أكدّ عدد من رجال الدين في المجتمع العربي في اسرائيل، ان لرجال الدين، دور كبير في مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي.
وقال الشيخ خيري إسكندر لـبكرا: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :بما أنّ حالة العنف وثقافته المستشرية في كل زاوية من زوايا مجتمعنا خلفيتها التحول في التربية على القيم والأخلاق والمثل العليا إلى التربية على العنف والأنانية والاستعجال لحيازة الأموال من كل باب والبحث عن الظهير القوي للحماية، في فترة تآمر متعمد للدولة من خلال استراتيجية واضحة تتعامل بها في ظاهرة العنف والجريمة التي تضرب مجتمعنا بتصديق من الحكومة وشرطتها وأجهزتها الأمنية ، بما أن الأمر كذلك فإني أرى أنّ دور الأئمة والدعاة دعوة الناس الى صياغة أنفسهم من جديد، إلى التربية على القيم والأخلاق والمثل العليا التي إن فُقدت من أي مجتمع فإن نهايته الانهيار في هاوية سحيقة من العنف والإجرام.
وعن دور الأئمة والدعاة في مكافحة العنف، قال: دور الأئمة والدعاة دور عظيم في التغيير وخصوصاً في هذه المرحلة التي تتلفع بالسواد من تاريخنا بحيث يقتل الأخ أخاه او يقتل الجار جاره او يطلق عليه الرصاص من اجل توافه الأمور، في هذه المرحلة التي أصبح فيها العنف ثقافة نتعامل فيها بيننا، وليس دورنا في خطبة جمعة ثم ننام للجمعة التالية وإنما عملنا مع الجمعة يجب أن يشمل زيارات لكل بيوتنا ، لقاءاتٍ في كل حاراتنا ندعو الناس من خلالها إلى التسامح والصفح والود والتفاهم والمحبة ويكون هؤلاء على مثل هذه الأخلاق أولاً قبل دعوة الناس إليها ، دور مهم لهؤلاء القوم لأن الناس أكثر ما تسمع لهؤلاء القادة الذين يستمدون قيادتهم للمجتمع من الدين الذي يحبه ويأوي إليه أكثر الناس ، وهذه أمانة مقصرٌ فيها أكثرهم ، نحن بحاجة إلى إحياء القيم والأخلاق والمثل العليا لعلنا بذلك ننقذ مجتمعنا من مصيبة وشر كبير.
وزاد: ثم يا أيها الناس يُرادُ لكم أن تكونوا متناحرين متقاتلين لا يرأف ولا يرحم الجار جاره ولا حتى الأخ أخاهُ ولا الإبن أباه وأمه او اخته كونوا متيقظين لما يُرادُ لكم، قيمُكم التي بدلتموها بالقيم المادية البحتة ، أخلاقكم التي استبدلتموها بأخلاقٍ غريبة عنا سوف تهوى بكم إلى هاوية سحيقة فعودوا إلى رشدكم إلى دينكم إلى أخلاقكم ولتكن هي مرجعنا ألأول ومرجعنا الآخر .
ووجّه الشيخ خيري اسكندر رسالة عبر "بكرا" جاء فيها: وكلمة لا بد منها : نحن نعيش في دولة ونظام لا يحمي مواطنيه بل هو السبب وبطريقة ممنهجة مدروسة منذ تسعة عشر عاماً وكردٍ على انتفاضة القدس والأقصى ينشر بيننا السلاح الأعمى ويشجع قروض الربا الفاحش وتجارة المخدرات لهدم هذا المجتمع وهدم رسالته ومبدإه ولكن لا بد أن يصل إليهم حتى يكتووا بنار الظلم الذي يخططون به.
واختتم حديثه: نحن بحاجة إلى قوة مع التربية، مساران يجب أن يكونا معاً، إذن لا بد من الضغط على الحكومة لتقوم بواجبها نحو مواطنيها ، أو نأخذ الأمور بأيدينا.
قيم الإسلام
وبدوره، قال أمير الجماعة الإسلامية الأحمديّة - الشيخ محمد شريف عودة لـبكرا: بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين: دور رجال الدين في مكافحة العنف ينبغي أن يكون دورا محوريا، لأنهم المسئولون عن تعليم المجتمع وتوجيهه نحو القيم والأخلاق التي يدعو إليها الدين، والتي في أصلها ليست سوى قيم السلام والتسامح والعفو والمواساة لبني البشر. فإذا لم يقم رجال الدين بهذا الواجب، أو ظنوا بأن الدين لا يدعو إلى هذه القيم، فلا شك أن دورهم سيصبح سلبيا، بل ربما يساهمون في مزيد من العنف، ويعطون له الشرعية، وهذا سيكون له تبعات خطيرة.
وتابع: الإسلام في الواقع يقدم نفسه على أنه النسخة الكاملة لقيم الدين الأصيلة، وأن الأديان الأخرى لم تكن سوى نسخ منه، وأن التعاليم التي دعا إليها كل الأنبياء لم تكن سوى تعاليم الإسلام. والإسلام يدعو إلى أن نعود إلى هذه الأصول المشتركة مع الأديان الأخرى، والتي على رأسها قيم السلام والتسامح والعفو والمواساة لبني البشر، وأن نتعاون من أجل إرسائها وتنميتها. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (النحل 91)أي أن الله تعالى في القرآن ومن قبله أيضا إنما يدعو دوما لكي يحرص الإنسان على العدل؛ أي أن يعطي الناس حقوقهم وألا يظلمهم، ثم ينبغي أن يتقدم لكي يصبح محسنا يعطي الناس فوق الحقوق إحسانا منه، وهذا يشمل أيضا أن يعفو عن أخطائهم أو تجاوزاتهم بحقه من باب الإحسان لهم، ثم المطلوب أن يترقى لكي لا يصبح هذا الإحسان بنوعيه سببا لأن يتكبر على الناس ويشعر بالفوقية، فالمطلوب أن يكون إحسانه إحسانا فطريا كإحسان ذوي القربى لأقاربهم، والذي أعظم أمثلته مثال الأم الرؤوم التي تعطي دون شروط وتسامح وتغفر وتعفو ولا تنتظر جزاء ولا شكورا.
وأردف: فلو ركَّز رجال الدين على هذه القيم، التي هي أصل تعاليم كل دين، لأقيم السلام واختفى العنف من المجتمع؛ لأن دافع العنف الحقيقي هو أن الشخص يلجأ إليه لكي يحصِّل حقوقه المفترضة أو ما يراها حقوقا، ويرى أن انتزاعها بالقوة عمل مشروع بل ومقدَّس أحيانا! أما الدافع الآخر للعنف فإنما هو رغبة الشخص بالانتقام ممن يرى أنه قد اعتدى على حقوقه. الدين يُعلِّم المؤمن بألا يكون شخصا يركز على حقوقه أو ما يراها حقوقا له، بل يطالب المؤمن بأن يكون مهتما بتأدية الحقوق للآخرين لا بل أن يكون مشغوفا بتأدية هذه الحقوق وبمد يد الإحسان الفطري غير المشروط لهم. كذلك فإن الدين يأمر بالعفو والصفح والتسامح تجاه من اعتدوا على حقك المفترض أو أساءوا إليك، وأن يرتقي حتى يصبح العفو والتسامح جزءا من طبيعته الفطرية. هذه هي قيم الدين الأصيلة، وأي تعليم يأمر بالعنف والاعتداء على الآخرين ليس من الدين وإنما هو من باب الأهواء النفسية التي جاء الإسلام لترويضها وترقية الإنسان إلى إنسانيته المنشودة.
وفي معرض تعقيبه على ما حصل في طرعان، قال: العنف الذي يصدر في المجتمع ليس إلا انعكاسا لافتقاد السلام الداخلي، وهو بالتأكيد شاهد على أن التعاليم التي يتم الترويج لها ليست التعاليم الصحيحة. والمؤسف أن يصدر العنف من رجال الدين، وهذا مؤشر خطير للغاية. فلا بد من تذكير رجال الدين بالقيم الصحيحة للدين، ولا بد أن يتمثلوها في سلوكهم وفي تصرفاتهم، لكيلا يكتفوا فقط بالوعظ، بل ليكونوا قدوة لرعيتهم. هذه الحادثة مؤسفة للغاية، ويجب أن تكون سببا للقيام بمراجعة شاملة من قبل رجال الدين أنفسهم ومن قبل المجتمع أيضا ومؤسساته.
ووجّه عودة رسالة للمجتمع جاء فيها: رسالتي للمجتمع عموما ولمجتمعي العربي خاصة هو أن تعودوا إلى قيم الدين الأصلية، وتنمّوا المواساة فيما بينكم، وتشعروا بآلام غيركم وتسعوا لتحقيق أمانيهم وآمالهم الطيبة، وعندها ستجدون الراحة والسعادة والطمأنينة، وسيصبح المجتمع مزدهرا، وتصبح الحياة أجمل وأنقى، ويزول كل نوع من الاحتقانات والعنف، ويسود الحب والعلاقات الطيبة بين الجميع.
وأنهى كلامه: بغير هذا لن يحظى أي أحد أو أية جهة بالأمن والسلام والطمأنينة، وسيبقى العنف متصاعدا، وهذا ما لا نتمناه.نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمعرفة واجباتنا والالتزام بها، وأن يقودنا نحو السلام، فهو السلام، ومنه السلام، وهو يدعو إلى دار السلام. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومن الجدير ذكره، ان المجتمع العربي يعيش فترة مرعبة ومقلقة وذلك في ظل استفحال الجريمة اذ سقط 79 شخصاً ضحية لوحش العنف منذ مطلع عام 2019.
[email protected]
أضف تعليق