منذ ان اعلن عن ورشة البحرين "مؤتمر الازدهار من اجل السلام" الذي سيعقد في العاصمة البحرينية المنامة، يومي 25 و26 حزيران/ يونيو الجاري، بأشراف وتنظيم وتوجيه من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قامت الدنيا ولم تقعد، حيث ورد في الاخبار الرسمية ان الهدف من هذه الورشة التي سيحضرها وزراء اقتصاديون هو مناقشة الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية وإقامة مشاريع كبرى بعرابة أمريكية، الا ان فئة لا يستهان بها من الدول المدعوة للمشاركة آثرت عدم مشاركتها في الورشة اذ رأت بها تجيير للقضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي كما اعتبرتها توطئة لقبول الجانب السياسي مما يسمى صفقة القرن وهي عبارة عن تسوية سياسية قد تعلن عنها واشنطن الشهر المقبل.
اما في الداخل المحتل، فقلة من الآراء تحدثت عن ضرورة المشاركة في المؤتمر منتقدين المحاولات البارزة لتحويل ورشة أهدافها سياسية بالأساس الى مجرد "ورشة عمل اقتصادية" بذريعة حل الازمة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية وليس محاولات فرض حلول على الشعب الفلسطيني من خلال مخطط لتصفية القضية، ويرون ان السيناريو المناسب للورشة هو "مطبخ سياسي سيتم فيه طهي وصفة اقتصادية ثمنا لحل سياسي" يعتبر توطئة لضم إسرائيل لمعظم مناطق الصفة الغربية الى جانب محاور أخرى تتضمنها الصفقة منها توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية مثل الأردن أيضا أخرى ممكن ان تتضمنها صفقة القرن وذلك عبر المكاشفة والمواجهة في صورة التطورات مع بلدان مختلفة.

ورشة المنامة تندرج ضمن سياسة اقتصادية للالتفاف على الخلافات السياسية العقيمة

قلة أخرى تصف نفسها بالبرغماتية ترى ضرورة قصوى في تغيير النهج المتبع ومشاركة الجانب الفلسطيني الذي يرفض المشاركة في ورشة البحرين في اطار اتجاه جديد تعكس مخرجاته تحدي للولايات المتحدة وإسرائيل اللتان عملتا على وضع بنود صفقة القرن دون اشراك الأطراف والدول المعنية التي تمر الصفقة من خلالها، هذه القلة تتلقى نقدا شديدا الا انها مستعدة لتحمل كلفة هذا النقد اذ ترى ان هذا التغيير ممكن ان يكون بداية جديدة تؤثر إيجابيا على تداعيات القضية وبالتالي فان المشاركة في الورشة البحرينية لا تعني بالضرورة دعم او الموافقة على "صفقة القرن" حيث رأى الناشط السياسي والاجتماعي د. وائل كريم ان الخطوات الامريكي التعسفية ضد الشعب الفلسطيني كانت العثرة الاساسية في التقدم نحو خطة سلام أيا كانت. كما ان الادارة الامريكية الحالية تحاول السيطرة على العالم من خلال الصفقات الاقتصادية واستغلال نفوذها الاقتصادي لتقوية نفوذها وفرض قوانين لعبه مختلفة تخدم مصالحها. مشيرا الى ان صفقة القرن هي محاوله اخرى تندرج ضمن سياسة الاقتصاد كحل للمشكلات العالقة والالتفاف على الخلافات السياسية العقيمة والمستعصية.
وبالتالي طرح د. كريم سؤالا محوريا في كيفية التعامل مع التوجه الأمريكي خصوصا في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الشعب الفلسطيني مثل غياب الدور العربي وضعف المجتمع الدولي في اتخاذ خطوات عمليه تخفف من معاناة الشعب الفلسطيني على اقل تعديل، ناهيك عن غياب القضية وتهميشها المستمر من قبل الفاعلين دوليا وعلى رأسها الولايات المتحدة. يضاف اليه التعنت الاسرائيلي ومعارضة اليمين الإسرائيلي لأي تقدم في عملية السلام وظهور أصوات قوية تنادي الى ضم ما تبقى من الارض الفلسطينية لنفوذ إسرائيل.

صفقة القرن يمكن ان تكون رافعة مهمه للفلسطينيين من اجل تعرية الجانب الاسرائيلي

وفسر د. كريم نظريته المتعلقة بدعم المشاركة قائلا ان المعارضة الاسرائيلية اليمينية لصفقة القرن يمكن ان تكون رافعة مهمه للفلسطينيين من اجل تعرية الجانب الاسرائيلي وتحويله الى الجهة الرافضة المتمردة. مؤكدا بان هناك مهمة تاريخية ملقاة على عاتق الجانب الفلسطيني للقبول بالمبادرة تحت شروط، وعدم إعطاء اسرائيل فرصة اخرى لادعاءاتها المستمرة بان الجانب الفلسطيني هو الرافض الدائم لأي مبادرة وهكذا يقوضوا المبادرة بصورة سهلة.
ويرى د. كريم ان اسرائيل معارضة شديدة للخطة لأنها تجبرها على التعامل مع قضايا مهمه مثل فتح الحدود وحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته وإخلاء المستوطنات وقضية القدس وهذه أمور غاية في الحساسية اذ لن تستطيع الحكومة الإسرائيلية تمريرها في ظل السيطرة اليمينية، وبناء على ما تقدم فانه من مصلحة الشعب الفلسطيني احراج المؤسسة الإسرائيلية وتعريتها دوليا وقلب السحر على الساحر. بينما يعمل الرفض الفلسطيني القاطع المشاركة في الورشة لصالح اسرائيل اولا ويضعف الموقف الفلسطيني أكثر، لذلك يعتقد د. كريم انه يجب البدء بتحديث اُسلوب تفكيرنا والخروج خارج الصندوق حتى نستطيع بناء مناوره سياسية ناجعه وناجحة ذات أفضلية تحاوريه تلزم امريكا وإسرائيل على تغيير اُسلوب تعاملهم مع القضية وارجاع بعض من التوازن لطرفي النزاع.

لا يمكن حل اي صراع قومي من خلال اغراءات مالية

ويرى الخبير السياسي احمد محاميد ان صفقة القرن حكمت على نفسها بالفشل لعدة أسباب أولها تسميتها بالصفقة وكأن الحديث يدور حول مشروع تجاري او سوق فيه عرض وفيه طلب، في حين أنّه من المفروض الحديث عن "حل سلمي" وليس عن صفقة، يتماهى مع سيناريو يصف بدقة واقع صراع استعماري قومي منذ مئة عام، وآن الأوان للبحث فعلًا عن معادلة جيوسياسية تضمن للشعبين الفلسطيني واليهودي سيادة وحريّة. وبالتالي فان مؤتمر المنامة حكم على نفسه بالفشل خصوصا في حل تغيب أصحاب الشأن عنه.
واعتبر محاميد انه لا يمكن حل اي صراع قومي من خلال اغراءات مالية ليس إلاّ، مقابل التخلي عن الحل العادل والشاملة معلقا المحاولات الأمريكية لحل الصراع بنتائج الانتخابات البرلمانية القادمة للكنيست الاسرائيلي، وبمواقف الدول الاخرى، مشيرا الى ان الولايات المتحدة لا يمكن ان تكون الوسيط الوحيد لأنها أصبحت طرفًا في المعادلة بشكل واضح.
ونوه الى ان الوسيلة الوحيدة لحل الصراع تكمن في الحراك الشعبي السلمي من قبل الشعبين بهدف دفع السلطة والقيادة في الطرفين الى الجلوس مجددًا على طاولة المفاوضات، دون وسيط مباشر، والخروج بتسوية، ترضي الطرفين دون ريح كامل لهما.

الأنظمة العربية ستدعم الشعب الفلسطيني رغم الضغوطات التي تمارس عليها

المحامي والناشط السياسي محمد غالب يحيى يرى ان صفقة القرن جاءت لتخدم مشروع صهيوني امريكي لتنفيذ مخطط شامل ينهي القضية الفلسطينية وينتقل لمرحلة التطبيع الموسع لتل ابيب ليكتمل المشهد الامريكي في هيمنته على منطقة الشرق الأوسط، مضيفا الى ان الأمر مصيري للفلسطينيين في الداخل، خصوصا في ظل الضبابية التي تحوم حول تفاصيل وبنود الصفقة ومصير الفلسطينيين في مناطق في الداخل المحتل منها المثلث الذي من المتوقع ضمه الى الضفة الغربية او ضم بلدات من الضفة الغربية لتصبح تحت النفوذ اسرائيل. ما يشكل ضربة إضافية لحل عادل للقضية الفلسطينية مثل حل الدولتين.
واختتم مؤكدا على ان الصفقة لن تمر وغير قابلة للتنفيذ وان الأنظمة العربية ستدعم الشعب الفلسطيني رغم الضغوطات التي تمارس عليها، وستبقى الصفقة حلما لصهر الرئيس الأمريكي ترامب سيفوق منه بعد مغادرته البيت الأبيض نهاية العام القادم.

محاولة جادة لإجهاض القضية الفلسطينية واجهاض حق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس

اما الناشط السياسي محمد بيطار فاعتبر ان صفقة القرن هي محاولة جادة لإجهاض القضية الفلسطينية واجهاض حق الفلسطينيين في دولة مستقلة عاصمتها القدس والتخلص نهائيًا من حق العودة وذلك من خلال توطين الفلسطينيين في الدول العربية ودفع تعويضات مغرية جدًا. مضيفا الى ان حكومات وقيادات العالم العربي، لا تملك من امرها شيء، فتجدها تهرول صاغرة كقطيع خراف – على حد تعبيره- مطيعة للهيمنة الامريكية في محاولة بائسة للتحايل على الحق الفلسطيني.
وعول بيطار على الشعوب العربي حيث رأى انها اقوى وأبقى من حكامها، مضيفا الى ان الرحم الفلسطيني لا زال يلد ابطالا ولا زالت القضية راسخة في عقولنا، ما يؤكد ان لا صفقة قرن ولا ترامب الصهيوني وكل من دعمه قادرين على شطب حقنا التاريخي بالعودة. وان الفلسطيني لن يقبل بأي تعويضات ولا اي مساومات والأيام التي اثبتت ان الفلسطيني قادر على فتح باب المغاربة وازالة البوابات المغنطيسية، سيقدر على دحر صفقة القرن.
مؤتمر المنامة في البحرين لا يتعدى كونه مناورة أمريكية إسرائيلية لتخطي الحقوق القومية للشعب الفلسطيني
القيادي محمد دراوشة قال: مؤتمر المنامة في البحرين لا يتعدى كونه مناورة أمريكية إسرائيلية لتخطي الحقوق القومية للشعب الفلسطيني، ولا أعتقد أنه سينجح بهذه المهمة. لا شك أنه ستخرج منه تصريحات كثيره حول مشاريع عدة هدفها رسم مستقبل رغيد للشعب الفلسطيني في حال تنازل عن حقوقه القومية ومطلبه العادل بإقامة الدولة المستقلة، ولا شك أن قسم من هذه المشاريع قد يتنفذ على حيز الواقع. ولكني أكاد أجزم أن كل هذه الإستراتيجية لن تثني الشعب الفلسطيني ولن تغير من ثوابته.
وتابع قائلا: أعتقد أن المؤتمر سيكون وسيلة ضغط وربما محاصرة للسلطة الفلسطينية، التي ستعاقب أشد عقاب بسبب رفضها التعاون مع ما يضر مصلحة شعبها، ما سيلحق الكثير من الأذى للاقتصاد الفلسطيني وسيؤثر على حياة المواطن الفلسطيني. ولكن في النهاية هي حرب أعصاب تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على التنازل، لا بل والاستسلام، ولا أعتقد أن هذا سيحدث.
واختتم دراوشة: لن يتمكن أحد من فض القضية الفلسطينية ما دام الشعب الفلسطيني يرفض تسليم أمره لأولياء أمر غرباء.

على الصعيد المحلي لن نتعامل مع صفقة القرن بالمستوى المطلوب

المحامي باسل دراوشة أشار في حديثه ل "بكرا": تقضي الخطة الأميركية لصفقة القرن "بتصفية القضية الفلسطينية" بإقامة دولة فلسطينية على 90% من أراضي الضفة الغربية، على أن تشكل أجزاء من القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، في حين تخضع البلدة القديمة في المدينة، حيث يقع المسجد الأقصى المبارك وسائر الأماكن المقدسة، تحت السيطرة الإسرائيلية. الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، تستعد لطرح "صفقة القرن" خلال مؤتمر البحرين.
وتابع: بموجب المواقع الإخبارية فان "صفقة القرن" تتضمن إقامة دولة فلسطينية في منطقة تزيد مساحتها عن ضعف مساحة المناطق أ وب، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، وأكدت أن المساحة قد تشكل من 90 – 85% من مجمل مساحة الضفة الغربية. ومن المقرر بموجب الخطة تبادلً للأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك فيما يتعلق بسائر المساحة المتبقية من الضفة الغربية والتي ستضمها إسرائيل، هذه الخطة والصفقة لن تحصل على تأييد الشعب الفلسطيني وجزء من الدول العربية التي ترفض المشاركة في المؤتمر البحرين وترفض الخطة لإدراكها أنها محاولة لشراء القضية الفلسطينية بأموال خليجية وأمريكية الأمر المرفوض.
ونوه: هذه الخطة تهدف لتصفية القضية الأمر المرفوض لأنه لا يعطي الشعب الفلسطيني آماله وتطلعاته وحقه بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ويلغي حق العودة. لهذا على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية وضع خطة عمل فورية لمواجهة التحديات الناجمة عن هذه المؤامرة. والخطة محاولة تجنيد الرأي العام العالمي والعربي ضد هذه الخطة وتشكيل ضغط على الحكومات والأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية بشكل عادل ومنصف ولضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
واختتم: على الصعيد المحلي اعتقد ان الجماهير العربية والأحزاب السياسية العربية منهمكة في التحضير الانتخابات المقبلة وبصدد تشكيل قوائم وتحالفات انتخابية ولهذا لن تتعامل مع صفقة القرن بالمستوى المطلوب، فسيقتصر ردها على بعض التصريحات لقياديين واعضاء كنيست برفضهم للصفقة. وعدا ذلك لن تجد برنامج خاص يهتم ويتابع الصفقة.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]