لا تخيفه التحديات ولا يفكر بردود فعل الجمهور قبل عرض العمل، لا يحصر نفسه بأدوار محددة ولا يرفض تأدية دور جديد وحتى إن كان إرهابياً. يتقن تأدية الشخصيات التي يمثلها حتى تشعر أنه ابن مرحلة الأربعينات في "ليالي أوجيني" ثم يأتي بك إلى العصر الحديث بنقلة واحدة في "عروس بيروت". 

يقول الممثل التونسي ظافر العابدين لـ"لبنان 24" إن "موافقته على المشاركة في "عروس بيروت" يعود لعدة أسباب، أولاً لأنه دور مختلف وفيه تحدٍ من حيث أنه يجسّد شخصية شاب لبناني ويتحدث باللهجة اللبنانية، كما أنه خارج السباق الرمضاني إذ ان العابدين اعتاد على مدى سبع سنوات تقديم أعمالاً رمضانية"، ويشير إلى أن القصة وطريقة الكتابة والشخصيات والانتاج ككل وفريق العمل كلها عوامل شجعته على خوض التجربة. 

لا ينكر العابدين أن تأدية اللهجة اللبنانية كان صعباً لذلك استعان بمدرب وحتى كان على مدى ثمانية أشهر فترة التصوير يرّكز بالمحيطين به والذي يتحدثون اللبنانية. ورداً على سؤال يقول: "لم أفكر في أن أُنتقد، ولا يهم إن انتقدني أحد لكن الأهم أن أكون مقتنعاً لأنني إذا فكرت في ردة فعل الناس قبل العمل فلن أكمله، ومن الأهمية أن تكون الشخصية جديدة ومناسبة". ويلفت إلى أن ما يميز شخصية "فارس" أنه لبناني ويعيش في لبنان لا نصفه تونسي ونصفه الآخر لبناني ويعيش في لبنان، إذ أسعى لأن ينسى المشاهد أنني ممثل تونسي بل يركز على دوري وعلاقتي بعائلتي وأحداث العمل وكان هذا تحدياً بالنسبة إليّ وبطبعي أحب التحديات.

رومانسية أكثر
بدت شخصية "فارس" بأنه شاب رومانسي، وكذلك كان "فريد" في "ليالي أوجيني" رجلاً رومانسياً، يعلق ظافر على ذلك بالقول: "الرومانسية في "ليالي أوجيني" لم تحتل مساحة كبيرة من العمل، ولكن في "عروس بيروت" هناك رومانسية أكثر وأطول ومشاكل أكثر، في الوقت نفسه هو عمل معاصر على خلاف "ليالي أوجيني" الذي يعود إلى أربعينات القرن الماضي حيث لا يوجد لمس".. ويتابع: "لا أعني بلمس بأن في "عروس بيروت" يوجد مشاهد جريئة ولكن هو التواصل ولغة الجسد التي لا تقتصر على الحبيبين بل على الأخوة بين بعضهم البعض، إذ في الأربعينات كانوا يرتدون البدلة ويجلسون في الغرفة يستمعون إلى الموسيقى، ولا يصرحون عن مشاعرهم بل يكبتونها، لذلك "عروس بيروت" مختلف تماماً".
وفي ما يتعلق بشخصية "فريد" يقول ظافر إن هذه الشخصية مختلفة عنه لأنه من الأشخاص الذين يحبون التعبير عن مشاعرهم، إحساسه يظهر من خلال معالم وجهه، لذلك "فارس" هو أقرب إليه من "فريد"، كما أنه على عكس "فريد" الهادئ، فيمكن أن أكون هادئاً جداً ثم أنفعل، كما أنني أحب الضحك وهذا لم يكن موجوداً في "ليالي أوجيني" فهذا العمل كان صعباً لأنه في إطار زمني له الاتيكيت الخاص به، وكان علينا احترام ذلك العصر في العمل.
بين فارس وفريد
ويتحدث العابدين عن شخصية فارس بأنه انسان يعبّر عن مشاعره وعصبي وواثق من نفسه ويتحدى كل من حوله ومتمرد على الأشياء التي فُرضت عليه بينما "فريد" مختلف تماماً، وهذا كان مغرياً بالنسبة إليّ ولاسيما بعد "ليالي أوجيني"، لأن ألعب شخصية بلهجة أخرى وبلد آخر. وقد تغيب ظافر العابدين عن موسم رمضان السابق بسبب انشغاله بتصوير "عروس بيروت".
من المرجح أن يكون "عروس بيروت" 90 حلقة، فيلفت العابدين إلى ايجابيات الأعمال الطويلة بأنها تعرّف الجمهور على الشخصيات أكثر، كما أن هذه الأعمال تتطلب تجدداً ومشاهد وزوايا مختلفة ولكن في إطار الشخصية وهو ما تم ترجمته في "عروس بيروت". ويضيف: "العمل نجح في تركيا بما انه نسخة تركية وكذلك سافر إلى أميركا اللاتينية وأوروبا لأنه جميل وحالياً نعرضه بروح عربية".
وعن أهمية الشاشة التي يُعرض عليها العمل، يقول ظافر: "الشاشة مهمة جداً، إذ ان MBC ساهمت بإنتاج ضخم وباختيار أماكن التصوير وظروف التصوير وطاقم العمل، وكقناة هي مهمة جداً جداً وليس على نطاق الشرق الأوسط فقط بل وأفريقيا، وبالتالي ستساهم القناة في انتشار العمل على مساحة واسعة ولكن في الوقت نفسه ذلك يحملنا مسؤولية كبيرة".
وعن المشاكل التي تعاني منها النصوص العربية يقول العابدين: "المشكلة تكمن في الثقافة فنحن لدينا ثقافة الكلام الكثير بينما ثقافة الكتابة مرتبطة بالأحداث، ونحن نتحدث كثيراً ونقلل من الأحداث".
تنوعت أعمال ظافر العابدين وتعددت إذ عمل في تونس ومصر ولبنان وحتى في هوليوود، ويشير إلى أن قوة النصوص الغربية تأتي من التعاون الذي يحصل بين كُتّاب النصوص أي ورشة الكُتاب التي تتألف من سبعة أو ثمانية مؤلفين يعملون معاً لإنتاج نصوص سينمائية أو درامية وتكون نتيجتها حلوة. ويتابع: "على الكاتب أن يطوّر نفسه ولا يعتمد على فكرة أنه يكتب، بل يتطلع إلى طرق الكتابة الجديدة وأحدث التقنيات ويطوّر نفسه من خلال ورش العمل. كما يجب تشجيع جيل الشباب ومنحهم الفرصة في الكتابة فهناك العديد من الشباب الموهوب إن كانوا مؤلفين أو مخرجين محترفون فعلاً".
تعليقاً على اختيار هند صبري لتكون ضمن لجنة تحكيم في مهرجان البندقية السينمائي في دورته الـ76، يقول ظافر إنه "لشرف لي وشرف لتونس والعالم العربي والمرأة العربية اختيار صبري ضمن أعضاء لجنة تحكيم المهرجان عن فئة "الأفلام الأولى" لأنه مهرجان مهم جداً، أود أن أبارك لها وأهنئها وأتمنى لها التقدم دائماً، فنحن لدينا طاقات نسائية كبيرة في العالم العربي".
إلى جانب مشاركة صبري، يشارك من تونس ثلاثة أفلام في مهرجان البندقية، ويلفت الممثل التونسي إلى أنه في السنوات الأخيرة فازت الأفلام التونسية بجوائز عديدة منها في مهرجان برلين وفي باريس وتورونتو. ويعزو سبب عدم انتشار الأعمال التونسية في العالم العربي أنها "ليست أعمالاً تجارية، بل تشارك في مهرجانات، وأحياناً يكون الخوف من عدم فهم اللهجة علماً أنني كتونسي لهجتي مفهومة وأفهم اللهجات العربية الأخرى".
وعن سبب توجه التونسيين إلى مصر يقول: "لأنها سوق كبيرة ومهمة جداً والممثل التونسي يطمح لأن يشارك بأعمال مهمة وأن يتعرف إليه الناس وإلى أعماله، فمصر مناسبة جداً وهي عاصمة الدراما والسينما في العالم العربي". ويصور ظافر العابدين حالياً فيلمين مصريين وكذلك مسلسلا عالميا لا يستطيع الإفصاح عن تفاصيله.
ورداً على سؤال لـ"لبنان 24" يقول: "لا أمانع في تأدية دور إرهابي إذا أُسند إلي في الأعمال الغربية، إذ قدمت دور إرهابي سابقاً ولا أمانع في أن ألعب هذا الدور مجدداً، لأن الارهاب موجود في أي مكان إن كان في العالم العربي أو في أوروبا، وليس علينا أن نشعر بالنقص تجاه ذلك، فهو دور كأي دور آخر ولكنني لا أحصر نفسي في تلك الأدوار". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]