توجه أمس البابا فرنسيس إلى القصر الرياضي في كراكوفيا حيث كان له لقاء مع متطوعي اليوم العالمي الـ31 للشباب ويُقدر عددهم بعشرين ألف شاب وشابة ساهموا في التحضير لهذا الحدث الكنسي الهام وتنظيمه. ألقى البابا خطابا شكر في مستهله الشبان والشابات على عملهم التطوعي وعلى شهادة الإيمان التي قدموها، وعلى الوحدة بين العديد من الأشخاص القادمين من مختلف أنحاء العالم. وأكد أنه يدرك الكم الهائل من التحضيرات التي تتطلبها هذا الحدث وعبر عن امتنانه لكل من رفعوا الصلوات على نية نجاح اليوم العالمي للشباب، خاصا بالذكر أيضا الكهنة والرهبان والراهبات الذين رافقوا هؤلاء المتطوعين. ووصف الشبان والشابات بـ"أمل المستقبل"، مشددا في هذا السياق على ضرورة عدم التخلي عن الذاكرة وهذا يتطلب تعزيز الروابط مع الوالدين والأجداد كي نأخذ منهم الشعلة لأنهم يشكلون حكمة الشعوب.
وقد سلم البابا المتطوعين خطابا كان قد أعده للمناسبة وأكد فيه أنه شعر بالرغبة في اللقاء مع المتطوعين قبل عودته إلى روما كي يوجه كلمة شكر إلى كل فرد منهم. وشكرهم أيضا على شهادة الإيمان التي قدموها وعلامة الوحدة التي جمعت بين متطوعين قدموا من مختلف أنحاء العالم لافتا إلى أنها علامة رجاء بالنسبة للكنيسة والعالم.
بعدها تطرق البابا إلى الحديث عن صورة العذراء العجائبية "كالواريا زبرزيدوفسكا" العزيزة جدا على قلب البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وقال إنه يرى في هذه الصورة أيقونة التطوع المسيحي، وهي يتقدم لنا أفكارا ثلاث: الإصغاء والقرار والعمل. وأشار البابا في هذا السياق إلى أن مريم انطلقت في رحلة سفر بعد أن سمعت الملاك جبرائيل يخبرها عن حمْل نسيبتها أليصابات. وهذا يعني أن مريم عرفت كيف تصغي إلى الله بانتباه وجهوزية تامَّين. وحث البابا الشبان على التفكير بما يبعد انتباههم عن الله والآخرين مذكرا الجميع بأن الرب يقف على بابنا ويقرع الباب، وهو يضع العلامات على دروبنا ويدعونا لقراءة هذه العلامات في ضوء الإنجيل.
هذا ثم لفت إلى أن مريم اتخذت قرارا بعد أن استمعت لكلمات الملاك، فقالت له "أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك". وأكد البابا أنه يصعب علينا أحيانا أن نتخذ القرارات في حياتنا اليومية وقد نميل إلى إرجاء اتخاذ القرارات ونترك الآخرين يقررون نيابة عنا، أو نسير مع التيار. إننا ندرك ما يجب أن نقوم به لكن لا نتمتع بالشجاعة الكافية لأن الأمر يقتضي السير بعكس التيار. وأكد البابا أيضا أن مريم بادرت إلى العمل، فقد "ذهبت مسرعة" إلى نسيبتها، فهي لم تماطل ولم تتردد، بل ذهبت مسرعة لأنها حملت في داخلها كلمة الله! وقد زارت أليصابات لتساعدها وتخدمها، وقد استقبلتها نسيبتها قائلة لها "من أين لي أن تأتي إلي أم ربي" إذ إن الروح القدس حرك في داخلها مشاعر الإيمان والفرح، وقد أدى هذا الأمر إلى ارتكاض الجنين في بطنها.
تابع البابا خطابه إلى المتطوعين مذكرا إياهم بأن كل خدمة يقومون بها مهمة، مهما كانت صغيرة وبسيطة. ومعنى هذه الخدمة الأسمى هو الانفتاح على حضور الرب يسوع: إنها خبرة المحبة الآتية من العلى والتي تجعلنا نسير إلى الأمام وتملأنا فرحا. وأكد البابا فرنسيس في هذا الإطار أن متطوع اليوم العالمي للشباب ليس مجرد "عامل" إنما هو أيضا مبشّر بالإنجيل، لأن الكنيسة موجودة وتعمل كي تبشر بالإنجيل.
هذا ثم لفت البابا إلى أن القديسة مريم وبعد أن قدمّت خدمتها لنسيبتها أليصابات عادت إلى بيتها في الناصرة. لقد عادت ببساطة وخفة تماما كما جاءت إليها. وتوجه فرنسيس إلى المتطوعين قائلا لهم إنهم لن يشاهدوا ثمار العمل الذي قاموا به في كراكوفيا أو خلال عمليات "التوأمة" إذ سيكتشف الآخرون هذه الثمار في حياتهم وسيبتهجون ويفرحون بها. وهذه هي مجانية المحبة، والله يعرف تماما تفانيكم والتزامكم وسخاءكم، وهو سيكافئكم على كل ما فعلتموه لهذه الكنيسة الفتية التي التأمت على مدى الأيام الماضية في كراكوفيا والتقت بالبابا. في الختام سأل البابا متطوعي اليوم العالمي الـ31 للشباب أن يصلوا من أجله.
[email protected]
أضف تعليق