"المسامحين غلبوا الصالحين"، مثل شعبي قديم ينطبق تمامًا على دولة الكويت في دعمها اللامتناهي تجاه القضية الفلسطينية، على الرغم من تعكر العلاقة بين البلدين شتاء 1991عندما أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات "تأييده للعراق في غزوها لجارتها الخليجية".

تلك السنوات الـ22 مرّت ثقيلةً على الفلسطينيين بعدما قطعت الكويت علاقتها بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية حتى رجعت إلى دفئها بإعادة افتتاح السفارة الفلسطينية في الكويت في ربيع 2013، ومنذ ذلك العام وحتى اليوم برزت مواقف تلك الدولة لصالح الفلسطينيين.

وكالة "صفا" ترصد تاريخيًا أبرز العلاقات والمواقف والتأييد الكويتي لصالح الفلسطينيين الذي بدأ قبل 84 عامًا بوصول أول بعثة تعليميّة فلسطينية للكويت.

في غداة نكبة العام 1948 فتحت الكويت أبوابها أمام آلاف الفلسطينيين الباحثين عن عمل، لتحلّ الكويت ضمن أولى الدول استقبالاً للفلسطينيين حتى العام 1975، وبحلول العام 1991 شكّل الفلسطينيون النسبة الأكبر من القوى العاملة.

وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح سارع عقب أيامٍ من الحرب الإسرائيلية على غزة صيف 2014 لزيارة رام الله لتشكيل "اللجنة الفلسطينية الكويتية العليا المشتركة.

بُعيد تلك الحرب التي استمرت لأسابيع، ونظيرتيها في 2008 و2012، تلقى آلاف الغزيين الذين فقدوا منازلهم مساعدات نقدية عاجلة من الكويت، كما أعادت إعمار 202 وحدة سكنية في غزة.

قضية العرب والمسلمين 

مندوب الكويت منصور العتيبي الدائم لدى الأمم المتحدة قال مرة "إن دولة الكويت تعهدت قبل أن تتسلم مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن مطلع العام 2018 ببذل كل المساعي والجهود لدعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين وأن هذا التعهد يأتي انطلاقًا من التزام الكويت في حمل هموم وتطلعات الشعب الفلسطيني".

أما الدعم السياسي الكويتي فبدأ في الظهور بشكلٍ لافت حين تصدّر بطولته رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم إثر مهاجمته وفد الكنيست الإسرائيلي، في المؤتمر الـ137 للاتحاد البرلماني الدولي، في أكتوبر 2018، بروسيا.

موقف الغانم الذي لاقى ترحيبًا من الأمير الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أجبر ذلك الوفد الإسرائيلي على الانسحاب، خين خاطب الوفد الإسرائيلي: "اخرجوا من القاعة إن كان لديكم ذرة كرامة.. يا محتلين يا قتلة الأطفال".

وفي صيف 2017، قال الغانم أمام المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي حول الأوضاع بالقدس في الرباط "من المؤسف أن يكون في الصف العربي والإسلامي من يسعى إلى إشاعة روح الانهزام فيما يتعلق بالفلسطينيين".

وقال: "أسأل المُخذلين والمتخاذلين، هل لأننا عجزنا عن نصرة شعبنا الفلسطيني بالسلاح نتخلى عن كافة أنواع النصرة؟ هل تريدون منا أن نتخلى عن التضامن معهم والتفاعل مع قضيتهم؟ هل تطلبون منا أن نتخلى عن كل رصيدنا الوجداني والعاطفي تجاههم؟".

ومضى يقول: "أنا هنا لن أنتقي كلماتي من يريد أن يستسلم فليذهب إلى الجحيم.. فليذهب فحسب.. لكننا لن نسمح له أن يثبط عزائمنا وأن يوهن نفوسنا وأن يسوق استسلامنا".

وليس ختامًا لمواقف الغانم، حين أمسك قبل أيام بنسخة من "إعلان ترمب" وألقاها في سلة المهملات، أثناء كلمته أمام المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي بعمّان، قائلاً إن تلك الصفقة "ولدت ميتة ومكانها مزبلة التاريخ".

مقاطعة مؤتمر المنامة 

مجلس الأمة الكويتي ذاته دعا حكومة بلاده إلى مقاطعة أعمال مؤتمر المنامة في يونيو الماضي، تمهيداً لـ"صفقة القرن"، في حين ردت الحكومة بتأكيد تمسكها بثوابتها، وأنها لا تقبل إلا بما يرضي الفلسطينيين.

يُشار إلى أن مواقف رئيس مجلس الأمة لم تكن نابعةً من ذاته فقط، بل "تجسيدٌ لسياسة أمير البلاد ومن سبقه في إمارتها وأنها ستكون آخر من يُطبّع علاقته مع الاحتلال" كما قال الغانم خلال لقاءٍ صحفي

وشعبيًا، تُحيي جمعيات كويتية مناسبات فلسطينية كيوم الأسير ويوم الأرض واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، كما تشكلت لجان تختص بالقضية الفلسطينية داخل جهات رسمية وجمعيات من مثل لجنة فلسطين في مجلس الأمة، لجنة فلسطين في جمعية المحامين، لجنة فلسطين في الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية وغيرها.

وعلى الصعيد التعليمي، استقبلت الكويت في إبريل 2017، 180 مدرسًا حين زار وفدُ من وزارة التعليم الكويتية رام الله وقالت رئيسة الوفد آنذاك" إن للمعلم الفلسطيني في ذاكرتنا صدى كبيرٌ وجميلُ ونحن من تتلمذ على أيادي معلمين فلسطينيين أثبتوا وجودهم في الكويت ومن خلال هذا الصدى بدأنا بهذه الانطلاقة".

تجاريًا، لم يكن الحال أقلّ حظَا من مثيلتها السياسية؛ فقد قفز مؤشر الصادرات الفلسطينية إلى الكويت من 850 ألف دولار عام 2007، إلى نحو 5 أضعاف في غضون 9 أعوامٍ فقط. وذلك بحسب تصريحٍ للسفير الفلسطيني بالكويت رامي طهبوب.

وعلى صعيد تبرعاتها لوكالة الغوث، قال تقرير لـ"أونروا" لطالما كانت الكويت مانحًا مهمًا، فمنذ 2013، بلغ إجمالي تبرعاتهم للوكالة ما مجموعه 65 مليون دولار حتى صيف 2019.

يُشار إلى أن الكثير من السياسيين ورجال الأعمال والمثقفين الكويتيين اعتبروا أن "إبعاد الفلسطينيين إبّان حرب الخليج كان خسارة للكويت"، داعين إلى تبرئتهم وإنصافهم من الظلم الذي تعرضوا له ودعوا آنذاك إلى تسهيل استقدامهم إلى البلاد مجددًا للاستفادة من خبراتهم.

في المقابل، يعترف الشعب الكويتي بما قدّمه أشقاؤهم الفلسطينيون من تجارب وخبرات في ميادين الصحة والتجارة والتعليم والإعمار والبناء.

المصدر: الكويت

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]