احتفالا بعيد انتقال مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع حشد من المؤمنين تجمّعوا في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة استهلها بالقول يصف الإنجيل الذي نقرؤه في عيد انتقال مريم إلى السماء اللقاء بين مريم ونسيبتها أليصابات ويسلّط الضوء على أن مريم: "قَامَت ومَضَت مُسرِعَةً إِلى الجَبَل إِلى مَدينةٍ في يَهوذا" (الآية 39). في تلك الأيام أسرعت مريم إلى مدينة صغيرة بالقرب من أورشليم لتلتقي بأليصابات. واليوم نتأمّلها في مسيرتها نحو أورشليم السماويّة لتلتقي أخيرًا وجه الآب وترى مجدّدًا وجه ابنها يسوع. لقد سارت لمرات عديدة خلال حياتها الأرضية مناطق جبليّة حتى مرحلة الجلجلة الأليمة التي ترتبط بسرّ آلام المسيح والآن نراها تصل إلى جبل الله، "مُلتَحِفَةً بِالشَّمس، والقَمَرُ تَحتَ قَدَمَيها، وعلى رَأسِها إِكْليلٌ مِنِ اثَني عَشَرَ كَوكبًا" – كما يقول لنا سفر الرؤيا – ونراها تعبر أعتاب الوطن السماوي.
تابع البابا فرنسيس يقول لقد كانت أوّل من آمن بابن الله وهي الأولى التي انتقلت إلى السماء بالنفس والجسد. كانت أول من قبلت يسوع وحملته بين ذراعيها عندما كان طفلاً وهي الأولى التي يقبلها بين ذراعيه بعد أن دخلت ملكوت الله الأزلي. مريم، الشابة المتواضعة والبسيطة من قرية صغيرة من ضواحي الإمبراطورية، قبلها الله في الأبدية بالقرب من عرش الابن لأنها قبلت الإنجيل وعاشته. وهكذا يخلع الرب الأَقوِياءَ عنِ العُروش ويرفع الوُضَعاء.
أضاف الأب الأقدس يقول إن انتقال مريم هو سرّ كبير ويطال كل شخص منّا ويطال مستقبلنا. في الواقع إن مريم تسبقنا في الدرب التي سار عليها جميع الذين، ومن خلال المعموديّة، ربطوا حياتهم بيسوع، على مثال مريم التي ربطت حياتها به. إن عيد اليوم يجعلنا ننظر إلى السماء ويُعلن "سماء جديدة وأرضًا جديدة" بانتصار المسيح القائم على الموت وانهزام الشرّير بشكل نهائيّ. وبالتالي يصبح ابتهاج ابنة الجليل المتواضعة، والذي تعبّر عنه في نشيدها، نشيدًا للبشريّة بأسرها التي تفرح برؤية الرب الذي ينحني على جميع الرجال والنساء والخلائق المتواضعة ليحملهم معه إلى السماء.
تابع البابا فرنسيس يقول يحملنا نشيد مريم أيضًا للتفكير بحالات أليمة حاليّة، وبشكل خاص حالات النساء اللواتي يرزحن تحت ثقل الحياة ومأساة العنف، النساء اللواتي يستعبدهنَّ تسلُّط المقتدرين، والطفلات اللواتي يُجبَرن على القيام بأعمال غير إنسانيّة والنساء اللواتي يُجبَرن على الاستسلام بالجسد والروح لجشع الرجال. لتصل إليهنَّ، بأسرع وقت ممكن، بداية حياة سلام وعدالة وحب في انتظار اليوم الذي سيُشعرن فيه بقبضة يدَين لا تُهينهُنَّ بل ترفَعهنَّ بحنان وتقودهنَّ إلى السماء. مريم امرأة قد تألّمت كثيرًا في حياتها وهي تجعلنا نفكّر بهؤلاء النساء اللواتي يتألّمنَ كثيرًا. لنطلب من الرب أن يقودهنَّ بيديه على درب الحياة ويحرّرهنَّ من هذه العبوديات. وخلص البابا فرنسيس إلى القول: والآن نتوجّه بثقة إلى مريم، سلطانة السماء العذبة ونطلب منها: أعطنا أيام سلام واسهري على مسيرتنا واجعلينا نرى ابنك يملؤنا فرح السماء!
[email protected]
أضف تعليق