نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس الإبقاء على بضع مئات من القوات الأميركية في شمال شرق سوريا بعد انسحاب الجزء الأكبر من القوات الأميركية، وهي خطوة ستكون تحولاً آخر في سنوات من التقلبات السياسية على البلاد.

وكشفت الصحيفة أن المهمة الرئيسية للقوة الأميركية المتبقية ستكون في منع قوات الرئيس بشار الأسد أو القوات الروسية من السيطرة على حقول النفط السورية، والتي تقع أساساً في الأراضي التي يسيطر عليها الكرد في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد. لكنها ستمكن الجيش الأميركي أيضاً من الاحتفاظ بموطئ قدم في القتال ضد مقاتلي "داعش".

وتم تقديم الفكرة إلى ترامب الأسبوع الماضي من قبل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي عارض بشدة قرار الرئيس المبدئي بسحب جميع القوات الأميركية البالغ عددها 1000 جندي من شمال شرق سوريا.

وقال مسؤولون عسكريون إن البنتاغون يدعم خطة لمغادرة ما يصل إلى 300 من قوات العمليات الخاصة للقيام بهذه المهمة. وتحظى الفكرة أيضاً بدعم في وزارة الخارجية، وفقاً للأشخاص المطلعين على القضية.

بالإضافة إلى إبقاء حقول النفط السورية خارج الأيدي الروسية، يمكن للقوات الأميركية أن تساعد الولايات المتحدة في الحفاظ على علاقة مع الكرد السوريين وممارسة قدر ضئيل من النفوذ في المنطقة حيث حاولت واشنطن تشجيع الأتراك والكرد على الحفاظ على وقف إطلاق النار.

وذكرت الصحيفة أن أي وجود للقوات الأميركية في سوريا سيكون محمياً بالقوة الجوية الأميركية.

ورفض البيت الأبيض التعليق على الأمر. وأشار ترامب ف إلى الفكرة يومي الجمعة والأحد عندما غرّد على موقع تويتر قائلاً إن الولايات المتحدة "أمنت النفط" (السوري).

ويقول المحللون إن الخطة قد تمنح ترامب وسيلة لتخفيف انتقادات أعضاء الحزبين في الكونغرس بأنه يتخلى عن الأكراد ويسلم البلاد لنظام الرئيس الأسد والروس.

وتم الإبلاغ عن اهتمام ترامب بالخطة لأول مرة في صحيفة "نيويورك تايمز".

وسيكون قرار الإبقاء على وجود عسكري أميركي صغير هو آخر منعطف في سلسلة طويلة يضغط فيها ترامب منذ أكثر من عام على جميع القوات الأميركية لمغادرة سوريا، فقط لإقناع كبار المساعدين والحلفاء الجمهوريين في الكونغرس بإبطاء وتيرة ذلك الانسحاب أو ترك جزء من القوة في مكانه.

وبعد مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 6 تشرين الأول / أكتوبر الجاري، أمر ترامب بانسحاب كامل للقوات الأميركية من سوريا باستثناء مجموعة صغيرة من القوات الأميركية في قاعدة التنف في جنوب شرق سوريا بالقرب من الحدود الأردنية والعراقية. ويوجد الآن حوالى 150 جندياً أميركياً في التنف، ويعتقد المسؤولون العسكريون الأميركيون أن الحامية يمكن استخدامها لاستضافة قوات إضافية بعد مغادرة معظم القوات الأميركية شمال شرق سوريا.

وإذا وافق ترامب على الخطة الجديدة، فسيعني ذلك أن الولايات المتحدة ستكون لديها مجموعتان صغيرتان موزعتان جغرافياً في شمال سوريا وجنوبها.

وقال غراهام الأحد إن مناقشاته الأخيرة مع ترامب خففت من مخاوفه السابقة بشأن سياسة البيت الأبيض في سوريا. وقال في ظهوره على قناة "فوكس نيوز" إنه "متفائل بشكل متزايد بأن لدينا بعض الحلول التاريخية" في البلاد.

ووفقاً للسيناتور غراهام، فإن الإدارة تدرس خطة عريضة بموجبها ستكون هناك منطقة منزوعة السلاح تشغلها القوات الدولية، ولكن ليس الأميركيون، لتوفير الاستقرار والتي ستكون محمية بالقوة الجوية.

وقالت "وول ستريت جورنال" إنه من غير المعروف أي الدول، إن وجدت، ستكون على استعداد للمساهمة بقوات لمثل هذه المهمة، ولم يقدم المسؤولون الأميركيون أي تفاصيل.

وقال غراهام أيضاً إنه يعتقد أن الولايات المتحدة والكرد يمكن أن يعملوا معاً لتحسين حقول النفط السورية في الجزء الشرقي من البلاد حتى يتمكن الكرد من جني إيرادات منها. وأضاف: "الرئيس ترامب يفكر خارج الصندوق".

لقد تم النظر في فكرة العمل مع الكرد لتطوير إمكاناتهم في تصدير النفط من قبل المسؤولين الأميركيين من قبل ولكن لم تتم متابعتها، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن ترامب بدا أنه يعتزم إخراج القوات الأميركية من سوريا.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك عدداً من العوائق التي تحول دون تنفيذ الفكرة، أكبرها هو الحفاظ على الأمن في منطقة واسعة مع عدد صغير من القوات، على الرغم من قول البعض إن القوة الجوية الأميركية يمكن أن تعوض عن عدد صغير من الأفراد على الأرض.

وبحسب الصحيفة الأميركية فإن "التحدي الآخر هو كيفية تصدير النفط المنتج في شمال شرق سوريا. فتصدير النفط عبر تركيا هو أمر غير ثابت سياسياً. ولا يبدو أن الولايات المتحدة لديها أي مصلحة في إعطاء نظام الأسد أو روسيا دوراً في تصدير النفط. وهذا يعني أن النفط سيحتاج إلى تصديره عبر شمال العراق. إن استعداد العراق للمشاركة في مثل هذا المشروع غير معروف، على الرغم من أن شمال العراق يديره الأكراد العراقيون".



ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت

المصدر : وول ستريت جورنال

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]