كالتوازن الذي يخلقه وجود كل من الشر والخير في حياة البشر، فإنّه لا يمكن إنكار أهمية أدوار الشر في السينما بأي شكل من الأشكال، بل على العكس، وفي أحيان كثيرة، نجد أنّ عظمة وقوة العمل السينمائي ترتبط بشكل وثيق بقوة الشخصية الشريرة ومدى خبثها ومَكرِها. ولهذا، فقد قمنا بتحضير هذه القائمة التي حاولنا من خلالها تسليط الضوء على أقوى وأفضل 10 أدوار شريرة في تاريخ السينما.
الجوكر
فيلم: The Dark Knight
سنة الإنتاج: 2008
أداء: هيث ليدجر
لعلنا نتفق جميعاً على أنّ حبنا للجزء الثاني من ثلاثية فارس الظلام التي أخرجها كريستوفر نولان يعود بالأساس إلى “الجوكر”، وليس إلى باتمان أو هارفي ولا غيرهما، وحتى إن كنت لا تشاركني الرأي فإنّك ستتفق معي بالتأكيد على أنّ هذه الشخصية الشريرة قد خطفت جميع الأضواء والانتباه من الشخصية الرئيسية، وأنّ التقييم الممتاز الذي يحظى به الفيلم يرجع بشكل رئيسي إلى هذه الشخصية.
تحظى هذه الشخصية بأهمية فائقة في عالم باتمان وقصصه المرسومة على الرغم من العدد الهائل من الأشرار الذين واجههم باتمان في غوثام، وعلى الرغم من أنّ هذه الشخصية قد تم أداؤها من طرف عدة ممثلين عبر عشرات السنوات وعلى رأسهم الرائع “جيك نيكلسون”، لكن النجم الراحل “هيث ليدجر” كان الوحيد الذي قدم قطعة من روحه في سبيل مثالية هذا الدور الذي أعطى ل”الجوكر” أبعادًا مخيفة، ممتعة، ومؤلمة في آن واحد.
وتختلف شخصية الجوكر عن غيرها من الشخصيات السينمائية الشريرة التي تتشارك معها في درجة الدهاء والمكر، في عامل الحافز؛ وذلك لأنّ ما يحفز هذا الرجل ليقوم بما يقوم به لا يعود إلى بحث عن المال، ولا الشهرة، ولا الانتقام ولا غيرها من الدوافع التقليدية للإنسان، لكن ما يحمله “الجوكر” هو فكرة ووجهة نظر يريد إيصالها للجميع، وإثبات أنّ باستطاعته زرع الفوضى من لا شيء، واستخراج الجانب الأسوء والأكثر ظلاماً من شخصية أفضل الناس وأكثرهم تمسكًا بالمبادئ والقيم، وسواءً كنا نتفهم وجهة نظر الجوكر أم لا، فقد أثبتها على كل حال، مقدماً لنا أحد أفضل أفلام الألفية الثالثة على الإطلاق.
كايزر سوزي
فيلم: The Usual Suspects
سنة الإنتاج: 1995
أداء: كيفن سبايسي
حسنًا، إذا شاهد أي شخص هذا الفيلم حاليًا فسوف يتمكن من تخمين نهاية الفيلم في غضون دقائق معدودة؛ وذلك لأنّ حبكته قد تكررت في عشرات الأفلام لدرجة أصبحت معها مستهلكة وساذجة جدًا، لكن هذا لا يقلل من قيمة هذا العمل الذي شكل، عند إصداره ثورة في عالم أفلام الغموض والتشويق، وتم اعتبار نهايته حينها عبقرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو ما جعل الفيلم يحصد جائزة الأوسكار لأفضل نص أصلي، بالإضافة إلى اختياره من طرف المعهد الأميركي للأفلام سنة 2008 كعاشر أفضل فيلم غموض في التاريخ.
نتحدث هنا عن النهاية التي كشفت لنا عن هوية “كايزر سوزي”، ذلك الزعيم الأسطوري الذي أمضينا الفيلم كله ونحن نسمع حكايات عن إنجازاته، ووحشيته التي ترعب أكبر المجرمين وأكثرهم خطورة، من طرف “روجر” الأبله الذي اكتشفنا في النهاية أنّه هو “كايزر سوزي”.
أو ربما لم نكتشف شيئًا، فالطريقة التي تم تقديم أحداث الفيلم بها، تجعل من الصعب أن نعرف حتى إن كان هناك مجرم خفي يدعى “كايزر سوزي”، ويقوم بتحريك خيوط اللعبة دون أن يعرف أي شخص شيئًا عنه سوى اسمه، أم أنّه لا يمثل سوى منتوج لخيال “روجر” الذي استمر بخداع ضابط الشرطة طوال مدة الفيلم بقصة مفبركة لا أساس لها من الصحة، وبهذا يكون “روجر”، هو الشخصية الشريرة الحقيقية للفيلم، وليس “كايزر”، لكن هذا لا يهم، فمهما كان اسم “الشرير الحقيقي” في الفيلم، يبقى كيفن سبايسي مؤدي “الشخصيتين” مستحقًا لجائزة الأوسكار التي حاز عليها بكل جدارة.
دارث فيدر
سلسلة أفلام ستار وورز
سنة الإنتاج: منذ 1977 إلى يومنا هذا
لا أخفي أنّني لست معجبة بالسلسلة ولم أشاهد منها سوى أفلام قليلة لم تثر اهتمامي، لكن هذا لا يغير من حقيقة الأهمية والتأثير الذي صنعته هذه الأفلام في الثقافة الأميركية، وبالتالي في الثقافة السينمائية بشكل عام، وبالتأكيد، فإنّ الجزء الرئيسي من نجاح السلسة يأتي من شخصياتها وعلى رأسها شخصية الدارث فيدر، الذي تم اجتذابه إلى الجانب المظلم من القوة بعد أن كان أحد فرسان الجيداي، ليصبح رمزًا سينمائيًا للتحول الراديكالي من الخير إلى الشر المطلق.
الممرضة ريتشيد
فيلم: One Flew Over The Cuckoo’s Nest
سنة الإنتاج: 1975
أداء: لويس فليتشر
ننتقل إلى الفيلم الحائز على الجوائز الخمس الكبرى لحفل جوائز الأوسكار سنة 1976، أي كل من جائزة أفضل ممثل في دور رئيسي، أفضل فيلم، أفضل نص، أفضل مخرج، وما يهمنا هنا هي جائزة أفضل ممثلة في دور رئيسي التي حازت عليها لويس فليتشر بفضل أدائها التاريخي لدور الممرضة ريتشيد، تلك الشخصية الوحشية لدرجة بدا معها مجرم ماكر ك”راندل ماكارفي” شخصًا مفعمًا بالإنسانية.
لطالما تم استعمال مهنة التمريض في الأدوار الشريرة، ربما لأنّ فكرة استغلال “ملاك الرحمة” لمرضاها وإمكانية وضعهم تحت رحمتها في وقت لا يملكون فيه لا حولاً ولا قوة بسبب تدهور صحتهم التي تتحكم فيها كما تشاء، تعد فكرة مخيفة جداً، لكن الممرضة ريتشيد تفننت في شرها وأبدعت فيه، فالاعتداء والتنكيل الذي مارسته على المرضى لا يتمثل في المس بسلامتهم الجسدية بقدر ما يتمثل في تعذيبهم نفسيًا، واللهو بعقولهم وتحطيم أرواحهم إلى أجزاء باستخدام ممارسات بالغة الاستفزاز ولا تعرف للرحمة معنى، وما يزيد الأمر إثارة للقشعريرة هو أنّ هؤلاء المرضى هم في الأساس نزلاء مصحة عقلية.
هانيبال ليكتر
فيلم: The Silence Of The Lambs
سنة الإنتاج: 1991
أداء: أنتوني هوبكينز
نبقى مع الأفلام العظيمة، وتحديداً مع فيلم “The Silence of The Lambs” الذي حقق نفس إنجاز الفيلم السابق بحيازته على الجوائز الخمس الكبرى للأوسكار، وذلك بعد أن لم يتمكن أي عمل سينمائي آخر من تحقيقه طيلة السنوات الخمسة عشر التي تلت فوز فيلم “One Flew Over The Cuckoo’s Nest”، وفيلم الرعب الوحيد على الإطلاق الذي تمكن من الفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم.
قدم لنا الفيلم شخصية هانيبال ليكتر، أحد أهم وأشهر الشخصيات الشريرة في تاريخ السينما، وأهم دور في حياة النجم القدير هوبكينز، باعتباره الدور الذي شكل نقطة انعطاف هائلة في مسيرته الفنية بالإضافة إلى كونه الدور الذي حاز بفضله على جائزة الأوسكار الوحيدة في حياته، حيث يعتبر الدكتور هانيبال ليكتر طبيبًا نفسيًا وسفاحًا آكلاً للحوم البشرية، يتم اللجوء إليه من طرف المحققة كلاريس بهدف مساعدتها في فهم منطق وطريقة تفكير قاتل متسلسل آخر، وبالتالي تقديم يد العون لها من أجل القبض عليه.
أيلين ورنوس
فيلم: Monster
سنة الإنتاج: 2003
أداء: تشارليز ثيرون
خضعت الحسناء الجنوب إفريقية “تشاليز ثيرون” لتغييرات جسدية كبيرة لأداء هذا الدور الذي تخلت فيه عن جمالها وقوامها لتظهر بمظهر لا يمت لشكلها الحقيقي بصلة، حيث أدت دور “أيلين ورنوس”، القاتلة المتسلسلة التي عاشت بالفعل وتم إعدامها قبل سنة من إصدار الفيلم، وذلك بعد أن ثبت ارتكابها جرائم قتل في حق ستة رجال بينما كانت تعمل مومسًا في ولاية فلوريدا الأميركية، وهو الدور الذي حازت بفضله على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة.
نورمان بيتس
فيلم: Psycho
سنة الإنتاج: 1960
أداء: أنتوني بيركين
لا يمكن أن تكتمل اللائحة دون ذكر أحد أفضل أفلام الرعب في تاريخ السينما (مع أخذ زمن إنتاجه بعين الاعتبار)، ودون ذكر شخصية “نورمان بيتس” التي تعد من أشهر الشخصيات الشريرة على الإطلاق، حيث قام “بيركين” بأداء دور “بيتس”، مالك ومدير فندق صغير يعاني من اضطرابات نفسية حادة تدفعه إلى قتل النساء اللَّواتي يؤمن أنهن حاملات للرذيلة ولا يستحقون الحياة.
آني ويلكيس
فيلم: Misery
سنة الإنتاج: 1990
أداء: كاثي بيتس
ننتقل إلى دور نسائي مخيف آخر -حائز بدوره على جائزة الأوسكار- وإلى ممرضة مجنونة أخرى، لكن ما يختلف هذه المرة هو الدافع، فالممارسات المرعبة التي تقوم بها “آني” في هذا الفيلم المقتبس عن رواية ستيفن كينغ، هي بدافع الحب والإعجاب وليست دون مبرر ك”ريتشيد” المذكورة أعلاه.
أنا أمزح بالتأكيد، فما نتحدث عنه هنا هو هوس وجنون لا يمت للإعجاب الطبيعي بصلة حتى وإن كان قد بدأ كذلك، فإعجاب “ويلكيس” بأعمال الكاتب “بول شيلدون” ومتابعتها لها باستمرار، تحول مع الوقت إلى تعلق غير صحي بهذه الأعمال والروايات والشخصيات الموجودة ، وهو الأمر الذي نكتشفه شيئاً بعد أن يتعرض هذا الكاتب المسكين إلى حادثة سير يتم إنقاذه منها، لسوء حظه، من طرف الممرضة المذكورة، حيث تستقبله في بيتها وتبدأ بالاعتناء به قبل أن تحول حياته إلى جحيم بسبب “خيبة أملها” من انحدار كتاباته وعدم موافقتها على سير الأحداث بها، علمًا أنّ الرجل يعاني من أضلع مكسورة وبالتالي فإنّ إمكانية الفرار والنجاة بحياته معدومة.
جون دوي
فيلم: se7en
سنة الإنتاج: 1995
أداء: كيفن سبايسي
نعود مرة أخرى إلى كيفن سبايسي الذي لا زال دوره في هذا الفيلم، على عكس فيلم “The Usual Suspects”، يشكل مفاجأة حقيقية لكل من يشاهد الفيلم أول مرة؛ وذلك لأنّ ملامح ووجه “جون دوي” كانا يشكلان أحد عناصر الغموض الذي تعرفنا عليها بشكل مفاجئ، لكننا حتى عندما تعرفنا على هوية القاتل المتسلسل الذي قام بكل الجرائم البشعة التي شاهدناها، لم تكن تلك نهاية القصة، فالجزء الأمتع، أو الأكثر إزعاجًا وإرعابًا، تمثل في نهاية الفيلم.
قام “دوي” طيلة أحداث الفيلم بارتكاب 5 جرائم قتل كجزاء على 5 خطايا من أصل الخطايا السبع، وهو الأمر الذي دفع بنا إلى التساؤل عن الجريمتين الباقيتين، دون علم منا أنّ الضحية سيكون المحقق المسكين “دافيد ميلز”، الذي وجد نفسه ضحية مخطط “دوي” الرامي إلى إكمال سلسلة جرائمه بنهاية “مثالية”، وذلك ضمن مشهد شديد القساوة عندما توصل المحقق بذلك الصندوق الذي يحتوي على رأس زوجته، بينما يبتسم “جون” حاكيًا له عن تفاصيل قتله لها وطالبًا منه الاستسلام لغيظه وضغط الزناد.
إيمي إيليوت
فيلم: Gone Girl
سنة الإنتاج: 2014
أداء: روزاموند بايك
نختم لائحتنا بأحد الأفلام الحديثة التي خلفت ضجة كبيرة وشعوراً بالصدمة والإعجاب لدى الجماهير في العالم، وذلك بفضل شخصية “إيمي”، الزوجة المجروحة التي قررت أن نتنقم من زوجها الخائن بأمكر الطرق الممكنة، عن طريق تدمير حياته وتلفيق تهمة قتلها له عبر خطة بالغة الإحكام، وهو الأمر الذي قسم آراء المشاهدين بين من يرى “إيمي” شخصية مجنونة غير سوية، وبين من يحذر مازحاً من ردة فعل أنثى غاضبة ومحطمة داعياً الرجال إلى اجتناب الأسباب المؤدية إلى ذلك، أمّا الطرف الثالث فيرى أنّ الشخصية تمنح المشاهد إحساساً بعدم الأمان وبكونه لم ولن يعرف أبداً ما يجول في خاطر شريك حياته الذي قد يتحول في أي لحظة إلى وحش فتاك.
ما رأيكم بهذه اللائحة؟ هل هناك شخصية تريدون إضافتها أو أخرى ترون أنّها لا تستحق التواجد ضمن الترتيب؟ شاركونا في التعليقات.
[email protected]
أضف تعليق