بسم الله الرحمن الرحيم
قال سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
وقال أحد شعرائنا الإقدمين:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السوء تبدي المساويا
وجاء في أمثالنا الفلسطينية الشعبية: "مجنون رمى ببير حجر ألف عاقل ما طَلَّعه".
لست أدري من أين أبدأ ولا كيف أبدأ! لندخل إلى الموضوع رأسا، وهو: طلع علينا قبل أيام رجل يدَّعي المعرفة بمقولة أن ترجمتي للقرآن الكريم إلى اللغة العبرية مملوأة بالأخطاء. فيها 300 خطأ لا زيادة ولا نقصان. حسنًا، فليكن! ولكنه كما هو المتعارف في الأوساط العلمية والأدبية بدلاً من الإتصال بالمترجم والناشر الذي هو "مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة" أكبر مؤسسة عالمية لطباعة ونشر القرآن الكريم في العالم للتنبيه لهذه الأخطاء المزعومة راح وأعلنها على الملأ عن طريق محطة تليفيزيون تذيع من غزة. وهذا لا يحدث في أي نقد علمي أو أدبي. والأن إلى إنتقاداته وتصحيحاته التي تدل على جهل فاضح في مجال الكتابة والتأليف والنشر:
1. إعترض على ترجمة العنوان "القرآن الكريم הקוראן המפואר" واقترح بدلاً منها أن أكتب القرآن الكريم بأحرف عبرية هكذا הקוראן הקרים" - קרים بالعبرية تعني مُطَرِّيات جلدية- مع ملاحظة في أسفل صفحة العنوان لشرح معنى "קרים". هذا أمر لم نسمع به في السابقين أو اللاحقين.
2. يدَّعي أنه يوجد 300 غلطة بالتمام والكمال في الترجمة. لكنه لم يذكر في الفيديو سوى خمس أو ست غلطات، سنردُّ على أهمها. يا ليته يرسل لي قائمة بال 300 غلطة حتى نستفيد منها في تصحيح الترجمة!
3. يدَّعي أني بدَّلت " المسجد الأقصى" ب "الهيكل" وكال لي الإتهامات جزافاً.
المسجد الأقصى والهيكل: في "سورة الإسراء 17" يقول سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..,"
هذه الأية ترجمناها ب "المسجد الأقصى" في "القدس" فلم يعترض على ترجمة هذه الآية، بل كان اعتراضه وهجومه الكاسح على الأية 7 من نفس السورة، والتي تقول: "...وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة..."
أنا ترجمت "المسجد" هكذا "ההיכל (המסגד) " يعني " الهيكل (المسجد)" فثارت ثائرة ذلك الناقد ودعا بالويل والثبور وعظائم الأمور وادعى زورًا وبهتانًا أنني استبدلت المسجد الأقصى بالهيكل. وهنا وقع في خطأ فاضح لأن " المسجد" في هذه الآية الكريمة لا يعني المسجد الأقصى بل معبد أو أي بيت عبادة.
فمثلا: شيخ المفسرين الطبري لا يفسر المسجد ب المسجد الأقصى، ولا بغيره، بل تكلم عن بيت المقدس ككل.
وإليكم كيف ترجم كلمة "المسجد" عدد من أشهر مترجمي القرآن الكريم إلى الإنكليزية:
محمد أسد ترجمها the Temple أي الهيكل.
عبد الله يوسف علي ترجمها the Temple أي الهيكل.
مترجم تركي ترجمها the Temple أي الهيكل.
أما يوسف يوئيل ريفلين (والد رئيس دولة إسرائيل الحالي) المستشرق اليهودي أبقاها كما هي המסגד المسجد بمعنى المسجد.
والمستشرق اليهودي أهرون بن شيمش ترجمها בית המקדש أي بيت المقدس.
أي أن المستشرقين اليهود لا يريدون أن يعترفوا صراحة بخراب الهيكل، بل الذي خُرِّب هو "مسجد".
وبسبب فهمه الخاطئ لمعنى الأية الكريمة شكك في وطنيتي ونشر على الملأ أنني بدَّلت المسجد الأقصى بالهيكل. سبحان الله! ماذا يفعل الجهل بأهله! هذا الذي يفرض جهله على الناس، وللأسف الشديد نجح في ذلك.
وللمعلومية فقط: لقد نشرت عام 1998 كتابًا بالإنكليزية بعنوان: Palestine: Whose Land Is It? أثبتُّ فيه بما يدع مجالاً للشك إسلامية وعروبة القدس والمسجد الأقصى.
4. وتحت عنوان أبوة إبراهيم لإسحاق ويعقوب אב לאסחאק (יצחק) ויעקב. لاحظوا العنوان محدود بأبوة إبراهيم لإسحاق ويعقوب فقط. فنحن تصرفنا حسب العنوان وليس لإسقاط إسماعيل عليه السلام. إسماعيل له مادة خاصة به في الفهرست. ذكر الله سبحانه وتعالى أبوة إبراهيم عليه السلام لإسحاق ويعقوب عليهما السلام بثلاث آيات:
الأية 184 سورة الأنعام 6: "ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا..."
الآية 19 سورة الحجرات 49: "فلمَّا اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاًّ جعلنا نبيًّا".
الآية 133 سورة البقرة 2: "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون".
وادَّعى أنني قلت: إن الذبيح هو إسحاق. أنا لم أقل هذا، لست أدري من أين جاء بها؟ على أية حال بعض مفسري القرآن الكريم يقولون هذا الرأي.
5. إدَّعى أنني أسقطت سيدنا محمد من قائمة الأنبياء. حاشا لله!
ليس هناك قائمة موضوعة وموافق عليها ويجب أن تتَّبع، بل هو عمل يقوم به المؤلف من عنده. عندما عملت هذه القائمة رأيت أن مقام سيدنا محمد عظيم في القرآن الكريم ومذكور 322 مرة بألقاب التعطيم والتفخيم من الله تعالى، والقرآن كله يدور حوله والكل يعرف ذلك لا ينكره إلا جاهل أو معاند. فرأيت أن
هذه القائمة ليست شيئًا منزلاً مقدسًا لا يمكن المساس بها، بل هي شيء يعمله مؤلف الكتاب للتعريف ببعض الشخصيات في كتابه. وعندما عملت هذه القائمة وجدت أن سيدنا محمد غني عن التعريف فهو أنه لا حاجة لذكره للتعريف به في قائمة كهذه من عمل بشر ضعيف مثلي. هذا اجتهاد مني فإن أخطأت فأستغفر الله. وجاء هذا الشخص يندد ويدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور بدلاً من أن ينبهني إلى خطأي إن أخطأت عملاً بأدب القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وكثير من الكتب الإسلامية لا تذكر إسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع أسماء النبيين الذين ذكروا في القرآن الكريم. هذا العمل ليس لاستثناء الرسول صلى الله عليه وسلم كما يدعي هذا الناقد، بل للتعظيم. بالمناسبة، لقد كتبت ونشرت عام 1999 كتابًا بالإنكليزية بعنوان :
Prophet Muhammad’s High Manners: Theory and Practice
كذلك ترجمت آلاف الأحاديث النبوية الشريفة إلى اللغة الإنكليزية.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي رفع الله ذكره، بقوله جل وعلا: "ورفعنا لك ذكرك" ليس بحاجة إلى مثلي أو غيري من البشر لرفع ذكره.
6. وادعى أنني أترجم الآية الواحدة بترجمات مختلفة، وهذا طبيعي من حيث المبدأ لأن الجملة بل الكلمة الواحدة ممكن يكون لها معنى مختلف باختلاف السياقات.
7. ادعى أن الترجمة مملوأة بالإسرائيليات. هذا كذب وآفتراء منه، وأنا أتحداه أن يأتي بمثال واحد.
قال الله سبحانه وتعالى: "قل هانوا برهانكم إن كنتم صادقين".
بإختصار شديد، ترجمتي للقرآن الكريم للغة العبرية ليس فيها أية أخطاء كارثية أو غير كارثية كما يدعي هذا الشخص.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين.



 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]