يصادف اليوم الثامن عشر من شهر كانون الأول يوم العالمي للغة العربية، وتعتبر اللغة العربية من بين أكثر اللغات في العالم انتشارًا، إذ يُقدر عدد المتحدثين بها بنحو 290 مليون إنسان، ويتم الاحتفال بهذا اليوم كل عام، وهو نفس التاريخ الذي فيه تم اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية عالمية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، من ضمن اللغات الستة المعتمدة فيها، وكان هذا في عام 1973.

عن أهمية اللغة العربية وجمالها ، والأخطاء التي نقع بها، وتأثير اللغة العبرية عليها تحدثت مراسلة موقع بكرا مع مُدرّسة اللغة، ميساء منصور التي قالت :" الكثير من الكلمات المنمقة والحبّ الخفيّ يظهر كل عام في يوم اللّغة العربيّة العالميّ، فنكتب عن أهميّة اللّغة العربيّة وعن أهميّة اتقانها وتدريسها ودراستها وكتابة نحوها وصرفها وبلاغتها بشكلٍ متقن، متجاهلين الحقيقة المرّة، أنّ معظم من يتغنى بها لا يميّز فاعلها من مفعولها، منصوبها من مرفوعها. ولست هنا في صدد لوم متحدثيها بقدر عتبي على المسؤولين عنها في تقريبها وتسهيلها على الطّلاب الذّين ولدوا في عصرٍ تغلبُ فيه اللّغات الأجنبيّة على لغتنا في ظلّ الاحتلال الفكريّ المسيطر في وسطنا العربيّ."

اللّغة العربيّة هي أصعب اللّغات على الأجيال الحديثة


وأضافت :" إنّ وجودنا في دولةٍ ذات طابعٍ يهوديّ أثّرت على لغتنا بشكلٍ كبير، فاللّغة الرّسميّة المعتمدة في المؤسسات والجامعات والوزارات هي اللّغة العبريّة، واللّغة العالميّة هي اللّغة الانجليزيّة، مما جعلنا نهتم منذ الصّغر بتثقيف أولادنا في اللّغات الأخرى كي لا يواجهوا صعوبةً تذكر عند الانخراط في حقل العلم والعمل. فصارت اللّغة العربيّة هي أصعب اللّغات على الأجيال الحديثة، وحصلوا على معدلاتٍ منخفضةٍ في امتحانات الكفاءة والبجروت، مما يجعلني أتساءل هنا: كيف يمكن لنا التّغني في يوم اللّغة العربيّة ونحن ندرك أنّ استخدامها الصّحيح يقتصر على دارسيها فحسب".
بدورها تحدثت مي عرو، وهي كاتبة ومترجمة - ومديرة مجال اللّغات في مبادرات إبراهيم، عن مميزات اللغة العربية، وعن كيفية التخلص من الحديث بالعبرية، وعن تشجيع اطفالنا على القراءة فقالت لمراسلتنا :" لا تتميّز العربيّة عن غيرها من اللّغات إلا لكونها لغة الأمّ، فالأم مميّزة عن كلّ نساء الأرض بالنّسبة لأولادها. كذلك العربيّة بالنّسبة لنا، نحن النّاطقين بلغة الضّاد. نفهمها ونشعر بها ومن خلالها وعيب علينا إذا لم نتقنها ولم نعطيها حقّها. لا يهمّني تفوّق العربيّة على غيرها من اللّغات الأخرى، فنحن لسنا في سباق مع أحد، بل يهمّني أن يفخر كلّ عربي بلغته أوّلاً وأن يتلذّذ بنطها وبسبر غورها ويستمتع بأعماقها ومعانيها فهي أوّلاً وآخيراً لنا نحن، ولن يدركها غريبٌ أو أجنبيٌّ بنفس الشكل والمدى كالعربيّ، مهما بلغ اجتهاده أو مساعيه.

هل يمسّ وجود العديد من المأكولات والأطباق مكانة الطّبق الرئيسي؟


وعن تأثير اللغة العامية قالت :" لنأخذ مثلاً وجبة طعام، فهل يمسّ وجود العديد من المأكولات والأطباق مكانة الطّبق الرئيسي؟ هكذا يجب أن نتعامل مع تعدّد اللّهجات واختلافها، فهي بركة وزيادة الخير خيرين. عندما يكون المرء متمكناً من الفصحى سيكون بإمكانة فهم معظم اللّهجات والتّفاهم مع أهلها، فأصل الكلام من الفصحى، وكلّنا نتعلّم العربيّة السّليمة في المدارس ونفهمها وإن كان ذلك بدرجات تتفاوت. الأصل في تدريس اللّغات حتّى للأجنبي الذي يختار تعلّم لغة الكلام البسيطة، أن يتعرّف على الكلمة ومرادفاتها من لهجات تتدرّج حتّى تصل إلى الفصحى.

علينا أن نقرأ ونقرأ بالعربيّة

وأضافت :" اتقان اللّغات الأجنبيّة هو شيء جميلٌ وقيّم لنتمكن من توسيع مداركنا وإغناء ثقافتنا ولكن، قد يعيبنا الأمر عندما يأتي على حساب لغة الأمّ العربيّة. إذا لاحظنا أنّنا نستخدم العبريّة أو الإنجليزيّة بكثافة بحكم العمل أو الظّروف، لا داعي لطرد الكلمات الأجنبيّة والامتعاض منها، بل لنكن لها مضيافين ونرفق بكلّ كلمة معناها بالعربيّة إذا أمكننا الأمر، وان استعصى لا مانع من البحث والتّنقيب فعلى بعد ضغطة زرّ توجد كلّ الإجابات. علينا أن نقرأ ونقرأ بالعربيّة، لنزيّد ذهننا بما يكفي من الكلمات ليستعملها عند الحاجة.

ضعوا الكتب والصّحف والمجلات والفواكه في متناول اليد

وعن كيفية التشجيع على القراءة قالت :" كيف نتجنّد لنساعد الصّائمين حتّى لو كنّا مفطرين؟ كيف يتجنّد البيت لمساعدة من يحاول الإقلاع عن التدخين أو عمل حمية غذائيّة؟ هنالك العديد من الحيل اللّطيفة: لاحظوا غرف الانتظار والجلوس، خصّيصاً عند أطباء الأسنان وفي العيادات، توضع بعض الكتب أو المجلات القديمة التي وظيفتها الانتظار بصبر حتّى تفرغ بطّاريّتك أو تملّ من هاتفك فتتصفّحها. إذاً، ضعوا الكتب والصّحف والمجلات والفواكه في متناول اليد في غرفة الجلوس وسيأكل الجميع ويتصحّف من باب الفضول والجّوع. يقول المثل "جوزك كيف عوّدتيه وابنك كيف ربّيتيه" ولا أحد يكشف لنا عن الطريقة! فأما العادة والتّربية فهي تعتمد على طبيعة الإنسان يعتاد ويتعوّد فيصبح الأمر طبيعي ولا يقدر بدونه، وكلّنا يبذل الجهد اللازم عند الحاجة، على سبيل المثال نعوّد أولادنا على النّظافة رغماً عنهم. إذاً لنعوّدهم على قصّة قبل النّوم، لا يستغرق الأمر سوى نصف ساعة على أكثر تقدير، إلى ان يصبح عادة.

البدايات صعبة


واختتمت الكاتبة والمترجمة حديثها :" في البداية اكظموا غيظكم قليلًا ودعوهم يختارون بأنفسهم. البدايات صعبة، لنبدأ بزيارة المكتبة من آن لآخر، حتّى لو لم نشتر شيء، ما أجمل أن نمر هناك كلّ مرّة عندا نكون بالجوار. ثم يختار الولد ما يشاء، ما يحبّ وما يلفت نظره من الكتب، ونحن لو اجتهدنا قليلاً نستطيع أن نعلّم الولد الكثير حتّى من خلال الكتب الرديئة، كأن نناقش الأحداث والنّهاية ونطوّر الكتاب معاً كأن نخترع نهاية أخرى وننتقد وتغيّر ولا نقبل، من قال بأنّ وجهة نظر الكاتب هي الصّحيحة؟ فأما الكتب الجيّدة فهي قليلة حقاً وأغلبها مترجم، فإذا استمتعت أنت البالغ الكبير عند قراءة كتاب أطفال فإنّه على ما يبدو جيّداً. وأخيراً. كفّوا عن البحث عن كتب تربّي وتعلّم، ابحثوا عمّا يمتع ويسعد ويثير الفضول والخيال

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]