في تواصل مستمر لمراسلة "بكرا" مع خطوط الطوارئ التي تم انشاؤها خصيصا خلال أزمة كورونا رصدت مراسلتنا ان هناك محادثات صعبة جدا تصل هذه الخطوط احدى هذه المحادثات الملفتة للنظر والتي اثارت ذعر العاملين في هذا القسم تابعة لأحد الأزواج من قرى الشمال الذي اتصل على الخط وهدد بقتل زوجته بسبب هوسها بالنظافة خلال فترة الحجر الصحي مما اضطر العاملين في الخط التواصل مع الشرطة والتبليغ عن الحالة وتدخل الأخيرة لمنع أي مصيبة قتل جديدة ممكن ان تحصل.

المجلس الاسلامي للإفتاء يحذّر من ازدياد نسبة الطّلاق بسبب أزمة كورونا
وقد حذّر المجلس الاسلامي للإفتاء برئاسة الدكتور مشهور فوّاز محاجنه من ازدياد نسبة الطّلاق وذلك بسبب الخلافات الزوجية النّاجمة عن الظّروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية الحرجة التّي تمر بها البيوت والأسر في ظلّ أزمة كورونا. ويرى المجلس أنّه من الواجب المحتّم على المتخصصين في مجال التربية والأسرة أخذ دورهم الفاعل في هذه المرحلة وتقديم التوصيات والارشادات والآليات العملية للزوجين والأسرة للتعامل والتعايش مع الظروف الرّاهنة وتفهم كلّ فرد للآخر بهدف الحفاظ على مناخ وجو أسري دافئ وآمن. كما ويحثّ المجلس بالوقت نفسه الدعاة والوعاظ بالحديث عبر وسائل وقنوات التواصل الاجتماعي حول مكانة الأسرة وأهميتها من الناحية الدينية وعن هدي وخلق النّبي صلّى الله عليه وسلّم مع أهله وما للزوجين من حقوق وواجبات.

د. نهاد علي. عالم اجتماع رئيس مركز التعددية الحضارية في اكاديمية الجليل الغربي وجامعة حيفا، رئيس قسم المجتمع العربي بمؤسسة شموئيل نئمان بالتخنيون، مستشار أكاديمي بمبادرات إبراهيم رأى ان أحد مميزات المجتمع العصري وخاصة في المجتمع الغربي هي فريضة العمل خارج المنزل الملقاة على كاهل شركاء الحياة وخاصة الزوج والزوجة. ونتيجة لذلك يكون أوقات اللقاء بين الزوجين محصورة بأيام العطل الأسبوعية او بعد الدوام خاصة إذا كان هناك تناسب بينهما في ساعات العمل ولا يعملان بورديات مختلفة. وبالتالي فان هذا الامر ينطبق ايضاَ على اللقاء اليومي مع الابناء الذي هو أيضا مقلص وعدد ساعاته محدود لانشغال الابوين بالعمل خارج المنزل ولضيق فسحة الزمن. وعليه استخدم الاهل مصطلحات رنانة وبعضها كذابة مثل، اقضي مع اولادي وقت قليل ولكنه نوعي وغير ذلك من المبررات والضرائب الكلامية.
وتابع: طبيعة الحياة الغربية افرزت تقاسم وظيفي معين داخل العائلة وعلى الغالب كانت المرأة ضحية لهذا التقاسم وقد قبلته عنوة لاعتبارها بان عمل الزوج هو الأساسي كما ينص القانون او لان عملها أسهل او جزئي وغير ذلك. والحقيقة ان المجتمعات اعتادت هذه الحياة. بعضها عن قناعة والأخر على مضض.



عصبية الرجال المفرطة

واسهب د. علي في التفصيل والشرح مع تفشي فيروس كورونا، واطالة مدته والعجز العام في مواجهته او إيجاد مصل له او دواء انقلبت حياة الملايين حول العالم رأسا على عقب، بسبب ما يتعرض له ملايين البشر من حجر صحي وقائي لمحاولة التقليل من نسب الإصابة بالفيروس ونقل العدوى ، ومكوث الأزواج والزوجات والأطفال في المنزل لساعات طويلة، وهو السبب الرئيسي لكثير من الخلافات الزوجية، ليردد الكثير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تخوفهم من أن –الكورونا- من الممكن أن تتسبب في خراب البيوت الأزواج، بسبب تزايد الاختلاف بوجهات النظر بين الأزواج، أو المشاجرات بسبب الجو العام المقلق، أو بسبب تدخل الأزواج المبالغ به كل في شؤون الاخر او بسبب الضغط الذى يسببه مكوث الأولاد في المنزل على عكس ما هو معتاد فى الأيام العاديةـ، وحالة الملل والفراغ، التي دفعت كلا الزوجين في التركيز بالتفاصيل الصغيرة ورفض النساء ما كان مقبول من تقاسم وظيفي غير منصف وعصبية الرجال المفرطة خاصة اذا بقي هو داخل البيت وخرجت زوجته للعمل نتيجة لطبيعة عملهما وغير ذلك.

ارتفاع في الطلاق في دول العالم بسبب كورونا

وتحدث أيضا عن دول كثيرة في العالم تواجه ذات الأزمة في كورونا وقال: على مستوى العالم، ووفقا لوسائل الاعلام (لا توجد وسيلة لتأكيدها حاليا) وقعت الكثير من حالات الطلاق او طلبات الطلاق، حيث أكد أحد المراكز البحثية في الولايات المتحدة الأمريكية أن طلبات الطلاق بعد الحجر المنزلي الذي أقرته الحكومة للمواطنين للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، ازدادت بشكل كبير ومقلق جدا، أما في الصين، الدولة التي صدرت الجانحة الى العالم، فحدث ولا حرج فالبيانات الحديثة تشير لتقدم مئات من الأزواج بإحدى المدن بطلبات للطلاق نتيجة للحجز المنزلي المتشدد، وأن نسب التفكك الأسري والطلاق في بريطانيا زادت بسبب تفشي فيروس كورونا.
وتابع: يبرز الارتفاع في معدلات الطلاق في اليابان نتيجة لجائحة كورونا في عرض نشرته شركة يابانية شققها الفارغة للأزواج الذين يعانون من المشكلات جراء التوتر الناجم عن تدابير الإغلاق بسبب فيروس كورونا، كوسيلة للافتراق وحصول كل طرف على بعض الوقت بمفرده. وتقدم الشركة وحدات مفروشة بالكامل على أنها "ملاذات مؤقتة" للأشخاص للهروب من العائلة، سواء للعمل أو لمجرد الحصول على بعض السلام والهدوء.

قضايا الطلاق تتصدر وسائل الاعلام في العالم الاسلامي

وكان للعالم العربي والإسلامي حصة من الازمة فقال د. علي: اما في العالم العربي والإسلامي فتصدرت قضايا الطلاق نتيجة للحجر او الحشر المنزلي عناوين بارزة في وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي. ففي مصر، فقد صرح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن فيروس كورونا المستجد كان سيتسبب في خراب بيوت الأزواج في حالة عدم صدور فتوى تُفيد بعدم وقوع الطلاق الشفوي، مضيفًا أن الفتوى حولت المحنة إلى منحة. وفي تركيا أعلن أحمد آغا أوغلو، رئيس نادي طرابزون سبور التركي، أن تجميد المباريات في بلاده سوف يؤدي إلى زيادة معدلات الطلاق، وأوضح أن كرة القدم وسيلة للتسلية تحرر الناس من الضغوط وإذا توقفت لفترة طويلة قد تزيد حالات الطلاق لتعذر الحجر الصحي. هذا الحال ينطبق على مجتمعنا الفلسطيني في الداخل خاصة وان هذا المجتمع هو مجتمع انتقالي يتأرجح بين المجتمع التقليدي والمجتمع المتمدن.

هل ستؤدي هذه الأوضاع الى ارتفاع بنسب الطلاق في مجتمعنا؟
للإجابة على هذا السؤال من المهم ان ننوه ان نسب الطلاق داخل المجتمع الفلسطيني بالداخل اخذة بالارتفاع نتيجة لأسباب اجتماعية واقتصادية وتطور التكنولوجيا التي حولت الحيز الخاص الى عام ومالية التواصل واستقلالية المرأة الاقتصادية وغيرها فقد ارتفعت نسب الطلاق بالمجتمع المسلم في السنة الماضية بأكثر من الثلث.
اما في عهد كورونا فمن المرجح ان تزداد نسب الطلاق في مجتمعنا. حيث قال د. علي: العائلات المرجح الطلاق بها أكثر من غيرها منها العائلات الفقيرة حيث ان فقرها سيزداد مما يؤثر على زيادة طردية بالمشاكل والمشاحنات التي قد تؤدي للطلاق او الانفصال العائلات المعنفة التي بها الزوج (او الزوجة) عنيفا في تعامله وسلوكه، سواء كان عنفه جسديا او نفسيا. ان حجر الخصمان وبقائهما معا بشكل قصري وبدون فسحة للتخفيف سيزيد العنف الاسري بحق الزوجة والأولاد وقد امتلأت ملاجئ النساء المعنفات نتيجة لازدياد العنف في عهد كورونا الأزواج الشابة التي لم تعتاد بعد على بعضها بشكل كاف ولم تتأقلم الى طبائع الواحد للآخر بعد ولم يعتادوا على منعطفات الحياة خاصة إذا ما كانت الأوضاع الاقتصادية سيئة نتيجة تكاليف العرس والبيت الجديد العائلات التي عانت من خلافات مستديمة بينها قبل عهد جائحة كورونا وكان الخروج من البيت ملاذا لها وهروب من المواجهة. حجر هؤلاء الأزواج داخل قفص بيتي سيثير الخلافات ويصعدها وقد تصل الى الطلاق. من المهم ان ننوه بان غالبية عائلاتنا معيارية ومتراصة وصلبة وقادرة على مواجهة التحديات والصمود واستثمار الإرث الاجتماعي والثقافي والديني وتنتصر على جائحة كورونا


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]