ما يزال فايروس الكورونا المستجد يواصل انتشاره في مختلف أنحاء العالم، وبضمن ذلك في بلادنا. وعند الحديث عن هذا الوباء وانتشاره في البلاد، لا بد من التطرق إلى موضوع القرى العربية في منطقة النقب وكيفية مواجهتها لهذا الفايروس، خصوصا في ظل وجود عدد كبير من المواطنين الذين يقطنون في القرى العربية مسلوبة الاعتراف، والتي غالبا ما يتلقى مواطنوها الخدمات الأساسية من المجالس الإقليمية العربية التي تشمل عددا إضافياً من القرى المعترف بها.
في هذا السياق كان لموقع "بكرا" حديث مع اثنين من رؤساء المجالس الإقليمية في النقب: السيد إبراهيم الهواشلة، رئيس المجلس الإقليمي واحة الصحراء، والسيد سلامة الاطرش، رئيس مجلس القصوم الإقليمي.
نقدّم الخدمات لضعف عدد سكان المجلس...
خلال حديثنا مع السيد إبراهيم الهواشلة، رئيس المجلس الإقليمي "واحة الصحراء"، سألناه بداية عن القرى الواقعة ضمن نفوذ المجلس الإقليمي وكم عدد سكانها الإجمالي.
الهواشلة: "قرى المجلس الإقليمي هي بئر هداج، أبو قرينات، قصر السر وأبو تلول. يبلغ عدد سكان القرى الأربع المذكورة حوالي 23,000 نسمة، لكن المجلس يقدم الخدمات لعدد من القرى الأخرى غير المعترف بها، والتي ترفع عدد السكان الذين يتلقون خدمات المجلس (بالأساس في مجالات التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية) إلى أكثر من 40000 نسمة.
وفي إطار ردّه على سؤالنا حول فحوص الكورونا التي يتم إجراؤها، وإن كان يتم إجراء مثل هذه الفحوص في مناطق المجلس الإقليمي، أجاب: بناء على التعليمات الصادرة من الجهات المسؤولة (وزارة الصحة ونجمة داوود الحمراء)، لا يتم إجراء هذه الفحوص بصورة جارفة وإنما بحسب معايير محددة.
وعن حالات الإصابة قال: "ليست لدينا، الحمد لله، حالات إصابة بالفايروس، عدا إصابة واحدة تم تسجيلها في قرية وادي النعم (غير المعترف بها) وقد تم الشفاء وتعافي المصاب. عدا ذلك ليست لدينا معلومات واضحة ودقيقة حول إجراء أي فحوصات بشكل منظم.
نقدّر نسبة التجاوب حاليا بـ 70% من السكان
وتابع: "نحن كمجلس نحث جميع السكان، من خلال موقعنا على الإنترنت وصفحتنا في الفيسبوك، أن يتوجهوا لإجراء الفحص في حال كانت هنالك حاجة أو كان هنالك شك بالإصابة".
وعن مدى التعاون مع الجهات الرسمية المعنية بالأمر، قال السيد إبراهيم الهواشلة إن هنالك تواصلا مستمرا مع وزارة الصحة ومع الطبيبة اللوائية في منطقة الجنوب، بالإضافة إلى التواصل الجيد مع الجبهة الداخلية وكافة الجهات المعنية الأخرى.
بكرا: إلى أي مدى تقدّر مدى تجاوب السكان مع التوجيهات الوقائية بالتزام البيوت؟
الهواشلة: في البداية لم يكن الالتزام بالتوجيهات والبقاء في البيوت على المستوى المطلوب، وكان هناك نوع من اللامبالاة، من باب الاعتقاد أن هذا الأمر وإمكانية العدوى قد يكونان بعيدين عنا، لكن مع مرور الوقت بدأنا نلاحظ ازدياد الالتزام بحيث أستطيع القول الآن إن نسبة الالتزام وصلت في هذه الفترة إلى نحو 70% تقريبا. طبعا هنالك بعض الشباب اللامبالين ما يزالون، ونحن ندعوهم إلى الالتزام للحفاظ على صحتهم وصحّة ذويهم.
غرفة طوارئ، ومساعدات عينية...
وعن النشاطات الإضافية والإجراءات التي يتخذها المجلس الإقليمي واحة الصحراء في هذا الصدد، قال الهواشلة: "بالتعاون مع المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها ومع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، قمنا بإنشاء غرفة طوارئ في قرية أبو تلول التابعة لمجلس واحة الصحراء، والتي تقدم الخدمات لقرى المجلس وللقرى غير المعترف بها، كما تعمل على تركيز المعلومات وتجنيد المساعدات للمحتاجين وللعائلات المحتاجة.
كذلك أنشأنا في القاعة الرياضية الكبيرة مركزا لتجميع المواد الغذائية التي نحصل عليها من متبرعين ومن قسم الشؤون الاجتماعية والجبهة الداخلية، وهناك يتم تنسيق كل موضوع توزيعها على المحتاجين. طبعا كل المعلومات اللازمة لهذا العمل موجودة لدى المجلس الإقليمي (العائلات المستورة والعائلات كثيرة الأولاد وغيرها)، مما يجعلنا نأخذ دورا فعالا في هذا العمل".
سلامة الأطرش: بدأنا حملة التوعية مبكرا، والتجاوب ممتاز!
ولمتابعة الحديث عن الموضوع، تحدثنا في موقع بكرا كذلك مع السيد سلامة الأطرش، رئيس المجلس الإقليمي القصوم، والذي قال لنا: "يشمل مجلس القصوم الإقليمي سبع قرى معترف بها والعديد من القرى غير المعترف بها التي تتلقى الخدمات من مجلسنا أيضا. القرى السبع المعترف بها هي: الترابين، أم بطين، السيد، الأطرش، كحلة، محكولة، والدريجات. يبلغ عدد سكانها حوالي 35,000 نسمة. يضاف إليهم أكثر من 35,000 آخرين من سكان القرى غير المعترف بها (وبشكل بارز قرية الفرعة البالغ تعداد سكانها أكثر من 10 آلاف نسمة).
سألناه عن وتيرة إجراء الفحوص من قبل سكان منطقة نفوذ المجلس الإقليمي، فقال: "على ما أعلم، حتى الآن قام بإجراء الفحوص أكثر من 1690 مواطنا من النقب كله، وبضمنهم أكثر من 100 شخص من سكان المجلس. هذا مع الملاحظة أن الفحوص لا تجري بصورة جارفة، وإنما فقط بناءً على توجيه من طبيب في عيادة الخدمات الصحية أو بعد التنسيق مع نجمة داوود الحمراء، أي أن الباب لإجراء الفحوص ليس مفتوحا أمام الجميع. مراكز الفحص موجودة في رهط منذ 12 يوما، وكان هنالك مركز في قرية أكسيفة لمدة أسبوع، ومركز ثالث ليومين عند مفترق السقاطي (شوكت)".
إصابتان في قرى المجلس، وتعافي إحداهما
وعن عدد الإصابات التي تم تشخيصها في قرى المجلس، إذا ما كانت هنالك إصابات، أكد الأطرش إنه كانت هنالك إصابتان مؤكدتان، إحداهما لممرض ما زال مصابا، لكن حالته توصف بأنها طفيفة ومستقرة، وإصابة أخرى لمواطن آخر، شفي وتعافي وهو في حالة ممتازة الآن.
وعن استعدادات وإجراءات المجلس الإقليمي لمواجهة جائحة الكورونا، حدثنا الأطرش قائلا: "عندما بدأت الدولة بالحديث عن فايروس الكورونا، قمنا بحملة إعلانية وإعلامية واسعة النطاق وغير مسبوقة لنشرح للناس من خلالها عن هذا الفايروس وأضراره ومخاطره. لأننا كمجتمع عربي متماسك اجتماعيا ومتقارب كنا بحاجة لمثل هذه التوعية. قلنا للأهالي بصورة واضحة إن خير علاج لهذا المرض هو التباعد الاجتماعي والتزام البيوت.
كذلك، وبعد 3 أيام، اجتمعنا بجميع أئمة المساجد وقمنا بحثّهم على تقليص عدد المصلين في المساجد، إلى أن تم الإعلان عن الإلغاء التام للتجمعات الكبيرة وبضمنها الصلاة في بيوت العبادة.
أنت تعلم، مجتمعنا يتسم بالتقارب وأجواء العائلة، وفي كل منزل هنالك 7-12 شخصا، غالبية أفراد المجتمع هم من الشباب، أي أنهم من الممكن أن يتعرضوا للإصابة دون أن تبدو عليهم الأعراض، وبسبب الكثافة السكانية المرتفعة، من الممكن أن ينقل هؤلاء الشباب العدوى لأهاليهم دون أن يشعروا بذلك. أخذنا كل ذلك بالحسبان وقمنا بتكثيف موضوع التوعية.
لقد طلبت من الطبيب البيطري في المجلس الإقليمي أن يصدر كل يومين مقطع فيديو إرشادي يشرح من خلاله المخاطر وطرق الوقاية، ونحن مستمرون بذلك حتى الآن. أعتقد أن هذا الأمر ساهم كثيرا في عدم تفشي الوباء على نطاق واسع في مجتمعنا.
وتابع: "عندنا في النقب الوعي مرتفع جدا. الجمهور يعرف أن هذا الفايروس لا يميز بين عربي ويهودي، والناس يرغبون بالحفاظ على أهاليهم. يقول الشخص الشاب لنفسه: "لماذا أجلب المرض لنفسي ولأهلي الكبار بالسن؟"، لا يستطيع تحمل ذنب التسبب بإيذاء أهله.
مجتمعنا بخير.. ومُتكافل
وأكد الأطرش وجود تنسيق تام بين المجلس وبين الجهات الرسمية المسؤولة في الدولة. كما أشار إلى أن المجلس يقوم بتوزيع المساعدات العينية والمادية على العائلات المستورة ومحدودة الدخل (علما أن هنالك الكثير من هذه العائلات لا نحظى بالاعتراف الرسمي بكونها متضررة لأن معيليها كانوا يعملون بصورة غير رسمية ودون قسائم راتب). وأكّد: "قمنا بتوزيع الطعام وحليب الأطفال، وحتى قسائم الشراء – ذات قيمة مالية – وغيرها من المساعدات. مجتمعنا والحمد لله بخير، لدرجة أن بعض العائلات التي نتوجه لها مقدمين المساعدات تتعفّف وتطلب منا تقديم المساعدات لمن هم أكثر حاجة منها. التكافل الاجتماعي على أعلى المستويات، والحمد لله الوضع مستقر وتحت السيطرة".
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
نخون