عندما يتحوّل الحبيب الى شخصٍ لا يتكرّر ولا يمكنك ان تعيش بدونه، ذلك يعني انك وصلت الى مرحلة متقدّمة من العشق، قد يكون من الصعب عليك تخطيها في حال باءت العلاقة بالفشل يوماً ما. المهم في مسألة كهذه أن لا تطلق الأحكام المتطرّفة على نفسك ولا تحصر نفسك ضمن قالبٍ ضيّق لا يمكنك تخطيه. هذا صحيحٌ أنه أحياناً يكون من الصعب خسارة أحدهم وأنه بالفعل قد لا يتكرّر في حياتك، لكن وفي شتى المواقف والظروف عليك ان تعوّد نفسك على العيش بمفردك، لأنك في النهاية ستصل الى هذا المطاف مهما جمعتك الدنيا بأناسٍ تتقاسم معهم لحظات جميلة، لكنها وبالطبع لن تدوم الى الأبد.

قارب المسألة من ناحية انك معرّضٌ للخسارة في كلّ يوم، لكن لا تعش في هاجسٍ وخوفٍ دائمين من الخسارة، لأن ذلك سيزيد في تهوّر سلوكاتك ويجعلك تخسر رغماً عنك. تذكّر أن كلّ شيءٍ تخاف من خسارته ستخسره حتماً، وأنك في حال استبدلت التطرّف بالبساطة في الأداء ستعيش بسعادة. ان تكبيل الشريك ومصارحته أنك لن تستطيع العيش دون وجوده الى جانبك يكبّل حرّيته ويجعله يهرب منك بدلاً من التقرّب، لأنه سيرى في موقفك هذا نوعٌ من الأسر والتقييد رغم أنه سلوكٌ ناتج من محبّة عظيمة.

الأهم في المسألة أيضاً أن لا تمنع أحداً من الرحيل عن حياتك حين يجد أنك بتّ تشكّل عبئاً عليه. استخدم البساطة حتى في أحلك الظروف التي تواجهك ولن تندم. أما تصوير المحبوب على أنه شخصٌ معبود، فإنها خطوة قد تعجبه وتجعله يبحث عنك حين يجدك ابتعدت عنه. لكن هذا لا يعني انه سيقترب منك ليبقى الى جانبك الى الابد. المسألة تصير أشبه بالكر والفر. وهذا قد لا يناسبك ويرهنك للأمل الكاذب. كن على يقين دائم ان من يرحل لن يعود، حتى وان عاد يوماً، حاول ان تتعامل معه وكأنه بداية جديدة، وليس تكملة لماضٍ ذهب الى غير رجعة.

لعلّ الايجابية الوحيدة في المبالغة في إظهار الحب، تكمن في التعبير عن مدى الصدق والحقيقة مهما كانت مخيفة للوهلة الاولى او مرفوضة، لكنها ودون ادنى شكّ ستكون محط اعجابٍ وتقبلٍ قد لا يظهر علناً لكنه ينمو في العمق. هذا ما يفسّر مسألة أن الشخص الذي نحبّه سيعود الينا عندما يحتاجنا. لكن المشكلة في هذا الاطار، تكمن في أن القناعة التي اكتسبها الشريك هنا تقول أن حبّك له لا يزال مستمراً حتى بعد فراقكما، في حين ان الوقت والزمن كفيلان في ان يجعلاك تنسى ما كان قبلاً، وان تبحث عن بداية جديدة. عودته هنا قد لا تكون مفيدة، لأنها أتت بعد فوات الأوان. الاستنتاج الوحيد لكلّ ما يجري هو ان الحب تجربة، النصيحة فيها لا تنفع.

المصدر: النهار

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]