لا زالت مدينة ام الفحم، تعيش في حالة من الصدمة والخوف ازاء الاحداث التي شهدتها في الآونة الأخيرة من جرائم قتل، اطلاق نار واُخرى.

ويتساءل الشبّان في المدينة عن الحلول لهذه الافة المجتمعية، عن الحلول لهذا المرض للتخلص منه بأسرع وقت.

وبهذا الصدد، أجرى موقع بُكرا لقاء مع الشيخ د.رائد فتحي للحديث عن العنف، أسبابه وحلوله، وعن دور المؤسسة الدينية في مكافحة ودحر العنف.

د. فتحي: على الانسان ان يكون منتميًا لمجتمعه وتفكيك عقده النفسية

واستهل د. فتحي حديثه بقوله: حقيقة المؤسسة الدينية او اذا صح التعبي، الدعاة والتيارات الاسلامية والدينية في داخل ام الفحم والمجتمع العربي وحتّى العالم العربي بشكل عام، تلعب دورا كبيرا جداً، في الوعظ، والتذكير والتنبيه والمحاولة بالرقي بأنسنة الانسان، وإعادة أنسنة الانسان وتركيبه بما يوائم بين الجانب الروحي والجانب العقلي، الجانب الديني والجانب المادي بما يضمن ان يكون الانسان منتميا لمجتمعه، منتميا لوطنه ولشعبه، بما يضمن تفكيك العقد النفسية التي لحقت بهذا المجتمع".

واضاف: بما يضمن تفتيت حالة الاحتقان النفسي التي يعيشها المجتمع، حقيقة المساجد في ام الفحم لعبت دورا كبيرا، تقريبا كل الخطباء في الفترة التي مضت، عملوا على تخصيص خطب الجمعة لهذا الموضوع، في بيوت العزاء وفي المساجد".

وتابعت:"وعلى مدار موجة العنف والقتل التي عصفت بهذه المدينة، انا باعتقادي ان الدعاة لعبوا دورا كبيرا، ولكن، ما ينبغي ان نؤكد عليه هو الوعظ المسجدي، على ان الخطاب التربوي، على ان الخطاب الوعظي ليس وحده قادرا على الوقف بوجه هذا "الغول" ولذلك ينبغي ان تتظافر كلّ المؤسسات المجتمعية، المدنية والدينية وحتّى السلطوية متمثّلة بالبلدية والأمن ينبغي ان نتظافر جميعا وبالإضافة للأسرة والتربية في البيت كي نخرج من هذا "ألغول" الذي بات يضرب من غير وعي وبغير ادراك في كل مكان بهذه البلد الحبيبة".

وزاد:"حقيقةً، عادة اذا أردنا ان نتكلم من ناحية فلسفية، فالمشاركة بالشيء اما ان تكون مباشرة وأما ان تكون بالسلبية من القادر على ان يمنع هذا الحدث او هذه الجريمة".

ونوّه:"لا شكَ ان ما يتعرض له المجتمع العربي والوسط الفلسطيني، اليوم، في حالة سكوت من الأذرع الأمنية والشرطية في هذه الدولة، يعني يولّد لدى المواطن العربي في الداخل الفلسطيني، شعوراً أنّ ثمّة تجنّب وثمّة تهميش لهذا الوسط العربي ولهذا المواطن الفلسطيني في الداخل وهذا بالتالي ينتهي بالمواطن العربي الى ان يشعر ان الأذرع الأمنية غير معنيّة بالقضاء على الجريمة في الوسط العربي".

واشار إلى أن:" هذه الجرائم لو كانت في الوسط اليهودي، لتمّ التعامل معها بشكل مختلف تماماً ولذلك فالشعور الذي يسري ويتفشّى بين الكثير من الشبّان، ان ثمّة سلبية تكاد تكون مطلقة من الشرطة بازاء جرائم القتل التي تعصف بوسطنا العربي".

محاربة هذا "الغول"

وقال د. فتحي: أولا أريد ان اشكر موقع "بـُكرا" للاهتمام بهذه الظاهرة وبهذا "الغول" الذي بات يضرب وسطنا العربي من غير تفريق بين شمال، جنوب، شرق وغرب.ثانيا، الكلام على حلول، حلول قطعية لا شكّ ان الامر يحتاج الى مداً طويلاً، ولا بزعم احد انه يملك وصفة سحرية لتبديل الحال ما بين عشيّة وضحاها.

واستطرد حديثه قائلا: ينبغي جميعنا ان تتظافر جهودنا من اجل استرداد شيء، انا دائماً أقول انه من اجل الخروج من "غول" القتل والعنف في الوسط العربي، علينا ان نعمل على اعادة استرداد السلطة على الحيّز العام، الأخير بات مستلماً، كلّ واحد منّا يتعامل مع الحيّز العام كما أنّه حيّز خاص، يتعامل معه كأنه ملك له فتراه يبني جدارا بالشارع ، ويقود بالشارع بطريقة فيها الكثير من الخطورة على الناس.

وأردف:" من الممكن ان تكون حفلة زفاف بحيث تؤذي الناس عن طريق اطلاق الرصاص في الاعراس، الكثير من القضايا التي نعيشها بالحيز العام، هي سبب للجرائم في وسطنا العربي. الكثير من الجرائم أساسها خلاف حول طريقة قيادة المركبة او خلاف في مطعم او في مقهى".

وتابع د.فتحي حديثه قائلا:"لذلك اعادة السلطة على الحيّز العام امر مهمّ جداً.لا ازعم ان احدا يملك القدرة على الحيّز العام.نعمل على تحقيق هذا الامر ونعمل جاهدين على ان تتظافر كل تلك الجهود من اجل تحقيق هذا الامر .

 الإنسان يتعامل مع الحيّز العام على انه ملكا خاصا له

اليوم عندما يتعامل الإنسان مع الحيّز العام على انه ملكا خاصا له فانه بذلك يكون مشروع جريمة لانه سيتعارض مع إنسان اخر يتعامل مع الحيّز العام بهذا المعنى وبالتالي يكون بداية لمشروع لا قدّر الله، جريمة".

وأكدّ ان:"كنّا دائماً نتكلّم على خطوط حمراء والآن نحن في خضمّ هذه الخطوط، أطفالنا مفزّعون، مدارسنا لم تعد بأمان، علينا جميعا ان نكون سدّا منيعا".

رسالة

ووجّه د.فتحي رسالة لزوّار "بـُكرا" قال فيها:"ان الأوان ان نتعامل بإيجابية كل فرد منا، ان الأوان ان يتعامل كل فرد منا بإيجابية، يجب حل الخلافات وان نبادر بسرعة الى فكّها وان نعمل على فكفكة كل امر يؤدي الى خلاف".

وانهى كلامه قائلا:"ادعو السلطات الى الاعتناء بالشباب وإعطاءهم دورهم في قيادة المجتمع والتعبير عن رأيهم وبناء المنشآت الثقافية التي تشغل أبناءنا بقضايا ترقى بعقلهم وبفكرهم".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]