بمبادرة مجموعة "أطياف" في عرابة، وضمن نشاط جمعية "كيان"-تنظيم نِسوي لدمج نساء في انتخابات السلطات المحليّة، نُظِمّت مؤخرًا ندوة في عرابة جاءت تحت عنوان " تمثيل النساء في مجالس السلطات المحلية عامة وفي عرابة خاصة "، هدفت إلى رفع الوعي لأهمية إشراك النساء في الحيّز العام عامة، والسياسيّ خاصة.
وتميّزت الندوة بمشاركة عدد من النساء، خاصة نساء سبق وأنّ خضن تجربة الانتخابات، ورجال ممثلي قوائم انتخابية شاركت في الانتخابات السابقة.
وبدأت الندوة بترحيب من بشرى عواد، من مجموعة "اطياف" في عرابة، التي أكدت على اهمية الندوة، خاصةً وأنّ الانتخابات على الأبواب والقوائم بدأت تتشكل ولا زلنا نلمس تغييب واضح وصارخ للنساء في تلك القوائم أو حضور خجل في مواقع، غالبا، ليست مضمونة.
وتحدث في الندوة كل من الناشطة الاجتماعية والنسوية، مقبولة نصار، والتي سبق وأنّ خاضت الانتخابات البلدية، ومديرة جمعية "كيان"- رفاه عنبتاوي.
وتطرّقت نصّار إلى دراسة كانت قد اجرتها خلصت إلى أنّ هنالك تقدّم بحضور المرأة في الانتخابات، مشيرةً إلى أنّ هذا التقدم لمسناه في الانتخابات التي جرت عامي 2008 و-2013 وأنّه يعود إلى نشاط المجتمع المدني عامة، من أحزاب ومؤسسات نسوية، وأوضحت نصّار أنّ هذا التقدم ليس بكافٍ خاصةً وأنّ معظم المرشحات لم يصلن إلى مناصب العضوية ومع ذلك فإن خطاب مشاركة المرأة في الانتخابات بات حاضرًا أكثر ويتعزز مع المعركة الانتخابية الحاليّة.
وأوضحت مقبولة إلى انها ومن خلال الدراسة التي عملت على تحليلها يتضح أنّ العمليات الانتخابية في مجتمعنا وسلطاتنا المحلية استبدلت المخاتير السابقة، معززة بذلك البطريركية والحمائلية والعائلية، مًحولة بذلك الحكم المحلي إلى المتنفس الوحيد للأقلية العربية لتتنفس فيها السلطة والقوة، والنتيجة لهذا المسار المُعتمد من قبل الدولة انه اصبحت الادارة بسلطاتنا غير سليمة، توصف الانتخابات فيها "بالديمقراطية" مع غياب واضح للديمقراطيّة، منتقدة انخراط قسم من مثقفي المجتمع العربي في هذا المشهد مما يحول دون تغيره.
وأشارت نصّار إلى بعض المعطيات من دراستها مشيرة إلى أنّ في الانتخابات السابقة تنافست 805 قائمة عضوية على 749 مقعد، وقد تنافس 602 مرشح ومرشحة على رئاسة 69 مجلس أو بلدية، وفيما يتعلق بالنساء فصّلت أن 302 امرأة ترشحن في 49 سلطة محليّة، ولأول مرة تنافست امرأة على رئاسة الناصرة، فيما انتخبت 15 امرأة في منصب عضوات، 4 منهن في المدن المختلطة، وهذا يعد سابقة ايضًا.
بدورها، تطرّقت عنبتاوي إلى عمل "كيان" في تعزيز النساء ودفعهن إلى المشاركة في الحيّز السياسي عامةً، وفي الانتخابات للسلطات المحليّة خاصةً، معددة مشاريع وفعاليات "كيان" في المجال.
وذكرت عنبتاوي معطيات بحث "كيان" الاخير التي تظهر أنّ مجتمعنا وللأسف وان كان يفكر في حضور النساء في الحيز العام فهو يتعامل الموضوع بشكل سطحي وبعيدًا عن تحمّل مسؤولية فعلية لتغيير الواقع، كما ويتعامل مع النساء بصورة صوريّة، وليست جوهريّة، وحتى في حال ترشحهن في بعض القوائم فيكون الترشيح في مواقع غير مضمونة. كما واظهرت النتائج ان منظومة الانتخابات هي منظومة عائلية وطائفية تشمل العديد من العوامل التي تقصي النساء وتعطي الأولوية للرجال.
وشددت عنبتاوي على أنّ حضور النساء في الانتخابات يجب أنّ يتخطى ذلك وأنّ يتم تعزيز هذا الحضور بنساء يحملن فكر متنور يهدف لتحقيق المساواة وتغيير واقع السلطات المحلية السيء وقادرات على التغيير ودفع مجتمعنا قدمًا إلى الأمام.
كما وأكدت كل من عنبتاوي ونصار أنّ المنظومة الذكورية والحمائلية في الانتخابات وفي السلطات المحلية هي الدافع الأساسي الذي يحول دون دخول النساء إلى الانتخابات.
مداخلات
وتخلل الندوة مداخلات من الجمهور، حيث قال عمر واكد نصّار، والذي سبق وأن شغل رئيس مجلس عرابة، أن دخول النساء إلى السياسة هو امر حتمي ومطلوب، الا ان دخول الانتخابات يجب أن يكون بإرادتهم ولا يمكن إجبارهن على ذلك، مؤكدًا أنّ عدم مشاركة النساء في الانتخابات متعلقة بهّن بالأساس.
بدوره، قال احمد نصار، ممثل قائمة "ابناء البلد" انّ القائمة خاضت الانتخابات سابقًا بمشاركة نساء، وان كان ليس في اماكن مضمونة. وأكد نصّار أنّ دمج النساء هو حق لم يترجم فعليًا على ارض الواقع وانه لا يمكن تحييد النساء عن العمل البلدي خاصة وانهن فاعلات اليوم في النهوض بعرابة.
بدورها، قالت عائشة نجار، عضوة في نادي "أطياف "ومن القيّمات عن الورشة: "يشتم من روح الحوار والآراء بالورشة ورغم الحقائق التي عرضت بالدراسة والتحليل والتي هي موثقة بصور ومشاهد من اجواء الحملات الانتخابية بمجتمعنا العربي عامة، ونتائج البحث العلمي لضيفتي الندوة، أنّ هنالك تصريحات تبدو داعمة لدخول النساء لجانب الرجال للعمل البلدي، الا انّ التشديد على المعيقات من افكار ومعتقدات وعراقيل هو الصوت الاعلى .. كأن المنظومات المجتمعيّة السائدة بنهج الانتخابات، او الادوار الاجتماعيّة المغلوطة وغير المتوازنة، او الطابع الابوي الذكوري السائد بمجتمعنا هي مسلمات وتابوهات غير قابلة للتغيير والمسؤولية هي على النساء بانها غير مبادرة لتأخذ هذا الدور. ولم يأخذ "هؤلاء الرجال الداعمين" اي مسؤولية لتغيير الوضع الراهن وكأن المسؤولية هي ليست مسؤولية المجتمع ويرجع بالإفادة على المجتمع ككل".
ومن الملفت للانتباه ان النقاش بالورشة عكس أصواتا مختلفة تمثل الأصوات التي لطالما نسمعها في مجتمعنا، حيث من جهة فهناك تأييد واضح وموافقة وتشجيع لوجود نساء في السلطات المحلية ولكن من جهة أخرى غالبا ما يتم تحميل المسؤولية للمرأة ذاتها وكان التغيير يعنيها وحدها. فرغم التصريحات المؤيدة ورغم الأصوات التي ترى تغيير الواقع مسؤولية مجتمعية الا ان الصوت الغالب للأسف هو الصوت الذي يتنصل من المسؤولية ويلقي بها على النساء، وهذا ما نعمل عليه في كيان بالتعاون مع المجموعات النسائية عامة وفي عرابة تحديدًا، ايمانا منّا بان العمل المشترك ومواجهة جذور المشكلة الحقيقية من شأنها ان تزيد من احتمالات حدوث التغيير.
[email protected]
أضف تعليق