نشرت صحيفة " يديعوت أحرونوت" في ملحقها التابع للعدد الصادر يوم الجمعة (14.10) مقابلة مطولة ( ونادرة) مع الجنرال شلومو غازيت، الرئيسي السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، تضمنت ذكريات وانطباعات لافتة عن فترة عمله.
وتحدث الجنرال غازيت عن مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في المغرب عام 1965، وناقش خلاله الزعماء العرب وقادة جيوشهم وأجهزة استخباراتهم قضية مركزية تتعلق بجهوزية واستعداد الدول العربية لمحاربة إسرائيل. وهنا أكد غازيت ما قيل لاحقًا عن أن جهاز الموساد الإسرائيلي كان يصغي ( ويوثق) للنقاشات، السرية والعلنية، الجارية في المؤتمر.
وتم تحويل التسجيلات إلى دائرة الأبحاث التابعة لشعبة استخبارات الجيش الإسرائيلي (" أمان")، وجرى تحليلها، والاستفادة منها آنيًا ولاحقًا، وقد وصفها رئيس الموساد الإسرائيلي في تلك الفترة، مئير عميت، بأنها " أحد أكبر الإنجازات المخابراتية في تاريخ دولة إسرائيل".
" ثرثرة الزعماء العرب حول الوحدة العربية- كذب ونفاق"!
وأظهرت التسجيلات حسبما قال شلومو غازيت، خلافات حادة بين الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وملك الأردن الراحل، الحسين ابن طلال، خلال مناقشات مؤتمر القمة، وتجلّت هذه الخلافات- كما قال- في تبادل الصراخ بين الزعيمين.
وفي هذا السياق أوضح غازيت أن التسجيلات أكدت للإسرائيليين حقيقة مفادها أن الدول العربية تتجه نحو محاربة إسرائيل، وأنه يتوجب على الدولة العبرية أن تستعد بجدية للحرب، لكن من الناحية الأخرى، ظهر أن ثرثرة ولغط الزعماء العرب عن الوحدة العربية والجبهة العربية الموحدة ضد إسرائيل، ما هي إلاّ تغطية على خلافاتهم وعدم جديتهم في محاربة " الكيان الصهيوني".
وأضاف أن التسجيلات أكدت لإسرائيل عدم استعداد الدول العربية للحرب، وأكدت لقيادة الجيش الإسرائيلي أنه قادر على الانتصار على مصر لأن سلاح مدرعاتها سيء التجهيز والاستعداد. وهنا أشار غازيت إلى أن الجنرال " يسرائيل طال" قائد سلاح المدرعات الإسرائيلي خلال فترة عدوان حزيران على مصر وسوريا والأردت ( عام 1967) أبدى استخفافه واستهتاره بتقييمات قيادة الجيش الإسرائيلي بخصوص سلاح المدرعات المصري، وقال: لا يبدو لي أن هذا " السلاح" سيء إلى هذا الحدّ!
وعند هذه النقطة قال غازيت: وفي حرب الأيام الستة ( حزيران 67) استوعبت الجنرال " طال" تقييماتنا!
شكوك حول الأسير الإسرائيلي " أساف ياغوري"!
وفي المقابلة، يكشف الجنرال غازيت النقاب عمّا وصفها " بأحداث دراماتيكية تاريخية"، مثل أن الشاباك والموساد أظهرا شكوكًا في أن أعلى الأسرى الإسرائيليين رتبة من بين الضباط الذي وقعوا في أسر الجيش المصري أثناء حرب أكتوبر تشرين عام 1973، المقدّم أساف ياغوري، قد جُنّد للعمل لصالح المخابرات المصرية، وأشار إلى أن ياغوري قد " فاجأ" جهازي الشاباك والموساد بتهربه من التحقيقات الروتينية التي كان يتوجب عليه كأسير سابق أن يخضع لها بعد عودته من الأسر. وأكثر من ذلك فإن غازيت يكشف النقاب عن أنه توجّه بعد أنتخاب ياغوري عضوًا في الكنيست ( عن حركة " داش") إلى نائب رئيس الحكومة يومها، يغئال يادين ( وهو أحد مؤسسي الحركة المذكورة) طالبًا منه الامتناع عن تعيين الأسير السابق عضوًا في اللجنة البرلمانية الخاصة بشؤون الأمن والخارجية كيلا يطّلع على معطيات وبيانات أمنية وعسكرية بالغة الحساسية، واشترط تعيينه في اللجنة بمثوله للتحقيق لدى الشاباك والموساد، وهو الأمر الذي تهرب منه ياغوري في حينه، وبفعل هذا الضغط عمد يادين إلى " خنق" ياغوري سياسيًا!!
لقاء غازيت مع القائد الراحل ياسر عرفات
كذلك، يكشف غازيت النقاب عن أن شمعون بيرس، أرسله عام 1985 ( يوم كان بيرس رئيسًا لحكومة الوحدة الوطنية) لإجراء محادثات سياسية مع القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، على الرغم من القانون الذي كان ساري المفعول في تلك الأيام، وينص على حظر اللقاءات مع ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية، وقد أوصى بيرس الجنرال غازيت بأن يروي لوزير الخارجية في حكومة بيرس، يتسحاك شمير، بأن الغرض من اللقاء مع عرفات يهدف إلى التفاوض بشأن الجنود الإسرائيليين الذين وقعوا في أسر التنظيمات الفلسطينية خلال حرب لبنان الأولى!
وفيما يتعلق برؤيته لمستقبل إسرائيل، أبدى شلومو غازيت تشاؤمًا غاضبًا، حيث قال: انقضت خمسون عامًا على حرب الأيام الستة ( عدوان حزيران) وما زلنا نبحث عن حلول لنتائجها وآثارها، دون أن نفلح في ذلك. وخُلص إلى القول في هذا السياق: انتصارنا في حرب الاستقلال ( نكبة العام 1948) مكّننا من إقامة الدولة، لكن انتصارنا في حرب الأيام الستة قد ينتهي بزوال إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية!
[email protected]
أضف تعليق