قد تتحول قذيفة المدفعية من أداة للقتل والتدمير إلى قطعة فنية، منحوتة ومزخرفة وملونة، تعبّر عن فكرة إبداعية أو حتى عن رسالة سياسية، تنفجر فنوناً وهويات، كما في معرض ينظَّم حالياً في العاصمة اللبنانية بيروت.
تبهر زائرَ معرض “هويات دائمة”، المقام في غاليري صالح بركات ببيروت حتى 28 أبريل، مجموعة قذائف تمثل هويات 46 بلداً.
ومع أنها قذائف غير مدوّية مصنوعة من حجر وخشب ومعدن، فإنها صاخبة بشخصياتها وألوانها وزخرفاتها وما تحمله من أبعاد ومعانٍ.
نسقت هذه المجموعةَ الفنانةُ التشكيلية اللبنانية كاتيا طرابلسي، فجعلت كل قذيفة تروي حكاية آتية من بلد.
وتستريح هذه القذائف على صناديق خشبية باللون الأخضر العسكري القاتم، مستوحاة من تلك المخصصة لحفظ ذخائر المدفعية.
تقول طرابلسي لوكالة فرانس برس: “أردت من خلال الفن أن أُظهر أن قذيفة المدفعية التي تمثل التدمير والقتل والاحتلال، لا تستطيع أن تلغي الهوية. وهي في المعرض قطعة فنية شاهدة على التاريخ وليست وسيلة للتدمير”.
وتنهل أعمال طرابلسي الفنية هذه من الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) التي عايشتها وتحل ذكراها في 13 أبريل، ويحمل معرضها هذا رسالةً، فحواها “أوقِفوا الحروب؛ لأنها لا تؤدي إلى نتيجة”.
وأمضت طرابلسي 4 أعوام من البحث والتحضير للمعرض، سافرت خلالها إلى 12 بلداً.
وتقول: “استعنت بحرفيين من كل دولة، نفذوا القطع الفنية، وحرصت على أن يستخدموا المواد التي تُصنع فيها الأعمال الحرفية الخاصة بكل بلد”.
وتبدو بعض قطع المعرض الفنية ملتزمة، على غرار القذيفة التي تمثل فلسطين، حيث علقت عليها طرابلسي مفاتيح حديدية قديمة لمنازل لم يعد أهلها إليها منذ عام 1948.
أما المنحوتة التي تمثل ألمانيا، فنُفذت بمادة صمغية رمادية، بلون جدار برلين الذي كان يفصل شطري ألمانيا الشرقي والغربي قبل سقوطه في عام 1989، ولم تنس تتويجها بشريط شائك.
أما لبنان فمثّلته بقذيفتين: الأولى من خشب الأَرز حفرت عليها مجموعة من الرجال على متن سفن فينيقية، والثانية زيّنتها بشعارات 18 حزباً لبنانياً، بعدد الطوائف التي يتألف منها لبنان. واختارت الخشب المطعَّم بالصدف في المنحوتة التي تمثل سوريا، ونحتت حمورابي على القذيفة العراقية.
أما فرنسا فمثّلتها بماريان، الشعار الوطني للجمهورية الفرنسية، والولايات المتحدة بالبوب آرت وثقافة الاستهلاك، وروسيا بدمية ماتريوشكا.
[email protected]
أضف تعليق