علق الدكتور إبراهيم أبو محمد، المفتى العام للقارة الاسترالية، على قرارات الرئيس الأمريكي رونالد ترامب، واصفًا الأخير بأنه "ظاهرة قديمة" خرجت الآن من رفات المقابر عانت منها مجتمعات الدنيا من قبل، واستطاعت البشرية بما فيها من خير مكنون أن تتغلب عليها وأن تدينها أخلاقيًا وقانونيًا. وقال مفتى استراليا، فى بيان له، إن الولايات المتحدة فى ظل حكم الرئيس "ترامب" تنكرت لكل التزاماتها الدولية كقوة كبرى، وبدأت بعدائها للفقراء الضحايا الذين سلبت أرضهم ودمرت بيوتهم وجردتهم حروب وجرائم حرب ضد الإنسانية مسكوت عنها. وأوضح، أن ظاهرة ترامب ليست جديدة، لكن خطرها بدأ مخيفًا في الدفع بالكراهية والعنصرية إلى مستوى يدخل بالإنسانية في النفق المظلم، ويفجر نسيج مجتمعات كثيرة تكونت في أصولها من تعددية عرقية ودينية مختلفة تصل في بعض المجتمعات إلى ما يزيد على أكثر من 100 ديانة و200 جنسية، بل إن أمريكا نفسها مزيج من الهجرات من كل بلاد الدنيا . وأضاف: "نلحظ أيضًا أن الدول السبع التي حظيت باهتمامات ترامب وطالتها قوائم المنع كلها إسلامية ومن دول الشرق، التي منيت بحروب أغلبها داخلي كان الصراع فيها بين شعوب تبحث لنفسها عن الحرية ضد دكتاتوريات ساندتها أمريكا وتحالفت معها فترة من الزمن فلما انقضت سنوات عسل المصالح دخلت فيها أمريكا باحتلال أفسدها وقسمها وغلب فيها فئة على فئة وتركها طوائف تأكل بعضها كما حدث في العراق" . وأكد أن الوضع أيضًا في أفغانستان شبيه بما حدث في العراق تمامًا، بينما في سوريا غضت أمريكا طرفها عن جرائم النظام وتركت الشعب السورى لقوات النظام وحلفائه بما فيها ترسانة الروس تشوى جلودهم وتدمر بيوتهم وتقتل أطفالهم وتحطم حتى المدارس والمستشفيات، وفي النهاية تركت النظام يفرض رؤيته ويعيد تركيبة البلد الديموغرافية وفق مذهبية طائفية ممقوتة. أما عن اليمن والصومال وليبيا، يؤكد "أبومحمد"، أن أمرها معروف ودعك من إيران فهي تعرف كيف تسوى أمورها مع الأمريكان تحت الطاولة أو من فوقها لا فرق. وأشار إلى أن المهاجرين اللاجئين الذين استهدفهم ترامب ضحايا لحروب شكلت عارًا على جبين القوى الكبرى وغابت فيها العدالة والإنصاف وتركت فيها الإنسانية تعاني الجوع والمرض والقتل المباشر، وعندما فر الناس من الموت قوبلوا بكل أوصاف المهانة ونعتوا بكل نقيصة ودارت حولهم شبهة تغيير الهوية والإرهاب المحتمل، وكلهم من الشرق البائس الذى خططت أمريكا لإعادة تقسيمه عن طريق ما يسمى بالفوضى الخلاقة، فكيف ستكون العلاقة بين الإسلام والغرب أو بين الشرق والغرب في الفترة القادمة؟ هل ستكون علاقة حوار وتعاون أم صدام ومواجهة تستدعي من جديد نظرية صموئيل هنتنجتون في صراع الحضارات؟. كما علق مفتى استراليا، على ما حدث بالأمس في كندا من اعتداء على المركز الإسلامي، مطالبًا بأن يحظى بأعلى قدر من اهتمام النخب الثقافية والمهتمين بالمشروع الإنساني الذي يتعرض برمته لحزمة من التحديات الخطيرة تدفع به إلى حافة الهاوية وتجعل مستقبله على كف ألف عفريت من الإرهاب والتعصب ودعاة الكراهية. وشدد، على أن هزيمة النخب الشريفة والمحبة للسلام في هذا الصراع تعني ضياع البشرية ووقوعها أسيرة للخوف وضحية لسموم العنصرية والكراهية، والخوف كل الخوف من أن تتحول الكراهية والعنصرية من ظاهرة إلى أيديولوجية ومن ثم تبدأ دورة العنف لتضرب في كل مكان وفي أي مكان، ومن ثم تقع الإنسانية كلها في براثن نوعين من الجنون، جنون الإرهاب من ناحية وجنون الكراهية والعنصرية من ناحية أخرى. وناشد كل عقلاء وشرفاء العالم أن يشكلوا فرقًا للإغاثة والإنقاذ من جنون الإرهاب وجنون الراديكالية الغربية الجديدة التي تتمثل في العنصرية والكراهية والعدوان الغاشم، وإذا كانت جرائم الإرهاب ومعها روائح العنصرية والكراهية تثير دخانًا يحجب الرؤية ويزكم الأنوف إلا أن ما يصدر وما صدر من ردود أفعال الشرفاء في العالم تخبرك أن الحرية ما زالت معشوقة الجماهير في الغرب، وأن الأغلبية الساحقة من شعوب الغرب تتمتع بسلامة الحواس، كما أن إدراكها لحجم وخطورة عودة الفاشية والراديكالية لا يمكن أن يسمح للظاهرة إلا أن تكون دخانًا يعكس الخطر باحتمال الحرائق، ومن ثم تجب السرعة في إطفائها قبل الاشتعال. والنتيجة ستكون حتمًا إما تحويل ظاهرة ترامب من مصدر خطر إلى مجرد جرس إنذار، وإما أن يذهب الرجل لشركاته يمارس فيها ما يريد ويترك البيت الأبيض لإنسان طبيعي موزون، يجيد إطفاء الحرائق لا إشعالها ولا يدفعه غرور القوة ونزوات الرأسمالية الجشعة لتجاهل حقائق التاريخ والجغرافيا والتنكر لسنن الكون وقوانين الوجود في الناس والمجتمعات والدول.
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : https://www.almesryoon.com/%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7/1019991-%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%89-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE
[email protected]
أضف تعليق