في الحياة اليومية، هناك مساحة يملكها الآخرون لا يحق لك انتهاكها، لكن ليس في الحياة الافتراضية؛ فالحدود في هذه الحياة هي الفضاء بذاته: فكرة قد تبدو وردية للوهلة الأولى، لا سيما في المجتمع الفلسطيني المتعطش لكل أشكال الحرية والتمرد على الحدود والحواجز.. لكن حتى وردية الفكرة باتت افتراضية في ظل التأثير السلبي لهذه الحرية المطلقة.
نسرين، عروس حديثة يفترض أنها تعيش حلما ورديا مع عريسها، لكنها اليوم تعايش كابوساً افتراضياً بعدما تسرب فيديو زفافها لمواقع التواصل الاجتماعي لفرادته: فالعروسين قررا التعبير عن فرحتهما عبر القفز ببركة السباحة فيما يحيط بهما الأهل والأصدقاء.
تداول الفيديو عبر بعض المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي لم يكن ما نغص أيام العروسين بقدر ما هو المعلومات الخاطئة التي استخدمت لعنونة الفيديو مثل “عرس فلسطيني ينتهي بكارثة"، أو "عريس يلقي بزوجته في بركة مياه ويغرقها”. “الإثارة الرخيصة دون الاكتراث بمشاعر الآخرين أسوأ ما يمكن استغلال التكنولوجيا فيه” تقول نسرين محاولة التخفيف من وطأة ما حصل.
قصة نسرين هذه لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة على ما يبدو، فمع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، امتد تأثيرها ليمس الحياة السياسية للفلسطينيين خلال هبتهم الأخيرة ضد الاحتلال، ورغم حساسية الوضع، كثرت المعلومات المغلوطة والفيديوهات المفبركة، ووقعت الكثير من وسائل الإعلام المحلية كما العربية والعالمية العاملة في المنطقة ضحية غياب الرقيب عن منابر السوشيال ميديا.
ويرى مختصون في أمن المعلومات ان ظاهرة استخدام السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات والتعامل معها على أنها خبر حقيقي دون بذل الجهد للتأكد من صحتها وهو ما أدى الى خلق الفوضى فى وسائل الإعلام والوقوع في الاخطاء.
عن هذا تحديداً قالت صفاء ناصر الدين، وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابقة، ان الاعلام الاجتماعي الذي منح المواطن الحق في نشر المعلومة دون رقيب او حسيب ادى الى خلق الفوضى في الاعلام المحلي، مشيرة الى ان انتشار فيديو معين أو خبر ما عبر صفحات التواصل الاجتماعي لا يعطي وسائل الاعلام الحق في نشره دون الرجوع الى مصادره الاساسية.
ورأت ناصر الدين ان الاعلام الفسطيني يحتاج الى اعتماد لوائح وتشريعات جديدة تندرج في اطار تحديد ضوابط واخلاقيات مهنة الصحافة فيما يخص جمع المعلومات ونشرها.
اما المهندس محمد عليان، مدير دائرة انظمة المعلومات في شركة كهرباء القدس، رأى ان سن تشريعات واجراءات قانونية رادعة جديدة هي الخطوة التي يجب اعتمادها للحد من النشر والاستخدام غير الصحيح لأجهزة الاتصال الحديثة والتي على اثرها تقع وسائل اعلام كثيرة في فخ المعلومات الخاطئة، داعيا الى ضرورة تشكيل لجنة وطنية للمراقبة على عمل وسائل الاعلام للحد من ذلك.
المصدر: رايه
[email protected]
أضف تعليق