كان مساء من ذهب وتراب يفوح برائحة النعناع والياسمين ,,يسيل من أطرافه عسل التين ،،كان مساء أصيل ،، ربة مرقسية أرتوت الماركسية فعلا ونظرية حتى العبق.
أمل مرقس أيقونة نمسح وجهنا بها لنخرج من صوتها بكامل أناقتنا ونقاوتنا خارج الوطن ونقول نحن من هناك حيث أمل مرقس ومحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد واميل حبيبي وفدوى طوقان ،،،والقافلة تسير بأسماء الوطن الحسنى فخرا ،،حين دعوت لحفل تكريم الفنانة أمل مرقس ،قلت بسري اي نوع من الحلوى يليق بهذه الأصيلة لم أفكر بالورد المألوف لهذه المناسبات لأن الورد في حديقة أمل يحمل أسماء ،،لم أتي للحفل بورد مقطوع من أهله ،،أتيت وبين راحتي كعكعة بدائية جداً تسمى "كعكة ستي "، وجدتني بها أقرب للحقيقة ولأصالة أمل،،
كان مساء من تراب كوكبي كما صوتها كما حضورها كما كلامها ،،افتتح الحفل مدير مؤسسة محمود درويش السيد عصام خوري رفيق الحزب والمحمود درويش وأحد تلامذة المرقسي الكبير نمر والد الفنانة أمل مرقس ،،قد لا يكون على مقاعد الدراسة تلميذه ،،لكن من مر في كفرياسيف وقَبَل العين بعينيه وشارك في مهرجانات أول أيار عبر في المغزل والتمس من نسيج المعلم نمر مرقس ،،تحدث عصام خوري عن تلك الطفلة ذات الثلاث سنوات حين امتطت المنصة لتقول أنا ابنة الجليل وانا احب فيروز واحب الناس واغني سوف ننتصر يوما ما ،،وتابع حديثه عنها وكأنها المشاغبة الصغيرة ،،قد خانه التعبير لربما قصد انها الأمل التي كبرت وهي صغيرة وحملت أوزار محيطها وقضيتها وسارت وصارت كمسح الزيت كلما غنت يلمع جبيننا من سماعها،،أمل مرقس تُكرم في بيت درويش وبين كل صورة له بعمر مختلف ونظرة مختلفة وقصائد مترامية الاطراف لوجوه عديدة من الحياة وحالات مُرة وحلوة ،،بين الكلمة والاخرى كانت همهمات أمل وخجلها من الحب المحاط يسيل عرقا منها مثل الزيت ،،دعى السيد عصام الاستاذ سهيل ديب عطالله لتسليم درع التكريم ،،ثم سلم منصة الكلام للصحفي وديع عواودة لحوار أمل ،،وكم تكبر قيمة السؤال حين يشبعه الجواب الجريء الغني ثقافة ،،كانت أمل تبهر الحضور مثل عادتها بكل جواب ،،لدرجه انني قلت هل يعقل بعد !! ان تُطرح هذه الاسئلة لأمل؟؟ ،،
لأن أقرباء روح أمل ،،المستمعين لها يعرفونها كما درويش كلما قرئنا قصيدة له من ديوان مختلف ذهبنا الى حيث وضع روحه آمانة زمن ،،أمل مرقس تحفظها الأمكنة تتنهدها وتتنفسها وتغني حجارها أغانيها ،،وحفلاتها مدرسة شاملة الاجيال وبيت مُسن وملجأ نساء وأصوت أسرى
ومثقفون وعامة وراقصون وصمتى ،،لها رصيد من الاغاني يخاطب كل الاجيال وكل التركيبات العقلية والمجتمعية،، كانت احدى اجابات أمل "
أمل مرقسما بِعتقد إنّه بالفن في وُصول.. في مَشي .. بدّو يضَل يِمشِي الواحد..
وهالدَرب اللي هيّي ما إِلها آخِر، بالواقع هيّي دَرب الحلم..
"عاصي الرحباني"
كانت لرئيس لجنة المتابعة محمد بركة كلمة جعلت لجدران المكان الضيق مدى شاسع وصدى حيث قال: أمل مرقس ؛عنوانٌ رائدٌ للفنّ الجميل...والملتزم... والتقدمي ضمن مشروع إعادة تشييد القامة الوطنية والثقافية والفنية في الوطن بعد النكبة.
زمن التكريم ومكانه كان مزدحما بأسم محمود درويش مكانا وبأسم سميح القاسم واميل توما في موعد متاخم لذكرى رحيلهما.
تكريم مسُتَحقّ...
صوت أمل هو الصوت الذي نتمناه ايقاعاً لحياتنا ولنبضِ
كما أثنى التائب أيمن عودة بكلمة قائلا ؛أمل فنانة أصيلة لأنها خطت طريقًا فنيًّا خاصًا بها، استمدته من فلسطينيتها ومن القيم الكونية، انحازت لبسطاء الناس، لقضايا الفقراء، استنهضت القدرات المحلية الفلسطينية، غنّت قصائد شعراء المقاومة ولامست الحكايا التراثية بالموسيقى. فأحيتها انتماءً وجمالا.
وفي اغانيها
البعد الطبقي والاممي والوطني أمل مرقس هي الرائدة في فلسطين ومسيرتها الفنية والنضالية وسام شرف ، وصوتها مثل زيت الزيتون ،،
وايضا كانت مداخلة ل د.راوية بربارة والكاتبة تغريد الاحمد ،،
لكن كل الكلمات أخذت مطارح قائليها وجلست بصمت لتتمتع بصوت أمل حين غنت لفيروز وتشي جيفارا وفتح الورد ،،
الهي كم يحضر الحب لهذه الفنانة الراقية مثل عاجوز ادركها الزهايمر وضيعها اليقين وبقي الصوت هو المرجع الوحدة للذاكرة
ولأن أمل مرقس صوت الذاكرة
لا يحتاج لترجمة يخلق جوا حميميا اينما حل
فنانة غير نمطية تربط الغرب بعوالم شرقية
تتمتع بأسلوب خاص يمتاز بعناصر موسيقية تربط العالم الغربي بعوالمها الشرقية، التي تستمدها من الموروث الشعبي الفلسطيني والموسيقى العربية، مما يتيح للمتلقي بمختلف إنتماءاته القومية التمتع بصوتها وإدائها، دون البحث عن معنى الكلمة، يعود ذلك لبثها المعنى من خلال ملامحها وإدائها المسرحي، إضافة الى جمالية صوتها وثقافة نص أغانيها وخصوصية الألحان، لذلك هي حضور سائد وحميمي أينما حلت لا تحتاج لترجمة،،
دمت رسالة فلسطينية نحني هامتنا لصوتك الصلاة .
[email protected]
أضف تعليق