تحدثت مصادر مطلعة لـ"الميادين نت"، أنه "منذ أن وقعت محافظة الرقة وريفها تحت سيطرة داعش، أزال التنظيم جميع أجهزة الإرسال والاتصال في المحافظة، وأوقف خدمات شركتيّ Syriatel و MTN، وذلك لعدم منح وزارة الاتصالات السورية فرصة التنصت على المكالمات الهاتفية، الخلوية والثابتة، التي يجريها عناصر التنظيم وعملاؤهم، ما يوفر الأمان لهم بشكل نسبي، خاصةً وأنهم ملاحقون من قبل أجهزة استخبارات عالمية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا، وغيرها من الدول الاقليمية، وتنظيمات مسلحة تشارك رسمياً في الحرب الدائرة في مختلف المحافظات السورية".

وتشير المصادر إلى أن عناصر داعش "داهموا أخيراً منازل المدنيين الذين توفرت لديهم هواتف خلوية من نوع "ثريا" تعمل عبر الأقمار الاصطناعية من موقع ثابت، حصلوا عليها من خلال المساعدات الأميركية التي رمتها الطائرات للجماعات المسلحة السورية بهدف تشجيعها على محاربة الإرهاب، فوقعت في أيادي المدنيين وعناصر التنظيم، عقب معارك شرسة ودموية مع فصائل مسلحة أخرى".

وتؤكد المصادر أن عناصر داعش "نشروا منذ أن أحكموا سيطرتهم على الرقة، أجهزة تشويش على جوانب الطريق تحجب الاتصالات وتعطل حركتها، لافتةً الانتباه إلى أن الهدف من هذه الأجهزة هو "منع استهداف مواكب التنظيم بالعبوات الناسفة، يمكن التحكم بها وتفجيرها عن بعد بواسطة اتصالات لاسلكية، إضافة إلى إبطال مفعول قنابل تُنقل وتُحمل بسهولة، ويمكن تصميمها على هيئة صندوق، لوضعها في مراكز تابعة للتنظيم داخل شقق سكنية، بغية القيام بعمل تخريبيّ ضخم".

وفي منتصف تموز/ يوليو الماضي، فاجأ "داعش" سكان الرقة بقرار إيقاف معظم الخدمات المتوفرة عبر الإنترنت، موجهاً صفعة جديدة لأهالي المدينة التي لم يتبق لديهم إلا هذه القناة للتواصل مع أبنائهم خارج المحافظة والبلاد، فأبقى على تطبيق الـ"واتساب"، يُستخدم من شريحة تحمل رقماً تركياً أو دولياً، ويباع في محلات الإنترنت، كوسيلة تواصل واحدة للمقيمين داخل الرقة وخارجها.
وأزال تنظيم "داعش" خطوط الشبكة العنكبوتية من الأحياء وسطوح المنازل السكنية، حاصراً استخدام الإنترنت في المحال المرخصة من قبله. وفرض شروطاً على أصحاب المحلات الالتزام بها، ليتاح لهم العمل. ومن ضمن الشروط المعلنة، كتابة أسماء وأعمار أقارب المتصلين المتواجدين في تركيا، "بهدف تجنيدهم للعمل لصالح التنظيم"، وفق ما أشارت المصادر ذاتها لـ"الميادين نت"، وتابعت: "إضافة إلى وجود قسم نسائي للاتصالات تقوم بإدارته إمرأة لدواعٍ شرعية وأمنية، بحيث تعاين الهواتف المحمولة لدى النساء بعد أن تنتهي من محادثاتها، للتأكد من عدم وجود أمور تغالط الضوابط الدينية، أو معلومات نشرتها عبر هاتفها الذكي تتعلق بداعش".

وحول هذه القيود التي فرضها التنظيم، يقول أحد اللاجئين السوريين، الذي لم يشأ الكشف عن هويته، لكونه دخل أخيراً خلسة إلى الأراضي اللبنانية عبر مهربين لبنانيين إن "داعش اتخذت هذه الاحتياطات الأمنية لتمنع فضح أفعالها عبر العالم الفضائي من قبل مستخدميه بالصوت والصورة"، معتقداً أن "القرارات الأخيرة التي صدرت عن التنظيم، تمنع المخبرين لصالح الحكومة السورية وغيرها من الإبلاغ عن مقراته وأماكن انتشار عناصره، على اعتبار أنه يعتمد أسلوب العصابات في الحرب".

ويكشف لاجئ سوري آخر، هو أيضاً فضّلأ عدم الكشف عن باسمه، بعيد خروجه من بلدته في الرقة منذ قرابة الشهريْن من دون إذن من داعش، أن "عناصر التنظيم وفي إطار جولتهم بما بعرف بالحسبة، يجولون بين فترة وأخرى على محال الإنترنت، ويطّلعون عبر برامج ووسائل فنيّة على المحادثات الخطية والصوتية التي أجراها المستخدم، وفي حال اتضحت شبهات حوله في عمله ضد داعش، يُصار إلى اعتقاله وإحالته إلى السلطات القضائية المختصة"، لافتاً الانتباه إلى أن "هذه الإجراءات شملت المدنيين وعناصر داعش وعائلاتهم على حدٍ سواء، لأن عدد الهاربين والمنشقين عن التنظيم المتطرف ارتفع في الفترة الأخيرة".وكان تنظيم "داعش" قد فرض سيطرته على الرقة في منتصف كانون الثاني من العام 2014، بعد خوضه معارك شرسة مع المجموعات المسلحة واختراقه صفوفها، إضافة إلى محاصرة مواقعها ومقراتها من شمال حلب حتى مدينة الرقة، وصولاً إلى المسلحين من مختلف الفصائل من الأماكن التي سيطروا عليها.

وتعتبر الرقة أول محافظة سورية خرجت عن سيطرة الحكومة منذ بداية الأزمة في سوريا في أذار العام 2011، إذ انسحبت منها "جبهة النصرة" وعناصر "الجيش السوري الحر"، بعد حملة من الاعتقالات والتعذيب والإعدام قام بها داعش طاولت ناشطين وإعلاميين في المدينة.

 

المصدر: الميادين

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]