اثارت حادثة انهيار المبنى في شمال تل ابيب يوم الاثنين ضجة واسعة ضربت طول البلاد وعرضها، وباتت حديث الساعة الذي تتناقله وسائل الاعلام المحلية وحتى العالمية، فانهيار المبنى وسط تل ابيب بعد سقوط الرافعة كشفت النقاب عن اهمال كبير من قبل الحكومة والضرورة لاقامة لجنة تحقيق.

ومن جانب اخر أيضا فان حادث انهيار المبنى اثار جدلا واسعا وتساؤلات وشكوك ما اذا كان مصير المباني المجاورة التي تم انشاؤها حديثا سيكون ذات المصير الذي لحق بالمبنى الذي انهار في حال حدوث كارثة بيئية او حادثة من ذات القبيل، وهل سيسكن الرعب قلوب ساكني تلك المباني الذين يسكون قلوب العمارات ؟

اساف اديب:" كارثة انسانية

في هذا السياق تحدث مراسلنا الى النقابي اساف اديب مدير نقابة العمالية "معا" والذي يعمل على تنظيم وحماية حقوق العمال في فرع البناء، وله دورا في الائتلاف لمحاربة حوادث العمل حيث قال: اننا نتحدث عن كارثة انسانية بكل معنى الكلمة. حاليا تم الاعلان عن 3 عمال الذين قتلوا لكن هناك خوف بان يرتفع العدد الى 5 او حتى 7 عمال وذلك اضافة الى عشرات الجرحى، ان الورشة تتبع لشركة دنيا سيبوس من اكبر شركات البناء في إسرائيل، لكن العمال لا يعملون في اطار هذه الشركة ويتم تشغيلهم بواسطة مقاولين فرعيين دون حقوق وعادة دون التأمينات اللازمة ودون الشروط الاساسية من الوقاية التي تحمي حياتهم.

وقال اديب: لقد كانت الحادثة امس الاثنين بمثابة الكارثة التي توقعناها وحذرنا منها منذ فترة طويلة، ونحن كنقابة معا العمالية وفي اطار الائتلاف لمحاربة حوادث العمل في فرع البناء نعمل منذ فترة طويلة بهدف تغيير الامور في فرع البناء وفرض التنفيذ الدقيق لأوامر الوقاية والادارة السليمة لمواقع العمل، ويجب الانتباه الى انه انهيار عمارة تم بناءها من اربع طبقات كي تشكل مكان لصف سيارات من قبل شركة كبيرة مثل "دنيا سيبوس" لم يكن يحدث دون اهمال من عدة اطراف. لو كان الخطأ عند مهندس واحد او مدير واحد لكان من المفروض ان يقوم المخطط للعمارة او مدير الورشة او مهندس الشركة في الكشف عن الخلل ومنع الكارثة، وما كشفته الحادثة كان خلل منهجي في ادارة مشاريع البناء في اسرائيل والذي تتحمله بشكل مباشر الشركة المسؤولة لكنه ايضا نتيجة اهمال اجرامي وغير مسؤول من طرف الجهات الحكومية.

انتظار نتائج التحقيق

حول الأسباب وحول ما ذا كان فعلا وقوع رافعة يتسبب بانهيار مبنى قال: لمعرفة الاسباب التي ادت الى انهيار العمارة يجب علينا بطبيعة الحال الانتظار الى تقارير المختصين والمحققين من قبل وزارة العمل والشرطة والنيابة مما سيؤدي الى تقديم لوائح اتهام ضد المسؤولين، بانتظار هذه النتائج والاستنتاجات يمكننا القول ان الحديث يدور عن حادثة لم يكن من الواجب ان تحدث لو كان هناك اهتمام والتزام في القوانين، الاوامر وبطبيعة الحال تشير هذه الحادثة الى الخطر الكبير الذي قد ينتج من هزة ارضية محتملة في اسرائيل اذ لا بد بانه هناك عمارات مماثلة التي قد يصيبها الانهيار في الهزة القادمة لا محالة بسبب التنفيذ غير المهني وعدم تطبيق اوامر الوقاية.

المسؤولية تقع على شركة دنيا سيبوس ومدراءها على المستوى المحلي والقطري

وردًا على سؤالنا عن تحمل المسؤولية قال أديب: المسؤولية المباشرة للحادثة الاليمة التي وقعت امس في حي رمات هحيال شمال تل ابيب تقع دون شك على شركة دنيا سيبوس ومدراءها على المستوى المحلي والقطري، كما هناك مسؤولية على بلدية تل ابيب التي تشكل الطرف المالك للأرض والتي عقدت الاتفاق مع شركة "افريقا اسرائيل" (الشركة الام لدنيا سيبوس) لبناء مكان لصف السيارات لصالحها ولذلك كان من المفروض ان تراقب ما يحدث هناك ، لكن هناك ايضا مسؤولية حكومية وذلك بسبب غياب المراقبة والمعاقبة للمقاولين من طرف مديرية الامانة والوقاية ومن طرف الشرطة والنيابة بعد وقوع حوادث العمل.

وقال اديب: ان المطلوب هو تغيير جذري في كل جوانب العمل في فرع البناء وذلك من المقرر ان يتم اولا بتخصيص حكومي مضاعف لقسم المراقبة في وزارة العمل وتشديد العقوبات على المقاولين الذين خالفوا القانون، وكانوا مسؤولين عن الاهمال الذي سبب بموت عامل او اصابة حطيرة للعامل. كما يجب ان تشترط الحكومة في كافة المشاريع التي تديرها الالتزام في نظام وقاية ورقابة هندسية صارم كشرط مسبق للفوز في المناقصات.

 دور للعمال والنشاط الذي يجب ان تقوم بها النقابات العمالية

واضاف اديب: يجب الانتباه هنا الى انتقال فرع البناء في اسرائيل بشكل كامل الى العمل بواسطة المقاولين الفرعيين ورفض شركات البناء الكبرى مثل دنيا سيبوس وسوليل بونة وشافير والكترا واشتروم تشغيل العمال بشكل مباشر، النتيجة هي انه لا يوجد اليوم اي عامل بناء يعمل على السقائل الذي يحصل على قسيمة اجر من احدى الشركات الكبرى ويعمل لديها منذ 4-5 سنوات وفوق ، والنتيجة لهذا الانقلاب هي مأساوية بما يتعلق في تأهيل ومهنية عمال البناء وفي موضوع الرقابة على هوية العمال في الورشة وعلى مستواهم المهني، فتحولت ورشات البناء الى مركز يعمل بها عشرات المقاولين الفرعيين الذين لا احد يعرف هوية عمالهم او حقيقة اذا كانوا مؤهلين في العمل في الارتفاع وفي الاعمال الخطيرة التي تميز فرع البناء.

في هذه الحالة يصعب على العمال ان يبادروا الى تنظيم لجنة عمالية ويمارسوا الضغط على الشركات لفرض حقوقهم الاجتماعية وضمان اجور منصفة وكذلك ضمان ادارة سليمة للمواقع بكل ما يتعلف في الامور الهندسية والمهنية.

تشكيل نقابات عمالية

واختتم: انه ومع اعترافنا في الصعوبات الناجمة عن هذه الحالة لا بد بان يبادر عمال البناء والعديد من المهنيين الذين يعملون في هذه الفرع – وبينهم اناس لهم قدرات تنظيمية وعلمية عالية جدا – الى تشكيل النقابة العمالية واللجان المحلية في كل شركة، وممارسة الضغط على السلطات والشركات الكبرى وعلى المقاولين لتغيير نهج العمل المهمل وادخال اساليب وطرف حديثة التي تخدم العمال وتحمي حقوقهم وفي المقدمة تقف سد منيعا لمنع حدوث مثل هذه الكارثة.

نحن نتوجه الى العمال والى اي شخص له ضلع في مجال البناء والذي يريد التعاون معنا كنقابة معا، او في اطار الائتلاف لمحاربة حوادث العمل في فرع البناء بالاتصال بنا لنكافح يد بيد من اجل تحسين شروط العمل وضمان سلامة وحياة عمال البناء".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]