يتّبع قسم كبير من المستشفيات الإسرائيليّة سياسة الفصل بين الأمّهات الوالدات العربيّات واليهوديّات وذلك بطريقة تكاد تكون منهجيّة من قبل أقسام الولادة.

وكشف تقرير بثّته الإذاعة الإسرائيليّة (ريشيت بيت) أنّ كلًّا من مستشفيات شعري تصيدق، هداسا عين كارم، هداسا هار هتسوفيم، إيخيلوف ومئير تتّبع سياسة الفصل بين العربيّات واليهوديّات في أقسام الولادة، برغم مخالفة هذه الخطوة للقانون.

ونفت إدارات المستشفيات اتّباع أقسام الولادة لسياسة فصل من هذا القبيل، إلّا أنّ محادثات أجريت مع عاملات وموظّفات في أقسام الولادة المختلفة، دلّت بشكل قاطع على وجود مثل هذه السّياسة العنصريّة، إذ صادقت موظّفات أقسام الولادة على اتّباع الفصل منهجيًّا.

وأثار خبر الفصل العنصريّ ردود فعل ساخطة، خصوصًا من المجتمع العربيّ، على مستوى المواطنين والقيادة، فعبّرت النّائبة في البرلمان الإسرائيليّ، عن القائمة المشتركة، عايدة توما-سليمان، عن استيائها الكبير وغضبها من مثل هذه السّياسات المستفزّة والعنصريّة وغير المقبولة، وأكّدت نيّتها استدعاء جلسة للجنة تعزيز مكانة المرأة في الكنيست، والتي ترأسها، وذلك بهدف طرح هذه القضيّة المقلقة وتباحث سبل معالجتها.

بدوره عّقب الائتلاف لمكافحة العنصرية على الفصل بالقول أن هذه السياسة مرفوضة وتعزز حالة التغريب والكراهية في المجتمع الإسرائيلي مؤكدًا أن الائتلاف بالتعاون مع عددٍ من المؤسسات توجه برسالة إلى وزير الصحة، يعقوب ليتسمان، مطالبًا اياه اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه السياسة العنصرية.

وحصد الكشف ردود أفعال متباينة، طغى على كثير رفض واضح لهذا النهج، باعتباره مغذي للكراهية ومعزز لسياسات الإقصاء والتهميش. في "بكرا" تحدثنا إلى بعض الحقوقيات الناشطات في المجتمع الإسرائيلي واللواتي أكدن رفضهّن لهذا النهج منضمات بذلك إلى صوت الائتلاف لمناهضة العنصرية في مطالبة وزير الصحة العمل على التحقيق ووقف هذا النهج.

فصل غير قانونيّ ويعزز حالة التغريب

المحامية روت كرمي من القسم القضائيّ للمركز الإصلاحي والائتلاف لمناهضة العنصرية قالت معقبةّ: بالذات في الجهاز الصحيّ، المشترك لكافة المواطنين والمُهتم بصحة وسلامة الإنسان، يُحظر أن تبرز ملامح العنصرية. الفصل بين النساء العربيات واليهوديات في أقسام الولادة غير قانونيّ ويتناقض مع قوانين اساس؛ حرية الإنسان والمساواة.

"عوضًا عن تحويل تجربة الولادة والتحوّل إلى أهل، وهي تجربة مشتركة لكافة النساء في القسم، إلى "مخدة" جامعة ومعززة للشراكة، قام الجهاز الصحيّ بتحويل أقسامه إلى مكان اضافي للفصل والتغريب، وأزاء هذا التصرف علينا ألا نتساهل"- قالت كرمي.

بدورها قالت د. يوليا زيملنسكي، المديرة العامة في جمعية "مورشتينو- تراثنا" لتعزيز الديمقراطية: كما لا نستطيع أن نختار طبيب وفق قوميته للإهتمام بنا، كذلك يُحظر الفصل بين المرضى على أساس قوميّ أو "لغة". هذه التفرقة تعزز حالة التغريب والعنصرية في مجتمعنا، عليه كل اعتبارات الفصل، عدا عن ذلك الطبية والصحية، يجب أن تُحظر تمامًا.

علينا أن نركز على الخطوط المشتركة

اما الناشطة الحقوقية يهوديت ستلماخ من كفار سابا فقالت: من ضمن ما كتبه عضو الكنيست بتسلئيل سموتريش كان "الحياة أقوى من كل شيء" وهنا أجد نفسي أتفق معه رغم رفضي لكل ما جاء في تصريحه على التوتير. في الواقع، النساء عادةً، سواءً يهوديات أو عربيات، يلدن برغبة تربية أطفالهن بهدوء وسكينة مع ضمان حياة سعيدة وهنيئة لهم. في الواقع، تُقدس الأمهات الحياة على الموت. في الواقع، احلامنا نحن النساء، من كل بقعة على الأرض، أن ينعم أطفالنا بعيشة جيدة في عالم جيد، دون حروبات أو كراهية، قادر على السماح لهم بالنمو، التطور والنجاح. هذه كلها مقولات هي قيم عالمية متعارف عليها، وهي ليست وليدة أي قومية أو تابعة أثنيًا أو دينيًا لأي طرف، هي قيم موحدة لنساء العالم أين كانوا.

وأضافت: من الجدير أن تقوم مؤسسات الدولة، من ضمنها المستشفيات، كما المُشرع الإسرائيلي، بينهم سموتريش، بتبني هذه المبادىء والقيم. عوضًا عن البحث عن الآخر والمختلف، أو نشر الكراهية وبثها، عليهم التركيز على الخطوط المشتركة والموحدة لنا. كما ويتوجب عليهم العمل لتعزيز فرص السلام داخل المجتمع في إسرائيل ومع جيراننا الفلسطينيين.

روابط أخوية وقاسم مشترك

المحامية طال رفيف من المركز الإصلاحيّ للدين والدولة قالت بدورها: الفصل هو مؤشر واضح للعنصرية، هو مس بالأنسان دون أي حاجة للتعبير، وهو ايضًا يقوم بدوره مذوتًا قيمًا في التمييز والتفرقة.

وأضافت: مستشفيات إسرائيل تعد المثال الأبرز والأفضل لعمل طاقم متنوع، من كل فئات المجتمع، وعندما أضطر أولادي للمكوث في أقسام الأطفال أتذكر الراوبط الأخوية التي جمعت الأهل، دون أي علاقة للقومية، وأستغرب اليوم سماع أن ذات المستشفى، هداسا عين كارم، يقوم بالفصل بين المرضى، هذا ليس لأنه المستشفى عنصريّ، إنما يرغب باستقطاب نساء حوامل للولادة من فئات عنصرية، مؤسف ومخجل، علينا أن نقتلع هذه الظاهرة من جذورها.

بدورها اختتمت المحامية افرات بودم من مركز "تمورا" الحقوقيّ بالقول لـ"بكرا": المستشفيات كحيز عام، تشكل نقطة مهمة ومثيرة للقاء مجموعات مختلفة من المجتمع، هذا لأن الولادة أو المرض قاسم مشترك لا يفصل بين المواقف السياسية، الجندرية أو القومية.

وقالت: الفصل بين النساء العربيات واليهوديات في أقسام الولادة تخسر القيمة الإضافية لخاصية وميزة هذا الحيز العام، عوضًا عن اكتشاف المحاسن في هذا التعارف المباشر، بين أشخاص لا يجمعهم سوى المرض في غرفة معينة، يقوم القيمون بالفصل بينهم وبذلك تعزيز وتطوير حالة من الكراهية والغربة.

وأوضحت: كمحامية، مؤسف جدًا أنني اضطر إلى تفسير الموضوع من الجانب القانونيّ، المسموح والممنوع، كنت آمل أن الحس الإنسانيّ والصوت العقلانيّ كفيلان بالتفسير قبل أن نصل إلى المراحل القانونية. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]