أجرى خبراء مستشفى " سوروكا" في بئر السبع بحثًا أظهر أن النساء المتدينات والمحافظات يعانين من اكتئابات ما بعد الولادة، أكثر من النساء العلمانيات غير المتدنيات.

واستمر البحث عامين، وأجري على مئتي امرأة، تم تقسيمهن إلى ثلاث فئات: نساء جئن للعلاج في مركز صحة المرأة في صناديق المرضى، نساء جئن للعلاج النهاري ( اليومي) في المستشفى نفسه، ونساء خضعن للعلاج لمدة تزيد عن خمسة أيام في قسم " الأم والجنين" في المستشفى.
وشاركت في إعداد هذا البحث مديرة التمريض في قسم النساء بالمستشفى، " فليسا برخغرود"، وقالت أن السيدات المشمولات بالبحث قد أجبن على أسئلة البحث خلال الفترة الواقعة بين الأسبوع الرابع والعشرين والرابع والثلاثين من الحمل، لمعرفة من منهن معرّضة لخطر الإصابة والمعاناة من اكتئاب ما بعد الولادة، ولمعرفة ما إذا كان التشخيص المبكر أثناء الحمل لاحتمال الإصابة بالاكتئاب كفيلاً بتخفيف حدة المعاناة من هذه الظاهرة بعد الولادة.

36% من المشمولات بالبحث- علمانيات

وقد تم توجيه النساء اللاتي تبين أنهن معرّضات للإصابة بالاكتئاب إلى الفحص ومزيد من التشخيص لدى عاملة اجتماعية وطبيب عائلة أو لدى طيب نفسي.

وعاد الباحثون إلى فحص المئتي سيدة بعد الولادة، وتبيّن أن كل سيدة كان قد ظهر أثناء الحمل أن لديها احتمال الإصابة بالإكتئاب، وتلقت العلاجات اللازمة- ظهرت عندها أعراض خفيفة من الاكتئاب، مما يدلّ على أهمية وضرورة التشخيص والعلاج المبكرين، أي قبل الولادة.
وتبين للباحثين أن النساء المتدينات والمحافظات يعانين أقل من العلمانيات من اكتئاب ما بعد الولادة: ففيما بلغت نسبة العلمانيات من بين المشمولات بالبحث 36%، وتبين أن 12% منهن فقط أصبن بالاكتئاب، بينما بلغت نسبة المحافظات 40% وقد أصيب نصفهن (50%) بالاكتئاب، وبلغت نسبة المتدينات المشمولات بالبحث 19%، وتبيّن أن اكثر من نصفهن ( 58%) قد أصبن بالاكتئاب.

ووصفت الباحثة " برخغرود " هذه المعطيات بأنها مفاجئة " لأن الأدبيات والمراجع الطبية تفيد بأن النساء اللاتي عندهن عدد كبير من الأبناء ومنشغلات معظم الوقت بأعمال وشؤون المنزل، أكثر ميلاً من غيرهن للتعرض لاكتئاب بعد الولادة، وقد يكون هذا هو السبب في أن المتدينات والمحافظات يعانين من الاكتئاب"- كما قالت.

تغييرات عاطفية

وأضافت: يمكن الافتراض أن الاكتئاب يصيب المتدينات أكثر من غيرهن لأنهن عادة ما يلجأن للاستعانة بالبيئة الاجتماعية القريبة ويفضّلنها على الجهات المختصة، مثل الطبيب النفسي أو الخبير النفسي.

ويعتقد معدو البحث بأن الأوضاع يمكن أن تكون أخفّ وأفضل لو أن كل سيدة في الثلث الأخير من حملها قد فُحصت وعولجت كما جرى للنساء المشمولات بالبحث.

وقالت الدكتوره تمار كوسيف، الخبيرة النفسية العاملة في مستشفى " سوروكا"، أن حوالي 80% من النساء يتعرضن لتغيرات عاطفية بعد الولادة، وخاصة في أول أسبوع وحتى عشرة أيام بعد الانجاب، وتظهر هذه التغيرات على شكل مزاج هابط وعصبي، وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية للطعام، واللامبالاة، وفي بعض الحالات تفكر بعضهن بالانتحار أو يظهرن عداء لطفلهن المولود!

حمل غير موغوب به!

وعمومًا، يستفاد من الأبحاث الطبية أن النساء المعرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، هنّ: نساء كن مشمولات في دائرة أخطار الحمل العالية، نساء كن قد أنجبن قبل الموعد أو أنجبن مواليد خدّج، بل وحتى نساء أنجبن توائم- وكذلك نساء يواجهن مشاكل اجتماعية مثل اللاجئات والمهاجرات وأحاديات الوالدية، والنساء الفقيرات.

وبذلك، فإن البحث الجديد يضيف أيضًا النساء المتدينات والمحافظات إلى قائمة المعرّضات لخطر الاكتئاب. وعن ذلك قالت الدكتوره " كوسيف" أن المعروف عن الدين أنه يحمي عادة من الاكتئاب والمخاوف والهواجس " لكن يبدو أن المجتمع المتديّن يشهد هو الآخر تقدمًا اجتماعيًا بحيث لم يعد ينظر إلى كل حمل على انه حمل مرغوب مع العلم أن هذا المجتمع يبدي حساسية بالغة تجاه كل ما يتعلق بالإجهاض، ولذا تنشأ أوضاع حمل غير مرغوب، الأمر الذي يسبب اكتئاب ما بعد الولادة"- على حد توصيفها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]