أعلنت وزارة السياحة والآثار في غزة عن اكتشاف مجموعة من الحجارة الأثرية والقطع الرخامية والفخارية في منطقة ميدان فلسطين وسط مدينة غزة أثناء القيام بأعمال حفر وتجريف في المنطقة. وأوضخ وكيل مساعد الوزارة د محمد خلة أن طواقم الوزارة توجهت الى مكان الاكتشاف لمعاينة المكتشفات التي تم استخراجها عن عمق 9 أمتار، مشيراً إلى أنه تم إجراء دراسات ومعاينات أولية من الطواقم المختصة في الوزارة، والتي بينت أن أحد تلك المكتشفات عبارة عن تاج عامود رخامي على الطراز (الكورنثي) محفور عليه زخرفة من أوراق نبات الأكانثس (أوراق نبات الخرشوف) وتتخلل الأوراق التي تزين التاج فتحات ويبلغ قطر قاعدة التاج نحو 60 سنتيمتراً؛ ما يدلل على ضخامة التاج وضخامة العامود الذي يعلوه التاج، وهذا يشير إلى ضخامة بناء المبنى الذي احتواه هذا التاج.
وأشار خلة الى أنه تم اكتشاف قطعتين حجريتين من الرخام، وهما عبارة عن قواعد لأعمدة يبلغ عرض القاعدة نحو 90 سم، ويزين واجهة أحد جوانب القاعدة رمز الصليب ذو الأذرع المتساوية والذي يسمى علمياً (بالصليب اليوناني) وهو محفور داخل دائرة، مؤكداً أن هاتين القاعدتين كانتا تحملان عامودين رخاميين ضمن مجموعة من الأعمدة الرخامية التي كانت ضمن أحد الكنائس أو الكاتدرائيات الكبرى التي بُنيت في غزة خلال العصر البيزنطي (395-636م) وتحديداً خلال القرن السادس الميلادي، حيث ازدهرت عمارة بناء الكنائس باعتبار مدينة غزة أحد المدن الرئيسة خلال العصر البيزنطي.
وأوضح أن المعاينة الميدانية لموقع الحفر بينت انتشار قطع فخارية لأواني كالجرار وأسرجة إضاءة وقوارير فخارية تعود لفترات تاريخية مختلفة كالعصر الروماني والبيزنطي كما تم العثور على قطع زجاجية كثيرة في الموقع، إضافة إلى العثور على قطع من القرميد الذي يشير إلى احتمالية أن مبنى الكنيسة كان مغطى بالقرميد كحال المباني الكنسية المعروفة في العصر البيزنطي.
وأكد أنه سيتم نقل تلك المكتشفات إلى متحف قصر الباشا لاستكمال الدراسات عليها ومن ثم ترميمها وعرضها أمام الزائرين في متحف قصر الباشا الأثري. من جهته، قال جمال أبو ريدة مدير عام وزارة السياحة والاثار "نحن نتوقع ابتداء أن يكون هذا المكان عبارة عن كاتدرائية أو كنيسة تعود لفترة الحكم البيزنطي لفلسطين". وأضاف "هذه الفترة شهدت اهتماما كبيرا من الحكم البيزنطي باقامة الكنائس في قطاع غزة".
وكانت غزة ميناء بحريا مزدهرا ابان عهد الرومان مع مزيج سكاني من اليونانيين والرومان واليهود والمصريين والفرس. وتم تدمير المعابد الوثنية في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادي وتم التوسع بشكل كبير في بناء الكنائس. وتوقف العشرات لالقاء النظر فيما كانت جرافة ومثقاب يواصلان التنقيب في ميدان فلسطين وهي منطقة تجارية مزدحمة بوسط غزة. والتقط المارة صورا ومقاطع فيديو بهواتفهم المحمولة للقطع الاثرية التي استخرجت من الموقع.
وكانت بداية الكشف يوم السبت عندما كان يمهد عمال بناء الارض لاقامة مركز تجاري. وتم استدعاء وزارة الاثار والتي عثرت على الفور على ثلاث قطع كبيرة. وعثر لاحقا على 10 قطع. وقال أبو ريدة انه ربما يجب وقف الاعداد لاقامة المركز التجاري اذا كشفت التنقيب عن مزيد من القطع. لكن لم يبد أن عمال البناء توقفوا اليوم الاثنين اذ تم استخراج أكوام كبيرة من التراب. وقال أبو ريدة ان اكتشافات عديدة ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية لكن نقص التمويل والتدريب قلل من قدرات الوزارة على استخراج المكتشفات والحفاظ عليها.
وتضم الوزارة 40 عامل حفر فقط. وقال "المكان مساحته 2000 متر مربع وبعمق عشرة أمتار وهذا يحتاج الى مئات العمال وملايين الدولارات من أجل أن نقوم بأعمال تنقيب كما يجب لكي نخرج هذه القطع الاثرية سليمة من أجل قراءة ما عليها من نصوص". ولا يبعد الموقع كثيرا عن سوق التوابل القديم في غزة بالقرب من المسجد العمري العتيق الذي أقيم قبل ألف عام وكنيسة القديس برفيريوس التي ترجع للقرن الخامس الميلادي. -
[email protected]
أضف تعليق