وصفت نخب في الداخل الفلسطيني إقدام القائمة العربية المشتركة (باستثناء نواب التجمع الوطني الديمقراطي) بالتوصية بتكليف رئيس كتلة "كاحول لافان" ورئيس الأركان الأسبق بيني غانتس بتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، بأنها "سقطة تاريخية غير مسبوقة وانقلاب على المواقف والمفاهيم الوطنية الفلسطينية".

وأوصت القائمة المشتركة في لقاء مساء الأحد مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بتكليف بيني غانتس بتشكيل الحكومة القادمة، واتُخذ القرار بغالبية 10 من نواب القائمة المشتركة، مقابل نواب التجمع الثلاثة الذين رفضوا دعم غانتس.

وجاءت التوصية بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي أجريت الأسبوع الماضي، حيث بدأ ريفلين مشاوراته مع الأحزاب حول التكليف بتشكيل الحكومة.

ويعتقد نواب القائمة العربية المشتركة الذين دعموا غانتس أنهم بهذه التوصية سيتخلصون من بنيامين نتنياهو، الذي يحاول بكل الطرق أن ينال الدعم من غالبية الأحزاب لتشكيل الحكومة القادمة، بعدما فشل خلال جولة الانتخابات الماضية التي أجريت مطلع العام في تشكيلها.

لكن نخبًا أكدت في أحاديث مع وكالة "صفا" أن نواب القائمة سيستيقظون على وهم كبير بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، واستبعادهم منها، حتى وإن كانوا القائمة الثالثة الأكثر أصواتًا في الانتخابات الأخيرة.

سقطة وردة على المفاهيم الوطنية

وقال نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية في الداخل كمال الخطيب عن توصية المشتركة بغانتس: "هذه سقطة تاريخية غير مسبوقة وتوجه يُعتبر انقلاب ورِدَّة على المواقف والمفاهيم الوطنية التي تعامل بها شعبنا طوال عمره في عدم التفريق بين مجرم ومجرم وقاتل وقاتل".

وأضاف في حديثه لوكالة "صفا" "أن يتم تزكية غانتس والتوصية به رئيسًا للحكومة فهذا يعني إعطاءه شهادة على جرائمه، وصك غفران لهذا الشخص الذي تفاخر بقتل شعبنا بالألوف والأرقام في تصريحاته، حينما خاض حربي عام 2012 و2014 كرئيسًا لأركان الجيش الإسرائيلي".

وعمل غانتس قائدًا لأركان الجيش الإسرائيلي عام 2011 ومن أبرز المهام العسكرية التي تولى قيادتها أثناء وجوده في ذلك المنصب العدوان على غزة عام2014، والذي أدى لاستشهاد أكثر من ألفي فلسطيني.

وتباهى في تسجيلات مصورة بعدد القتلى الفلسطينيين والأهداف التي تم تدميرها تحت قيادته في عدوان 2014 التي خاضتها "إسرائيل" ضد غزة، وقال في حينه "إنه تم قتل 1364 إرهابياً في قطاع غزة الذي أعيد إلى العصر الحجري".

لهذا اعتبر الخطيب أن من صوّتوا لغانتس "سيدركون أنهم ارتكبوا جريمة بحق شعبنا وثوابته، قائلًا: وللأسف نعلم أن منهم من يسير على نهج سلطة رام الله وبعض الأنظمة العربية في علاقتها مع إسرائيل والتطبيع معها".

والأمر لا يتوقف على هذا الحد، فمن وجهة نظر الخطيب فإن توصية المشتركة لهذا الرجل مقابل بعض المطالب هي بمثابة تسويق لقضية الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل على أنها قضية مطالب بعيدًا عن القضية الفلسطينية وطبيعة الصراع مع المحتل".

ستكون أكثر شراسة

ولن ينال نواب المشتركة أي مطالب من الحكومة القادمة التي ستتشكل، وقال الخطيب: "غانتس ذاته قالها قبل التوصية إنه لا يقبل بأن تُملى عليه مطالب، كما أكد أنه لن يقبل بحكومة تدعم القائمة العربية، وهذا هو نهج كافة الأقطاب الإسرائيلية، فنحن أمام حزب جنرالات لن يقبلوا أن يكون العرب بينهم".

هذه التوصية سيكون لها تداعيات خطيرة في الداخل، كما قال الخطيب باستنكار "الحكومة القادمة ستكون أكثر شراسة ولن تجد من يعارضها وستقود إلى واقع ومرحلة جديدة، وستكشف عن الوجه الحقيقي للمشروع الإسرائيلي الذي يحاولون أن يخفوه ببعض شعارات التعايش والسلام".

كما سيكون لهذه التوصية انعكاسات في العلاقة بين قيادات الأحزاب التي أوصت من جهة والجماهير الفلسطينية في الداخل من جهة، خاصة حينما يدركون قادمًا أنهم يراهنون على وهم، يقول الخطيب.

الحقوق تؤخذ ولا تُستجدى

من جانبه، اعتبر النائب السابق في الكنيست وعضو التجمع الديمقراطي باسل غطّاس في حديث خاصة لوكالة "صفا"، أن قيادات الأحزاب التي أوصت لصالح غانتس يعرفون حقيقة أنه من ناحية قانونية إذا لم يكن هناك توصية على مرشح ما من قبل ٦١ نائبا أو أكثر على أحد المرشحين فلا قيمة كبيرة ملزمة لهذه التوصية، وأن لرئيس الكيان عندها صلاحيات واسعة فيمن يختار للتكليف".

وأضاف غطّاس الذي قضى عاميْن في سجون الاحتلال الإسرائيلي بتهمة إدخال هواتف خلوية للأسرى: "إذًا فإن تصوير الوضع وكأنه بدون توصية القائمة المشتركة ملزم ريفلين بتكليف نتنياهو هي مرة أخرى تشويه للواقع الدستوري والقانوني واستمرار في تضليل الناس".

وأكد أن غانتس لم يكن معني بتوصية القائمة المشتركة لأنه يريد أن يكلف ثانيًا أي بعد أن يكلف نتنياهو ويفشل في مهمته.

واعتبر أن مسارعة رئيس القائمة المشتركة للتوصية بغانتس واستثناء نواب التجمع هو استمرار إمعان في الدخول بلعبة أمام حزب "كاحول لافان"، ورائحة هذه اللعبة تزكم الأنف وتحرق العينين.

وشدد غطّاس على أن المشتركة انتُخبت من الجماهير الفلسطينية في الداخل لتمثل شعبا عريقا صاحب هذه الأرض له جذور وعزة نفس ليتحدثوا باسمه ويمثلون مصالحه التي تؤخذ ولا تُستجدى.

وشدد على أنه "إن لم يكن دخول أهل البلاد الأصليين في انتخابات برلمانية على قواعد ومنظومة معايير وكوابح وضبط للمفاهيم، فإن المشاركة في هذه الانتخابات تصبح رافعة للأسرلة وفقدان للهوية الجمعية والتهميش الذاتي وقبول الدونية".

كما قال باستياء: "لا أستغرب قريبًا ارتفاع أصوات تنادي بقبول يهودية الدولة على أن تكون ديموقراطية".

وأكد أن التجمع الديمقراطي سيحافظ على خطابه ومشروعه وحقوق الشعب وروايته التاريخية كمواطنين أصليين.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]