ضمن النقاش المجتمعي عامةً، وفي سياق التدابير الاحترازيّة للوقاية من فيروس كورونا خاصةً، يُغيَّب الحديث عن الأشخاص ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، والّذين يتمّ تهميش احتياجاتهم في هذا الظرف العصيب، ولا يتمّ ملائمة التدابير وأساليب الوقاية مع احتياجاتهم. إذ تؤثّر إجراءات الطوارئ المتّبعة بشكلٍ كبيرٍ على شريحةٍ واسعةٍ بحاجةٍ إلى خدماتٍ طبيّةٍ واجتماعيّةٍ وحقوقيّةٍ خاصّةٍ ومستمرّةٍ، والتي توقّفت حالياً أو تعمل بشكلٍ محدودٍ. كما تؤدّي هذه التغيّرات الجذريّة في كثيرٍ من الأحيان إلى عواقب تتحمّلها هذه الفئة دون غيرها. هذا ما أكدته المحامية سهير اسعد وتابعت: فعلى سبيل المثال، لا الحصر، دعت الحكومة الفلسطينية لوقف المواصلات بين المحافظات في الضفّة الغربية منعاً للاحتكاك الذي قد يساهم في انتشار وتفشّي الفيروس، بينما حذّرت وزارة الصحة الإسرائيلية من استخدام المواصلات العامّة، موصيةً باستخدامها للضرورة القصوى فحسب. وعلى الرغم من كون هذه التدابير تهدف إلى الوقاية من انتشار الفيروس، إلّا أنّها تتناسى بشكلٍ كلّيٍّ الأشخاص ذوي الإعاقات البصريّة، الّذين لا يملكون امتياز القدرة على قيادة مركبةٍ خاصّةٍ، ولا تقدّم بديلاً ناجعاً لهم.

التكافل والتضامن الاجتماعي في هذه الأوقات هو أفضل طريقةٍ

ونوهت: لا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتّسع ليشمل فئاتٍ أوسع من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد يمتدّ أثره على المنحى النفسي في حالاتٍ أخرى؛ بالنسبة للأشخاص مع التوحّد، قد يُحدث تغيير نمط الحياة المفاجئ أثراً سلبيًّا، وقد تتأثّر مسيرة أطفال التوحّد ومحاولاتهم اكتساب مهاراتٍ معيّنةٍ بشكلٍ سلبيّ بفعل الانقطاع عن الخدمات. كما قد تؤدّي الحالة العامة إلى خلق ذعرٍ شديدٍ وتوتّرٍ ووحدةٍ للكثيرين ممّن يتلقّون خدمات التأهيل النفسيّ. وهنا نقف لنتساءل: ما الشعور الّذي تولّده محدوديّة التنقّل؟ وما الشعور الناجم عن ارتكازنا الكامل على المؤسّسة الطبيّة والقلق المزمن على الصحة الجسديّة والنفسيّة؟ وماذا يعني عدم الاستقرار النفسيّ والاقتصاديّ؟ وما الشعور الذي يولّده عدم اكتراث من حولنا للاحتياجات الأساسيّة والخاصّة أو العجز والاستنزاف أمام البيروقراطيّة المؤسّساتية؟ فلتكُن هذه الفترة خير مثالٍ على تكاتف مجتمعنا، ولنحاول احتواء ومساعدة بعضنا البعض، فكلّنا مهمّشون بطريقةٍ أو بأخرى، على مختلف حالاتنا الجسميّة والذهنيّة والنفسيّة. إنّ التكافل والتضامن الاجتماعي في هذه الأوقات هو أفضل طريقةٍ للتخفيف من الضغط على المستوى الجماعيّ، والذي يعدّ أحد عوامل تفشّي العنف في المجتمعات. ولنسعي سويّةً، بكلّ الطرق الممكنة، لضمان حصول كلّ أفراد مجتمعنا على أفضل رعايةٍ ممكنة.

يجب ان يكون هناك خطوط طوارئ لأصحاب القدرات الخاصة

زهرية عزب مدير عام مؤسسة وصندوق مسيرة لدعم أصحاب الاعاقات قالت ل "بكرا" حول الموضوع: ما نمر به اليوم عبارة عن حرب من نوع أخرى، صحيح اننا نحارب عدو خفي عبارة عن فايروس ولكنها حرب ونحن في حالة طوارئ وبهذه الوضعية الناس الضعيفة او صاحبة الاحتياجات الخاصة يكون وضعها أسوأ لأننا كطواقم غير جاهزين لاحتواء هذه الفئة، هناك اشخاص يشعرون بالوحدة واشخاص يحتاجون الى مساعدة من عامل ولا يأتي واشخاص بحاجة لدعم نفسي يكون وضعهم حرج وتعيس، بطبيعة الأحوال الشخص العادي يكون وضعه سيء في ظل الازمة الموجودة فكيف الأشخاص مع إعاقة.

وتابعت: اعتقد ان هذه الازمات تلقي الضوء على عمل مؤسسات الشؤون الاجتماعية خصوصا اننا في التواصل الرقمي يجب ان يكون لكل اقسام الشؤون الاجتماعية مخزن طوارئ للأشخاص مع إعاقة في كل بلد، وان يتواجد مجموعة من الموظفين او المتطوعين في كل مؤسسة وسلطة محلية ان يكون امامهم مجال للتواصل مع الأشخاص مع إعاقة وتلبية احتياجاتهم، ونسأل عنهم، هذا يدل على اننا حتى اللحظة لا توجد لدينا رؤيا متطورة بما يتعلق بأصحاب القدرات الخاصة.

وختاما قالت: علينا ان نتحرك خلال هذه الازمة بشكل فعلي من خلال التواصل حتى نعدم بعضنا البعض، وخصوصا التواصل مع أصحاب الاحتياجات الخاصة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]