وجه شيخ الأزهر، أحمد الطيب، مساء اليوم الأحد 29 مارس/آذار، بشأن الجهود العالمية لمواجهة وباء كورونا المستجد "كوفيد 19".

وقال الطيب، في رسالته التلفزيونية، التي نشرتها صحيفة "أخبار اليوم" المصرية: "هناك مسؤولية على الجميع أن يتحملها في مكافحة فيروس كورونا وحماية الإنسانية من أخطاره".

وتابع شيخ الأزهر بقوله "الالتزام بالتعاليم الصحية والتنظيمية وأن ذلك واجب شرعي يأثم تاركه، وأن اختلاق الشائعات وترويجها وإفقاد الناس الثقة في إجراءات الدولة حرام شرعًا".

وأكد شيخ الأزهر أن "ما يقدمه الأطباء وطواقم التمريض وكل العاملين بالمجال الصحي يجب أن نذكره بفخر واعتزاز".
ودعا شيخ الأزهر إلى ضرورة التقرب إلى الله وبذل الصدقات والالتزام بالتعاليم الوقائية للقضاء على "كورونا"، وتقديم يد العون إلى كل المتضرّرين والمنكوبين من كورونا، وأكد "تضامنه مع كل الدول والشعوب التي كان تكافح هذا الوباء الخبيث".

واستمر الطيب قائلا "تعلمون أنّ عالمنا اليوم يعيش في رعب كبير وكرب شديد، نتيجة الانتشار المتسارع لوباء كورونا المستجدّ، والذي تسبب في إصابة مئات الآلاف ووفاة الآلاف من البشر، وأربك سَيْرَ الحياة الطبيعية بعدما قطع وصالها في كل أنحاء العالم".

وقال شيخ الأزهر "في ظل هذه الظروف القاسية وجب علينا: دُوَلا وشعوبا وأفرادا ومؤسسات وهيئات، أن يتحمل كل منا مسؤوليته في القيام بدوره في مكافحة هذا الوباء وكبح جماحه، وحماية الإنسانية من أخطاره".

وأردف: "وجب كذلك أن نذكر بكل الفخر والاعتزاز والتقدير، التضحيات الهائلة التي يبذلها الأطباء والممرّضون وكل العاملين في المجال الصحي، هؤلاء الذي يخاطرون بأرواحهم وأنفسهم؛ من أجل التصدي لهذا المتربص بالإنسانية كلها".

وتابع: "هذه الجهود العظيمة التي يبذلها المسؤولون لمحاصرة الفيروس لتبعث الأمل في قدرتنا على دحر هذا الوباء والتخلص منه، غير أن نجاحنا في هذه المعركة يتوقف بالدرجة الأولى على تصميمنا على الاستمرار في تحمل المسؤولية في عزم لا يلين، بصرامة لا تعرف الفتور ولا التراخي".


وقال الطيب "إنني ومن مسؤوليتي في الأزهر الشريف، وانطلاقا من القاعدة الشرعية: درء المفاسدِ مُقدّم على جلب المصالح، والقاعدة الأخرى: يزال الضرر الأكبر بالضرر الأصغر، انطلاقا من كل ذلك، أؤكد أن الالتزام بالتعاليم الصحية والتنظيمية التي تصدرها الجهات الرسمية المختصة، والتي من بينها الاعتناء بالنظافة الشخصية، والتقيد بعادة التباعُدِ الاجتماعي، والالتزام بالبقاء في البيوت، وتعليق صلوات الجمعة والجماعات قليلة كانت أو كثيرة، مع الالتزام بأداء الصلاة في أوقاتها في المنازل دون تجمع، كل هذه التعاليم وغيرها -سواء في مصر أو في أية دولة أخرى تقام فيها الصلاة- كل ذلك ضرورات شرعية وامتثالها حتم واجب يأثم تاركه، والخروج عليها خروج على قوله تعالى: {وَلَا تُلۡقُوا۟ بِأَیۡدِیكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ} [ البقرة ١٩٥]، ومما يحرم شرعا في هذه الظروف، اختلاق الشائعات وترويجها وبلبلة الناس وترويعهم وإفقادهم الثقة في الإجراءات التي تتخذها الدولة لحماية الوطن والمواطنين".
ووجه شيخ الأزهر أيضا رسالة إلى المصابين بفيروس كورونا في مصر وكل العالم، قال فيها: "إننا معكم بقلوبنا ودُعائنا، وأننا نصلي لله -عز وجل- ونتوجه إليه بالدعاء، أن يمُنّ على الجميع بالشفاء العاجل، وأن يرحَمُ كل مَن فارقوا الحياة بسبب هذا المرض، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان".

وتابع "لا يفوتني هنا أن أعبر عن تضامن الأزهر الشريف مع كل الدول والشعوب التي تكافح تفشي هذا الوباء وانتشاره، وأؤيد أن تقديم يد العون والمساعدة من القادرين إلى كلِ المتضرّرين والمنكوبين في أية بقعة من بقاع الأرض، لهو واجب شرعي وإنساني، بل تطبيق عملي للأخوّة الإنسانية، التي تضعها هذه الأزمة على محك اختبار حقيقي، يكشف عن مدى صدقنا والتزامنا بتباينها السامية".

وواصل قائلا "نصيحتي في كشف هذه الغمة أن نأخذ بالأسباب الوقائية والأساليب الطبية والعلمية التي أمرنا بها الشرع بالتزامها والتقيد بها، وأن نكثر من الصدقات، وأن يلجأ المؤمنون بالله إلى ربهم بالصلاة وبالدعاء بأن يفرج الله هذا الكرب، ويكشف عن عباده هذه الغمة، وأن يلهم العلماء والباحثين، وأن يُعجل على أيديهم اكتشاف العلاج من هذا الفيروس الخطير، فهو -سبحانه وتعالى- ولي ذلك والقادر عليه".

وأتم بقوله "اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين، اللهم يا حنان يا منان، يا قديم الإحسان، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمها، يا أرحم الراحمين، ويا ظهر اللاجئين، ويا جار المستجيرين، يا أمان الخائفين، يا غياث المستغيثين، يا كاشف الضر، ويا دافع البلوى، نسألك أن تكشف عنا من البلاء ما نعلم، وما لا نعلم، وما أنت به أعلم، إنك أنت الأعز الأكرم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".

وكان الأزهر قد أعلن في وقت سابق تبرعه بخمسة ملايين جنيه لحساب صندوق "تحيا مصر"، للمساهمة في دعم جهود مكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد في مصر.

وكتب الحساب الرسمي للأزهر عبر تويتر: "قرر فضيلة الإمام الأكبر، أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، التبرع بمبلغ وقدره خمسة ملايين جنيه لحساب صندوق تحيا مصر 037037 -حساب مواجهة الكوارث والأزمات- وذلك للمساهمة فى دعم جهود مكافحة تفشى فيروس كورونا المستجد فى مصر".

وكانت وزارة الصحة المصرية، قد أعلنت مساء اليوم الأحد 29 مارس/آذار، 4 وفيات و33 إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد المسبب لمرض "كوفيد 19".
وأشارت وزارة الصحة المصرية في بيانها اليومي إلى أنه تم تسجيل 4 وفيات جديدة بفيروس كورونا ليرتفع الإجمالي إلى 40 حالة.

كما قالت الوازرة إنه تم تسجيل 33 إصابة جديدة بفيروس كورونا ليبلغ إجمالي الإصابات في البلاد إلى 609 حالة إصابة.

وتسعى الحكومة المصرية لإطالة أمد المرحلة الثانية من انتشار المرض، وهي التي يقل عدد الإصابات بها عن ألف حالة.

وصنفت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد-19)، الذي ظهر بالصين أواخر العام الماضي، يوم 11 آذار/مارس، وباءً عالميا، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة.

وأجبر الوباء العديد من دول العالم، وعلى رأسها دول كبيرة بإمكانياتها وعدد سكانها، على اتخاذ إجراءات استثنائية؛ تنوعت من حظر الطيران إلى إعلان منع التجول وعزل مناطق بكاملها، وحتى إغلاق دور العبادة، لمنع تفشي العدوى القاتلة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]