وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إقرار الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي قانونا يقيد عمل المنظمات غير الحكومية، التي تتلقى مساعدات أجنبية، بأنه "نكسة لحرية تكوين الجمعيات في إسرائيل".
وقالت المنظمة، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، إن "القانون الإسرائيلي الجديد الذي يضبط عمل المنظمات غير الحكومية، يستهدف المنظمات الحقوقية والجماعات التي تنتقد الحكومة، ويطلب القانون منها تقديم تقارير مرهقة حول التبرعات المقدمة لها من حكومات أجنبية".
وأضافت، أن "القانون مكتوب بطريقة تُعفي منظمات داعمة للسياسات الحكومية والنشاطات الاستيطانية، وتتلقى تبرعات من جهات خاصة أجنبية، وإنه يشكل نكسة لحرية تأطير الجمعيات في إسرائيل".
وفي هذا الصدد قالت ساري بشي، مديرة مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن "القانون الجديد يستهدف مجموعات ومنظمات سياسية تُعنى بحقوق الإنسان وتنتقد الحكومة الحالية".
ريم عامر: نضالنا ليس إفتراضيًا
وأنضم إلى "هيومن رايتس ووتش" عددٌ من المنظمات اليسارية الإسرائيلية، حيث قالت في هذا السياق ريم عامر، مديرة "تحالف نساء للسلام" المُستهدفة بشكل مباشر من القانون: المصادقة على القانون لم تكن مفاجئة لي، على العكس فهي متوقعة جدًا في ظل الحكومة اليمينية الحاليّة وغياب أي أفق لتسوية سياسية.
وأضافت: لربما حان الوقت ان ننظر إلى القانون بعين إيجابية، هو فعلا يحد من حركة الممولين، ويدفعهم إلى تفضيل اجندات معينة، قد تتماشى مع سياسة الحكومة على أجندات أخرى، مثل تلك المناهضة إلى الإحتلال، لكن في المقابل علينا الا ننسى أنّ هذا لا يحد من النضال، حان الوقت أن نقود نضالنا العادل بدون تمويل، الخروج إلى الشوارع ورفض الإحتلال لا يحتاج إلى حفنة من الدولارات، ونضالنا ليس افتراضيًا وعلى شاشات الحاسوب فقط، الخروج إلى مظاهرة يحتاج إلى قناعة بعدل قضيتنا وعدة لافتات.
وقالت: مؤسف جدًا أنّ شعب عانى من الوصم (القصد وصم اليهود بالأرقام ايام النازية) والنازية يعمل على وصم الجمعيات في الكنيست ودفعها إلى حمل شارات عنصرية إلا أنّ هذا يكشف مدى قبح إسرائيل عالميًا ويضعها في مأزق جدي بتسويق ذاتها.
سريت ميخائيلي: لن يؤثر على نضالنا
اما سريت ميخائيلي، الناطقة بلسان بتسليم، فقالت لـ "بكرا" بدورها معقبةً: هذا القانون لن يحرك أي شيء، من الواضح أنّ القانون شُرعن لتحقير وإذلال المؤسسات اليسارية، لكن علينا ألا ننسى، انّ نضالنا غير منوط بتمويل، هو بدافع حق، وسنستمر في مناهضة الإحتلال حتى زواله.
وأوضحت ميخائيلي: هذا القانون يفضح ديمقراطية إسرائيل ويقلل من الفجوة ما بين الإنتهاكات غير الديمقراطية في المناطق المحتلة وفي إسرائيل، فهو يعكس مدى تعامل الحكومة غير الديمقراطيّ مع مؤسسات اليسار ومع المواطنين العرب.
وقالت: هذا القانون لا يخلي مسؤولية الأسرة الدولية، ومن المُغالط اعتباره كذلك، فهي شريكة ايضًا في الإحتلال والإحتلال ليس شأنًا إسرائيليًا داخليًا، لذا على الأسرة الدولية أن تقوم بواجبها ضد هذا الإحتلال المقيت.
شارون ابراهام-فايس: القانون لا يتعلق بالشفافية
بدورها قالت شارون ابراهام- فايس، مديرة جمعية حقوق المواطن في تعقيبها لـ "بكرا": لا شك أنّ قانون الجمعيات شرعن للمس بديمقراطية إسرائيل والمؤسسات الحاملة لأجندات تختلف عن هذه التي تحرك الإئتلاف الحاليّ. فعليًا الحديث عن قانون يوصم المؤسسات والهدف الحقيقي منه، وفق المبادرون له، نزع الشرعية عن الجمعيات التي لا تتماشى اجنداتها مع اجندة اليمين الإسرائيلي.
وأضافت: من المعروف أن هنالك شفافية كبيرة في مصادر تمويل الجمعيات، وخاصة التمويل الذي يصل من دول. عليه القانون لا يهدف إلى رفع مستوى الشفافية بقدر المس بمصادر التمويل ووصمها أنها معادية للدولة.
وأوضحت: هذا القانون يُعد مسًا سافرًا بحرية التعبير والتنظيم، علمًا أنه يتوجب على النظام الديمقراطيّ احتواء كافة الأصوات، والحقيقة أن التعديل الحالي، مما يعني شطب حمل الشارة في الكنيست، لا تلغي مدى بؤس القانون، فكفى انه مدرج ضمن قوانين إسرائيل.
وأختتمت ابراهام-فايس بالقول: هذا القانون يدرج ضمن سلسلىة من القوانين العنصرية والتي تحد من حرية التعبير والتنظيم السياسي، عوضًا عن فتح نقاش ونافذة حوار هنالك من يحاول أسكاتنا واسكات الأصوات النقدية. نأمل الا يعمل هذا القانون على اسكات كلمة الحق ونشاطنا حتى سنستمر في الحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية.
عن القانون
وكان قد أقر الكنيست، مساء أول أمس الاثنين، بأغلبية 57 نائبا، مقابل معارضة 48 عضوا، مشروع قانون يطلب من المنظمات غير الحكومية، التي تتلقى أكثر من نصف دخلها من الحكومات الأجنبية، الإبلاغ عن هذه الحقيقة في كل عام إلى مسجل المنظمات في وزارة العدل، الذي يقوم بدوره بنشر قائمة بأسماء هذه الجمعيات.
كما يطلب القانون المنظمات الموجودة على القائمة الإشارة إلى هذه الحقيقة على مواقعها الإلكترونية طوال العام، والإشارة إلى تلقيها دعما أجنبيا أيضا، في أي مطبوعات تتعلق بها ويتم توزيعها على الجمهور، وكذلك في اتصالاتها مع الموظفين العموميين والمسؤولين المنتخبين، بحسب بيان صادر عن البرلمان الإسرائيلي اليوم.
والمنظمات المستهدفة من القانون الإسرائيلي، تدافع عادة عن حقوق الفلسطينيين، وترصد انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وعادة ما يواجه سلوك هذه المنظمات انتقادات من أحزاب اليمين التي تهيمن على الحكومة في إسرائيل.
[email protected]
أضف تعليق