استقبل جامِع عُمَر المُختار يافة الناصِرة شهر مُحرَّم الهِجري حيثُ أُقيمت شعائر الجُمعة المُباركة الأولى بِحُضور المِئات مِن أهالي البلدة والمِنطقة، وقام القارئ الشيخ سليم خلايلة بِتلاوة عَطِرة لِآيات ما تيسَّر مِن الذِكر الحكيم بِصوته الرائع ثُمَّ قدَّم الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامِع الدرس واستهله بِالصلاة على الرسول الكريم النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلَّم وقال: "الله عزَّ وجلَّ خلق كُلَّ شيء وجعل في كُلَّ شيء خَلقَهُ مُفضَّلًا على سائِر ذلك النوع الذي خَلقَهُ وينطبِق هذا الأمر على الكائِنات الحيَّة وينطبِق حتى على الجمادات حتى نُقرَّب الصورة أكثر نبدأ بِالجمادات لِأنَّ الله عزَّ وجلَّ خلق الأرض وفضَّل بُقعًا فيها على سائِر البُقع الأُخرى مثلًا اختار مكة أن تكون أوّلَ بيت وُضِع في الأرض لِعبادة الله وميَّزه، وأخبرنا الصادِق المصدوق عليه الصلاة والسلام أنَّ الركعة في تِلك البُقعةِ تعدِل 100 ألف ثُمَّ فضَّل بُقعة أقل مِنها لكنها مُفضَّله على سائِر بِقاع الدُنيا وهي روضة النبي عليه الصلاة والسلام، عِندما أخبرنا في الحديث (ما بينَ قبري ومِنبَري روضةٌ مِن رِياض الجنة) والصلاة هُناك بِألف صلاة في ما سواها مِن البلاد، ثُمَّ فضَّل المسجد الأقصى فأخبرنا أنَّ صلاةً في المسجد الأقصى تعدِل 500 صلاة في ما سواها، هذا يدُل دلالة قطعيَّة أنَّ الله فضَّل بِقاعًا عن الأرض على سائِر البِقاع الأُخرى".

ضاربًا مِثال في الجمادات واختتم: "الله سُبحانه وتعالى خَلقَ في الأرض جِبالًا كثيرة لكن فضَّل مَثلًا جبل أُحُد على جِبال الدُنيا كُلَّها حتى النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول (جبل أُحُد جبل يُحِبَّنا وَنُحِبَّه) يوجد علاقة وِجدانيَّة، أن يَحِبَّ الإنسان مسقط رأسه والنبي عليه الصلاة والسلام عِندما أُرغِمَ على ترك مكة في الهِجرة بكى وقال جُملًا جميلةً (يا مكة أنَّكِ لأحبَّ البِقاع إلى قلبي ولولا أنَّ قومَكِ أخرجوني مِنكِ ما خرجتُ مِنكِ أبدًا) والله سبحانه وتعالى يقول على لسان إبراهيم ((فاجعل أفئِدة الناس تهوي إليهم))". 

ثُمَّ تابع فضيلته الدرس بِالخُطبة وافتتحها بِحمد الله سُبحانه وتعالى والشهادة بِهِ وبِالرسول الكريم النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلم وأوصى بِتقوى الله عزَّ وجلَّ وقال: "انطلقنا مِن أنَّ الله عزَّ وجلَّ خَلقَ الخَلق وكرَّم أشياء دونَ أشياء وذلِكَ التكريم شَمِلَ الإنسان والزمان وكذلِكَ المكان فليس كُل مكان في الأرض كَمكة وليس كُل مسجِد في الأرض كالمسجِد النبوي وليس كُل مسجِد في الأرض كالمسجِد الأقصى هذه أماكن لها خُصوصيَّات كما أسلفتُ في الدرس، أيضًا ليس الأماكِن التي يُعبد الله فيها فقط، هُناك أماكِن بِقاع في الأرض فضَّلها الله أيضًا على سائر البِقاع كما قُلت جبل أُحُد أو جبل الرحمة الذي الله عزَّ وجلَّ يتجلى فيه على الحجيج ويقول (هل مِن تائب فأتوب عليه هل مِن مُستغفر أغفر له)، ثُمَّ يقول إلى الملائِكة ((انظروا يا ملائِكتي إلى عِبادي هؤُلاء أتوني شُعفًا غُبرًا) إلى اخر الحديث فَيَشمِلَهُم ويقول (اشهدوا أنَّي قد غفرتُ لهم جميعًا) هذه البِقعة تمتاز في هذه الخصيصة".

الله عزَّ وجلَّ فضَّل الإنسان على سائِر ما خَلق

وأضاف: "أيضًا الله عزَّ وجلَّ فضَّل الإنسان على سائِر ما خَلق على الكائنات الحيَّة فقال ((ولقد كرَّمنا بني آدم)) هذا التكريم خاص بِالإنسان ثُمَّ قال في موقِع آخر ((وَخَلقَ الإنسان في أحسن تقويم)) ثُمَّ لم يقف هذا التمييز وهذا التكريم عِندَ هذا الحد بل فضَّل مِن الإنسانيةِ المُوَحَّدين ثُمَّ زكَّى مِن المُوَحَّدين المُؤمنين ثُمَّ ميَّز مِن المُؤمنين المُحسِنين ثُمَّ زكَّى وطهَّر ونظَّف المُحسِنين فاختار مِنهُم الأنبِياء ونظَّف مِن الأنبِياء فاختار المُرسَلين ثُمَّ زكَّى مِن المُرسَلين خمسة وهم أولوا العزمِ مِن الرُسُل وَهُم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتِمَهُم عليه الصلاة والسلام ذُكِروا بِخصيصة الترقَّي والاصطفاء والقُوَّة والعزم والثَبات صلوات الله عليهم جميعًا، ثُمَّ مَنَّ مِن بين الخمسة على واحِدٍ مِنهُمَّ فجعله سيَّدًا عليهم جميعًا هو مُحمَّد عليه الصلاة والسلام هذه النِعمة ليست مقصورة أو مُقتصِرة على فئة مِن الناس أو على شعب مِن الشُعوب بل إنَّ بِعثة النبي عليه الصلاة والسلام انتفعت بِها البشريَّة قاطِبةً لِذلك الله سُبحانه وتعالى يقول ((وما أرسلناك إلَّا رحمةً لِلِعالمين)) ليس كُل شخص يُعتبر مِن آل البيت ومِن سُلالة فاطِمة الزهراء ومِن الحسن والحُسين هذه خصيصه".

وتابع: "الله خَلقَ الزمان وكرَّم زمانًا على زمان وفضَّل زمانًا على زمان فمثلًا اختار مِن بينَ الشُهور شهر رمضان ولِذلك تعبَّدنا بِصيامه وأُنزِلَ فيه القُرآن دون سائِر الشُهور وكرَّمه وفضَّله على سائِر ما خَلقَ مِن أزمِنه، ثُمَّ مِن شهر رمضان اختار ليلة دونَ سائِر الليالي ((إنَّا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خيرٌ مِن ألفِ شهر)) ثُمَّ اختار الأيَّام واختار مثلًا الثاني عشر مِن ربيع الأوَّل أن تكون فيه ميَّزه هزَّت العالمين ميلاد مُحمَّد عليه الصلاة والسلام هذه ليلة ليست كباقي الليالي وهذا اليوم ليس كباقي الأيَّام وهذا التاريخ ليس كباقي التواريخ له ميَّزه، ثُمَّ ميَّز مِن بينَ أيَّام الاسبوع يوم الجُمعة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (الجُمعة إلى الجُمعة كفارة لِما بينها مِن الذُنوب)".
وأمضى قائلًا: "ونحنُ بِصدد شهر عظيم شهر مُحرَّم الذي فيه يوم مُكرَّم وله ميَّزه وهو شعيرة مِن شعائر الإسلام الذي هو يوم عاشوراء العاشِر مِن مُحرَّم".

صيام يوم عاشوراء

وتحدَّث عن صِيام يوم عاشوراء وتناول أيضًا بعض البِدع وَذَكَرَ عدد مِن الوقفات في يوم عاشوراء.
وفي الخُطبة الثانِية تحدَّث عن الحادِثة الأليمة وتداعِياتِها إلى الآن مقتل الإمام الحُسين بِن علي بِن أبي طالِب ابن فاطِمة الزهراء جده النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: "نحنُ نتعلم مِن التاريخ لِنُجمَّل واقِعنا ولِنُحسَّن مُستَقَبلنا".
وفي الختام دعا الله سُبحانه وتعالى أن يُفرَّج الكرب على جميع المُسلِمين ويجعل هذا الشهر المُبارك شهر خير. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]