أمسى الحديث عن «صورة العرب أو المسلمين في الإعلام الغربي» في نظر البعض «مستهلكاً». وليس الأمر أن الموضوع لم يعد ملحّاً ـ وهو اليوم ربما حاضرٌ أكثر من أي وقتٍ مضى ـ لكنَّ الاهتمام ينصبُّ حاليّاً على زوايا أكثر جدّة وتفصيلاً، مثل صورة المسلمين عن أنفسهم حين يضعون «عدساتٍ غربيّة»، وينظرون إلى ثقافاتهم وعاداتهم بعيون الغرب. أحد الأمثلة التي يمكن سوقها على ذلك، المسلسل الكوميدي Shugs & Fats الذي يبث عبر موقع «يوتيوب».
عن مسلسل " دهن وسكر"
يعني عنوان المسلسل «دهن وسكّر» بلغة الشارع الأميركي، وتشير هنا إلى لقبَيْ شخصيّتي العمل الرئيسيّتان، وهما مسلمتان محجّبتان. يصوّر مغامرات البطلتين اللتين تعيشان في شقة مشتركة في بروكلين، وتحاولان التوفيق بين معتقداتهما الثقافية وبين نمط الحياة «الليبرالي» والمتحرر في الولايات المتحدة.
تؤدّي الممثلة الباكستانيّة نادية منصور دور Shugs. ترعرعت منصور في لندن، في كنف مجتمع مسلم، وتؤدّي هنا دور شابة عشرينيّة متحمّسة. من جهتها تؤدّي الممثلّة ذات الأصول الهنديّة راديكا فاز دور قريبتها الأربعينية فاطمة Fats، التي تمتلك أفكاراً محافظة حول الزواج، وتحاول إقناع Shugs بها.
ارتداء الحجاب في المسلسل
في الحياة الواقعية، لا ترتدي أي من الممثلتين الحجاب، إحداهن لا تدين بالإسلام أساساً، والأخرى لا تمارس الشعائر الدينية. إلا أنهن، وفي إحدى اللقاءات مع الإذاعات الأميركية، بررن ارتداء الشخصيات للحجاب، باعتباره تعبيراً عن «المحافظة التقليدية»، وهو «أداة تذكير ملموسة بالتحديات التي تواجه الشخصيات في محاولاتهن الموائمة بين معتقداتهن الروحيّة والدينيّة وبين إيقاع الحياة الغربيّة».
الموسم الثالث من المسلسل على اليوتيوب
قبل أيام، بدأ بث حلقات الموسم الثالث عبر قناة المسلسل على «يوتيوب». وفي حلقة بعنوان Girls on fire «صبايا مولعين»، تحتفل البطلتان بعيد الاستقلال الأميركي في الرابع من تموّز، بملابس بلون العلم، وبعدما اشترين كلّ ما يلزم من منتجات ومناديل ملوَّنة بالأحمر والأزرق والأبيض، استعداداً لإقامة حفلة شواء على «الطريقة الأميركية». في غمار حماسة Shugs بذكرى يوم الاستقلال، تلف نفسها بعلمٍ أميركي كبير، يصل عن طريق الخطأ إلى النار ويبدأ بالاقتراح. وفيما تحاول الشخصيتان من على شرفة شقتيهما إخماده، يظن العابرون أسفل الشارع أن هناك امرأتان محجبّتان تحرقان العلم الأميركي احتجاجاً، فيغيرون طريقهم مبتعدين.
وضمن حلقات أخرى، يتطرق العمل إلى قضايا ذات حساسيّة بالنسبة للنساء المسلمات اللواتي يعشن في المجتمعات الغربية، مثل مفهوم العذرية، والدورة الشهرية، أو ما يسمى وفق مفاهيم فاطمة «أسبوع العار» الذي يجب فيه وضع النساء في الحجر الصحي. في المقابل تحاول Shugs التحررية تذكير قريبتها أنهن في العام 2016، وأن زمن الخرافات قد ولّى. في حلقة أخرى نرى البطلتين ترتديان عباءات الرياضة، ويقررن الاستراحة على مقعد في الحديقة، حيث تصادفان رجلين يعاكسان النساء. وحين يهمّ الرجلان بالرحيل، تردّان عليهما بالمثل، وتبدآن بالتعليق على جسديهما بالطريقة ذاتها، فيهربان مبتعدَيْن.
أداء بطلتي العمل، والمبالغة في التهريج
يلحظ في أداء بطلتي العمل الكثير من التكلّف الذي يصل أحياناً حد التهريج والمبالغة في تظهير الانفعالات. يبدو الأمر كما لو أنَّهما تسخران من المسلمات، بدلاً من محاولة إيصال صورة أكثر عدلاً وتوازناً عنهن. بالرغم من أنّ حوارات البرنامج قد تسخر أحياناً وبشكلٍ عابر من بعض تنميطات المجتمع الأميركي في نظرته نحو المسلمين، إلّا أنَّ العمل في المحصّلة يبدو كما لو أنه يكرّس تلك التنميطات بدلاً من محاربتها. فهو يعمد أحياناً وبكثير من المباشرة لطرح أفكار تحررية على لسان شخصيته الشابة Shugs التي تستخدم جملاً منمقة وتحاكي معتقدات وأفكار جيل الشباب الغربي، كما لو أن لسان حالها يقول: «ليست جميع النساء المسلمات متخلفات».
تطرح حلقات العمل ككل سؤالاً حول الرسائل التي يحاول بعض المسلمين إيصالها حول أنفسهم وهويّتهم. يختصر العمل إرثاً معقّداً وغنيّاً بحجاب، وعدد من الخرافات. كما لو أنها «آلية دفاع نفسية» تقابل عداء الغرب لهذه الثقافات، بأن يقوم أصحابها أنفسهم بالسخرية منها، وتحجيمها، إرضاءً للآخر المختلف. بالعودة إلى حلقة «صبايا مولعين» مثلاً، نلحظ استماتة الشخصيات في الانصهار بالمجتمع الأمــــيركي، الذي يقابلهن بدوره بالتوجس والرفض، حتى وإن ارتدين علم البلاد من رأسهنَّ حتى أخمص أقدامهنّ.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
הנביא מומחד הנביא שלי עליו השלום ואני גאה בזה ! ואי גאה בדת האיסלאם !