد على أهمية التنظيم النقابي.

وتابعت: من الواضح ان الشريحة النساء أكثر تأثرا فنسبة النساء اللواتي فقدن اماكن عملهن تفوق ب 20%؜ نسبة الرجال وهذا معطى مقلق جدا وخاصة في طل الطروف الحالية ومن المتوقع انهن لن يستطعن الحصول على عمل في المستقبل القريب وخاصة الامهات اللواتي لن يستطعن الخروج من البيت حتى عودة المدارس والحضانات الى الدوام. الاثمان التي سيدفعها العمال وخاصة في ظل النظام الرأسمالي النيو ليبرالي وعدم توفر شبكة رفاه اجتماعي قوية داعمة ستكون كبيرة. في اسرائيل لا يوجد لدى العامل او العاملة شبكة امان اجتماعي. المطلوب الان الضغط وبكل الوسائل على التعويض الكامل- 100٪؜ عن الدخل.

الاول من ايار هذه السنة تحديدا يعري السياسات الحكومية الطبقية

ريهام أبو العسل رئيسة نعمت لواء الناصرة قالت ل "بكرا": من المؤكد ان مركزية احياء الاول من ايار تغيرت عن الماضي على صعيد العالمي والمحلي وذلك لأسباب عديدة، منها الانهيارات التي حصلت للأنظمة الاشتراكية وسيطرة الانظمة الليبرالية والابتعاد عن التعامل مع الابعاد الطبقية وتأثيرها على مختلف مناحي الحياة، سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا. لكن من ناحية اخرى نرى انه تحديدا وفي ظل تغول السياسات الرأسمالية وانظمة السوق الحر والسياسات النيو ليبرالية فان احياء الاول من ايار يصبح أكثر الحاحا وأكثر أهمية. لان من خلال ذلك تطلق صرخة الشرائح العاملة المستضعفة التي بالكاد تستطيع ان تؤمن قوت يومها، وهي تشكل غالبية المجتمع التي تتعرض في ظل هذه السياسات للاستغلال والانتهاكات المختلفة بينما تتجمع الثورة في يد نخبة قليلة من الرأسماليين التي تراكم ثروتها على حساب العمال والاجيرين.

وتابعت: في هذه الفترة بالذات حيث جائحة الكورونا التي اخرجت أكثر من مليون ومئة ألف من العمال والعاملات، فأننا نرى بوضوح الاضرار والخسائر الكبيرة التي يتعرض لها العمال واصحاب المصالح الصغيرة، بينما تقوم الحكومة بضخ الاموال لأصحاب رؤوس الاموال الكبيرة لكي تضمن استقرار اقتصادها بينما تلقي بسائر شرائح المجتمع لدائرة الفقر والعوز. الاول من ايار هذه السنة تحديدا يعري هذه السياسات أكثر من ذي قبل ويعيد رؤية الصراع الطبقي للواجهة ويطلق صرخته كما كل عام للمطالبة بتحقيق العدل والمساواة ووقف الظلم والاستغلال القائم.

وقالت: نحن في الجبهة الديمقراطية نعمل في نعمت ومجلس العمال بمختلف المستويات التدعيمية والحقوقية بين العمال والعاملات، نقدم الارشاد والتوجيه بكل ما بتعلق بحقوق العمل والاستشارات القانونية وكذلك المرافقة القانونية في حال كان هناك انتهاكات لحقوق العامل/ ة في اماكن العمل.

رفع شعار الاول من ايار لم يكن يوما شعارا فقط

د. رنا زهر الناشطة السياسية قالت بدورها: يحل علينا الاول من ايار-يوم العمال والعاملات العالمي- هذا العام ونحن في ظروف استثنائية في ظل أزمة فيروس الكورونا الذي نتج عنه فصل مئات آلاف العمال والعاملات والموظفين والموظفات أو إخراجهم إلى حالة بطالة مؤقتة أو طويلة الامد. لذا، التضامن مع هذه الشريحة من المجتمع، عربا ويهودا، يتخذ منحى أكثر راهنيه وجدية هذا العام. الحجر الصحي الذي فُرِض في الأشهر الأخيرة، وان كان مبررا، فإنه أودى بنا إلى أزمة اقتصادية كبيرة. وبحسب جمعية "سيكوي" فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل مليون ومائة ألف، وارتفعت نسبة البطالة إلى %27. العمال العرب هم الأكثر تضررا من هذه الأزمة. %44 من العمال العرب خرجوا في إجازة غير مدفوعة الأجر أو أقيلوا من عملهم، مقابل %37 من العمال اليهود، وفي بعض البلدات العربية، نسبة البطالة أعلى بكثير من المعدّل القطري: الناصرة (%47)، رهط وأم الفحم (%33). بحسب نفس المصدر. حتى من قبل نشوب هذه الأزمة، عانى مجتمعنا العربي من نسب فقر وبطالة أعلى من المجتمع اليهودي، وجاءت هذه الأزمة لتزيد الطين بلة.

وتابعت: الاول من ايار جاء ليذكرنا بضرورة النضال ضد الرأسمالية الجشعة المتمثلة بحكومة نتانياهو وخطها الاقتصادي النيو ليبرالي، وبضرورة عمل المجتمع بمؤسساته المختلفة والنواب العرب من القائمة المشتركة (وغيرهم ايضا) من أجل تحصين واحقاق حقوق العمال والعاملات. فكما ساهم النائب السابق دوف حنين عن الجبهة/المشتركة برفع الحد الأدنى من الأجور للعمال، وساهمت النائب عايدة توما عن الجبهة/ المشتركة من موقعها برئاسة لجنة رفع مكانة المرأة بزيادة الميزانيات الحضانات الممولة حكوميا في بلداتنا العربية ليتسنى لنساء شعبنا العمل، نراهم اليوم ايضا يتصدون لمحاولات طمس حقوق العاملات بالذات (وهن الحلقة الأضعف اجتماعيا-اقتصاديا) عندما أعلنت الحكومة السماح لأرباب العمل بفصل العاملات والموظفات الحوامل بعكس القانون. بواسطة مؤسسة عدالة تصدت النائب عايدة توما مجددا لهذا الانتقاص بالحقوق وألزمت الحكومة بالتراجع عن هذا الأمر بواسطة المحكمة. وانا واثقة أن نواب المشتركة والمجتمع المدني يحاولون المساهمة في النضال ضد بطالة العمال قدر الإمكان في ظل حكومة يمينة جشعة. على الحكومة أن تقدم رزم مساعدات وتسهيلات للمصالح المتضررة والعاطلين والعاطلات عن العمل، وعلى مؤسسات شعبنا ومنها المشتركة أن تلاحق هذا الموضوع. رفع شعار الاول من ايار لم يكن يوما شعارا فقط، أو مظاهرة فقط. وما المظاهرات الا رمز من رموز هذا اليوم الذي بواسطته نرفع وعي الناس لمطالب عادلة. الاول من ايار هو فكر وممارسة اشتراكية قبل كل شيء. مارسها ويمارسها العديد من أبناء شعبنا وكل من موقعه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]