أكدت محافظة بنك اسرائيل، د. كرنيت فلوغ، خلال محاضرة ألقتها في مؤتمر TheMarker للاقتصاد والمجتمع والذي عقد مؤخراً في مدينة بئر السبع، أنّ السوق الاسرائيلي موجود في وضع عام جيد حالياً، بالاخص إذا ما قارناه بالوضع الاقتصادي العالمي الضعيف نسبياً. وتدعم معطيات التنمية للربع الثالث من العام الحالي والتي نشرت في الاسبوع الماضي هذه التقديرات، وبحسبها فإن التنمية مستمرة بوتيرة جيدة ومعها سوق العمل، وينعكس ذلك في النمو السريع للتشغيل وفي الانخفاض المتواصل في نسب البطالة لمستويات تعتبر الأدنى منذ سنوات، والارتفاع المستمر في الأجور. كما أنّ التضخم موجود منذ فترة تحت الخط المستهدف، ولكن في حال لم يتجدد الانخفاض في اسعار البضائع والطاقة، فمن المتوقع ان يعود التضخم إلى الخط المستهدف خلال عام تقريباً، بسبب الارتفاع في الاجور.
وعلى خلفية الوضع الاقتصادي العام الجيد نسبياً، يتوجب التركيز على معالجة التحديات بعيدة المدى في السوق، مما سيساعد السوق على الاستمرار بالنمو بشكل شامل ومستدام. ويذكر أنّ التحديات التي يواجهها الاقتصاد هي في مجالات كثيرة ومتنوعة، وقد داوم بنك اسرائيل على تحليلها وعرضها. ويتطلب معالجة التحديات إجراء إصلاحات في مجالات متنوعة، قسم من هذه الاصلاحات منوط بتكاليف وميزانيات مرتفعة، مثل تطوير الموارد البشرية في جميع مستويات التعليم والتأهيل المهني، وتطوير البنى التحتية المادية، وغيرها، ولكن هنالك اصلاحات من الضروري القيام بها، وهي لا تحتاج إلى ميزانيات او تكاليف عالية.
وأشارت المحافظة إلى أنّها عرضت في مناسبات كثيرة الصورة القاتمة حول مكانة اسرائيل المتدنية وفق مؤشر Doing Business للبنك الدولي، والذي يقيس البيئة التجارية في دول مختلفة، ولم يحدث أي تغيير نحو الأفضل. ففي مجالات متعددة فحصها البنك، منها اجراءات فتح مصلحة تجارية، والحصول على ترخيص بناء، وأنظمة التجارة العالمية وتسجيل العقارات، تميزت اسرائيل باجراءاتها البيروقراطية المعقدة والبطيئة. مؤشر اخر، لدى OECD، يفحص الأعباء البيروقراطية على التجارة العالمية، يظهر هو ايضاً ضعفاً نسبياً لدى اسرائيل، مؤشر حديث ل OECD، حول الاستقرار التنظيمي في سوق المنتجات، والمكون من سلسلة من المقاييس الفرعية مثل تعقيد الاجراءات التنظيمية أو حماية الشركات القائمة من المنافسة، يظهر هو أيضاً صورة قاتمة، إذ أنّ اسرائيل مصنفة في المرتبة قبل الاخيرة، ومتقدمة على تركيا فقط؛ كذلك مؤشرات صرامة التنظيم في مجال تجارة التجزئة، ومجالات الخدمات المهنية، تظهر أننا متخلفون عن ركب المعايير الدولية.
وبناءً عليه، فانّ الاصلاحات في سوق المنتجات، والتي تشمل بالأخص تخفيض المعيقات التنظيمية أمام المنافسة، يمكن أن يقود لتخفيض تكاليف الانتاج، وتخفيض اسعار منتجات التصدير، وانخفاض اسعار المواد الخام للصناعة، وارتفاع الناتج عبر زيادة النجاعة ورفع جودة المنتجات من خلال زيادة مستويات الاستثمار والابتكار. بكلمات أخرى، اصلاحات تحسين الجودة وتنجيع التنظيم يمكنها أن تساعد السوق في تحقيق امكانيات التنمية الكامنة فيه بدون زيادة الكمية وجودة عوامل التصنيع المتوفرة لديه. وزد على ذلك، أنّ اصلاحات كهذه يمكنها أن تزيد الإقبال على الاستثمار، حيث أنها تحول المحيط التجاري ليصبح أكثر ودية وأكثر موثوقية، وبذلك يرفع امكانيات التنمية بعيدة المدى.
وبحسب تقديرات OECD ، يمكن الشعور بالتأثير الكبير لهذه الاصلاحات على التنمية خلال فترة تبلغ سنتين حتى ثلاث سنوات بعد تطبيقها. ووفق فحص الـ OECD ، فإن اسرائيل تطبق الإصلاحات بوتيرة مشابهة لوتيرة تطبيقها في دول أخرى، بمعنى أنه في هذا المجال أيضاً، لن تسمح الوتيرة التي تتقدّم فيها الدولة بتقليص تلك الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة.
وخلصت المحافظة إلى أنّه من أجل مواجهة هذه التحديات يجب وضع خطة استراتيجية مركزة تشمل مواصلة تطبيق الاصلاحات لتحسين منظومة العمل الحكوميّة، بواسطةOne stop shop ، على سبيل المثال، بحيث تكون له صلاحيات وموارد تتعلق بأنظمة ترخيص المصالح التجارية وملائمتها ل best practice في OECD.
وكذلك مواصلة الجهود في تنفيذ الاصلاحات وازالة الحواجز التي تعيق الانفتاح على المنافسة العالمية، مثل توحيد الانظمة مع العالم المتطور وتقديم التسهيلات على أنظمة اجراءات الاستيراد. إلى جانب ذلك، يتوجب الاستثمار والاصلاحات في مجال المواصلات العامة، والقطارات والطاقة والموانئ والاتصالات والبريد. وكذلك تحسين تبادل المعلومات الكترونياً بين الوزارات الحكومية، خصوصاً فيما يتعلق بالتراخيص القانونية.
[email protected]
أضف تعليق