أُقيمت شعائر الجُمعة المُباركة الأخيرة مِن شهر ذو القِعدة لِلعام 1437 هجري في جامع عُمَر المُختار يافة الناصرة بِحُضور المئات مِن أهالي البلدة والمنطِقة، حيثُ بدأت بِالتلاوة العطِرة لِآيات بيَّنات مِن الذِكر الحكيم بِصوت القارئ الشيخ سليم خلايلة على مسامع المُصلَّين مِمَّا زاد أجواء إيمانيَّة وخُشوعًا، ثُمَّ قدَّم الشيخ موفق شاهين إمام وخطيب الجامع الدرس الديني واستهله بِحمد الله سُبحانه وتعالى والصلاة والسلام على الرسول الكريم النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلم وقال: "هذا الشهر أيَّها الإخوة الذي أكرمنا الله تعالى به بل إذا شئت فَقُل أكرم البشرية كُلَّها لِمن استجاب ولِمن اهتدى ومَن آمن، لو أنَّ الناس استجابوا لِدين الله ولِشريعة مُحمَّد عليه الصلاة والسلام لعاشوا حياة طيَّبة حياة لا ظالم ولا مظلوم ولا قاتل ولا مقتول ولا مُغتصِب ولا مُغتَصَب ولا مُحتل ولا مُحتل، لو الناس رضوا بِدين الله لا يوجد اعتداء شعب على شعب أُمَّة على أُمَّة وقوم على قوم بِادعاء قوم أفضل وأحسن وأرقى وأعلى لما ادعى شعب أنه شعب الله المُختار مثلًا أو أرقى مِن باقي الشُعوب مثلًا بِالعكس تمامًا، الله عزَّ وجلَّ جعل الناس سواء وجعل الناس مِن طينة واحدِة مِن نفس واحِدة كما ذكر في سورة النِساء ((وخلق مِنها زوجها وبثَّ مِنها رجالًا كثيرة ونساء)) وردَّت عليها سورة الحجرات أيضًا هذا النص الكريم بِنفس المعنى ((إنَّا جعلناكُم شُعوبًا وقبائل لِتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكُم))".

واختتم الحديث الذي يقوله ويُسمَّيه التدرَّج النبوي في تقويم سُلوك البشر.

كما وألقى فضيلته الخُطبة وتناول التحدَّث عن فضل العَشر الأوائل مِن ذي الحِجَّة وأهمَّية اغتنامها والأعمال المُستحبَّ فعلها في هذه الأيَّام، وأوصى بدايةً بِتقوى الله عزَّ وجلَّ وبعد الحمد والثناء والشهادة بِالله سُبحانه وتعالى والرسول الكريم النبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلَّم قال: "في هذه الأيَّام المُباركة بِنعمةٍ أجراها الله تعالى في شرع مُحمَّدٍ عليه الصلاة والسلام وهذه النِعمة وهي كثيرة، نِعم الله علينا نحنُ المُسلِمين أكبر بِكثير مِمَّن نظُن ولكن تعالوا نتحدث في هذا اليوم المُبارك على الأيَّام التي أطلت علينا بِنورها بِبركاتها، هذه الأيَّام ليست لِأي أُمَّةٍ على وجه الأرض إلَّا لنا نحنُ المُسلِمين ولكن السُؤال هل نحنُ نعي قيمتِها؟، هل نحن نستغل بركتها؟ تعالوا نرى ذلك".

وأضاف: "نحنُ على أبواب أيَّام العشر مِن ذي الحِجَّة بعد أن أوشك شهر ذي القِعدة على الرحيل وهذه العَشر لها مِن المزايا ما لا يتوفر لِغيرها مِن الأيَّام، يكفينا فخرًا أنَّ الله تعالى قد أقسم بِها فقال في سورة الفجر ((والفجر وليالٍ عشر)) عندما سئل العباس ما هن العشر التي أقسم الله بِها؟ قال العشر مِن ذي الحِجَّة، يكفي هذه الأيام أنَّ الله تعالى ذكرها في القُرآن في أكثر مِن موضع، عندما شاء الله تعالى أن يُكلَّم موسى ابن عمران أمره أن يصوم 30 يومًا والصيام هو طُهرة لِلصائم بِالجسم الروح والقلب وبِالفكر حتى يُهيئاه قلبَّيًا ونفسيًا لِخطاب الله، وعندما صام موسى 30 يومًا حان موعد التكليم فأفطر أراد أن يُحلَّي فمه يُطيَّب فمه، الصائم له رائحة الخلوف كما سمَّاها النبي عليه الصلاة والسلام فقال الله له (يا موسى وعزَّتي وجلالي لخلوف فم الصائم عندي أطيب مِن ريح المسك) وطلب منه أن يصوم 10 أيام أيضًا وهي العَشر الأوائل مِن ذي الحِجَّة، الله أراد أن يربط بيننا نحنُ المُسلِمين وبين موسى عليه السلام لعل قومه يعرفون قيمتنا ويعرفون أنَّ هذه الأُمَّة لها صيت لها هيبة وإن تعثَّرت حالها إلَّا أنَّها ستُرفع هامتها وسيعلو شأنها شاء مَن شاء وأبى مَن أبى بِإذن الله".

وذكر ما يستحبَّ لِلمُسلِم فعله مِن التكبير والتهليل والتسبيح والصِيَّام لاسيما إنفاق الصدقات على الفُقراء وصِلة الأرحام، وتابع: "يكفي هذه الأيَّام العشرة النبي عليه الصلاة والسلام مجَّدها وقال (ما مِن أيَّام فيها العمل الصالح أحبَّ إلى الله بِمثل هذه الأيَّام) يُضاعف فيها الأجر يُضاعف فيها الحسنات والحبيب يوصي، فأكثروا فيها مِن ذِكر الله والدُعاء والاستغفار وصِلة الأرحام، هذه الأيام لم تؤتى إلَّا لنا، يكفي هذه الأيَّام فخرًا أنَّ الله عزَّ وجلَّ جمع في هذه الأيَّام كُل أنواع العِبادات التي فرضها على المُسلِمين، يوجد بِها صلاة ومُستحبَّ صيامها وفيها صدقات مُستحبَّة الصدقة فيها يُضاعف الأجر الحجَّ لا يُمكن أن يكون إلَّا فيها ((واذكروا الله في أيامٍ معلومات)) هذه الأيام المعلومات هي أيَّام الحجَّ، كرَّم الله هذه الأيَّام بِمكرُمة، فريضة الحجَّ هي ذروة سماح الإسلام كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (إنَّ الله فرض عليكم الحجَّ فحُجَّوا) قال رجُل (في كُل عام) فأعرض النبي، يبقى أن يسأل قال (لو قلت نعم ما استطعتم)".

وأشار أنَّ هذه الأيَّام فيها رحمة فيها سكينة فيها طُمأنينة فيها حجَّة الوداع فيها خُطبة الوداع التي يوجد بِها معاني الإسلام كما قال الإمام الشافعي (إنَّ خُطبة الوداع لخَّصت الدين كُله لِمَن كانَ عاقِلًا) مما ينبغي على كُل البشرية أن تسمعها وتتعلم مِنها.

وبيَّنَ المُسلم كيف يُعامِل المسلم اليوم، واختتم: "العشر مِن ذي الحِجَّة يكفيها فخرًا لَعلَّ تِلك المعاني تتجذَّر فينا، هذه العَشر والشهر كُله ذي الحِجَّة مِن أشهر الحُرُم وما هي ولِماذا سُميَّت؟ حتى قبل الإسلام فأقرها الإسلام ما يدور في العالم مِن كوارث احترامًا للأيَّام المُباركة والأشهر الحُرُم وأن نعود إلى الجاهلية، هذه الأشهُر الأربعة وهذه الأيام العشرة فيها يوم النحر أيضًا فيها يوم عرفة أحبَّ الأيَّام إلى الله، نجعل هذه والعشرة وما فيها وما يليها عيدًا لنا عيد محبَّة عيد صِلة أرحام عيد تآلُف تكاتُف تعاطُف".
ودعا الله أن يتقبل مِن حُجاج بيت الله الحرام ويعودوا سالمين غانمين. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]